ليس من حق أمريكا المحاضرة على الآخرين فرئيسها مسؤول عن كارثة كورونا مثل النخبة اللبنانية عن الانفجار
نشر موقع مجلة “ذي أتلانتك” مقالا للكاتب المساهم فيه ومحرر موقع” لوفير” بنجامين ويتيز قال فيه إن المأساة التي تعرض لها لبنان مألوفة، ويعرف الأمريكيون ما تعنيه المعاناة بسبب إهمال الحكومة. وعلق في بداية المقال على ما كتبه الباحث في معهد أمريكان إنتربرايز مايكل روبن في صحيفة “واشنطن إكزامينر” “أن يعانى اللبنانيون الكثير لأسباب خارجة عن سيطرتهم وبسبب نزوات الألة السياسية لديهم هو تراجيديا” و “عندما يتخلص اللبنانيون من النخبة الفاسدة والعاجزة والثقافة السياسية التي يتصرف من خلالها الكثيرون بدون خوف من العقاب، فعندها سينتعش البلد وأهله ويحصلون على العدالة التي يستحقونها”.
وروبن محق في كلامه لأن تاريخ لبنان الحديث هو تاريخ الحكم الفاشل، من بين عدة أسباب. وكان الانفجار في وسط بيروت هو تتويج لكل هذا.
ويعلق ويتيز انه لا يدافع عن طريقة معالجة اللبنانيين للسفينة التي حملت الشحنة التي تسببت بالانفجار عندما يقول إنه ليس من حق الأمريكيين إلقاء محاضرات على بقية الدول وتذكيرها بأن خياراتها تسهم بالكوارث. و “لا أزعم أنني أفهم حجم الفشل اللبناني هنا” مشيرا إلى التقرير الذي كتبه مراسلا صحيفة “نيويورك تايمز” ديكلان وولش وأندرو هيغنز وكشفا فيه عن أصل الأزمة التي بدأت قبل 6 أعوام عندما وصلت سفينة معطوبة وتحمل 3.000 طنا من المواد القابلة للاشتعال وقاد إلى الكارثة يوم الثلاثاء. وهي نفس المادة التي أدت لتدمير المبنى الفدرالي في مدينة أوكلاهوما عام 1995. وتم نقل الشحنة في السفينة التي تخلى عنها مالكها إلى مستودع في الميناء وتركت مهملة هناك، ولم تنفع التحذيرات المتكررة للتعامل مع هذه المادة الخطرة. وكتب مدير الجمارك إلى القضاء اللبناني في أيار/مايو 2016 “بناء على الخطورة التي يمثلها الحفاظ على الشحنة في المستودع وبظروف غير مناسبة” “فإننا نكرر طلبنا لأن تقوم مؤسسة الملاحة بإعادة تصدير المواد حالا”. وعلى ما يبدو فقد كان المسؤولون حريصين على احتجاز طاقم السفينة التي عليها ديون حتى يتم دفع الفاتورة أكثر من حرصهم على سلامة الشحنة التي ستدمر لاحقا نصف بيروت. وقال كابتن السفينة لنيويورك تايمز “كانوا يريدون المال التي ندين به”.
ويعلق الكاتب ان الولايات المتحدة بالتأكيد ليست لبنان و “لا فكارثتنا لم تتكشف من خلال موجة من الهزات وسحابة مثل الفطر تذكر بانفجار قنبلة نووية، ولكنها ظهرت عبر حركة أبطأ”. ويقول إن فشل الحكم في أمريكا خلال الأشهر الماضية جلب عددا من الجثث على قاعدة أوسع من الجثث التي سيتركها انفجار بيروت. ومع أن عدد القتلى في بيروت سيزداد لكنه سيكون أبطأ من عدد الموتى هنا، في أمريكا، حيث سنظل نضيف إليه كل يوم الفا أو الفين وفي المستقبل المنظور. ويقول إن الكثير من الأمريكيين سيعزون أنفسهم أن الوضعين مختلفان، وهذا صحيح. ولكن هناك أوجه شبه تثير العصبية ومن أهمها الإهمال وفساد وعقم النخبة. وكما كتب الصحافي ويل ساليتان في مقال رائع حول طريقة معالجة الرئيس لأزمة كوفيد-19 “تعاون ترامب مع شي (جينبنغ، الرئيس الصيني) وأخفى التهديد وعرقل جهود الحكومة الأمريكية للرد وأسكت من حاولوا تحذير الرأي العام ودفع الولايات لاتخاذ مخاطر صعدت من المأساة، وهو شخصيا مسؤول عن وفاة عشرات الألاف” من الأمريكيين. وقال إن تدخل الرئيس أو إهماله أسهم “في كل مرحلة من مراحل فشل الحكومة: التحضير والتعبئة والتواصل العام والفحص والتخفيف وإعادة الفتح”.
ويضيف ويتيز أن السلطات الأمريكية: “مثل السلطات اللبنانية، حصلت على تحذيرات متعددة، تماما كما كانت السلطات اللبنانية تعرف عن السفينة التي تحمل الشحنة القاتلة التي ضربت بيروت، كان المسؤولون الأمريكيون يعرفون ما يجري في الصين. وشاهدوا ما كان يحدث في إيران وإيطاليا. ووصلت الموجة إلى شواطئنا متأخرة، مع أن الفيروس كان موجودا قبل ذلك بفترة. وعلى خلاف الإيطاليين كان لدينا الوقت الكافي للتجهيز. وحذر المسؤولون الصحيون في بلادنا مثل مسؤولي الجمارك في لبنان الذين حذروا من مخاطر إبقاء شحنة ضخمة من نترات الأمونيوم في وسط بيروت، حذروا من ثمن التواطؤ. وكنا نعرف أن تحركا فعالا كان ممكنا لأن حكومات أخرى اتخذته. وقامت حكومات أخرى بنقل نترات الأمونيوم من المدن الكبيرة، أما دونالد ترامب، فقد اختار مثل اللبنانيين ألا يفعل”.
وبطرق أخرى، يقول الكاتب إن إهمال إدارة ترامب يفوق على إهمال الحكومة اللبنانية. فالانفجار يحدث فجأة ومرة واحدة ولا فترة توقف عندما يبدأ. وبالمقارنة فالوباء يحدث على فترات. وكل يوم يقدم فرصة للإهمال أو القيادة. لكن ترامب ومنذ وصول الوباء إلى أمريكا صحا كل يوم على ما يمكن وصفه التزاما متجددا بالإهمال. وأحيانا يبدو هذا الإهمال على شكل إنكار وفي أحيان أخرى يكون على شكل تحميل الآخرين المسؤولية أو شكل نظرية المؤامرة أو التفكير الواهم والتعلل بالأماني. ولا حاجة للقيادة أثناء الانفجار ولكن هناك حاجة لها أثناء الوباء. ويقول إنه يجب مقارنة أداء الحكومة بطريقة غير محبذة مع أداء المسؤولين اللبنانيين ولسبب آخر. فلبنان يظل بلدا فقيرا ويعاني من انقسامات طائفية. وعانى من حرب طائفية قبل فترة ليست بعيدة عنا واحتلته دولتان جارتان له. وعليه التعامل أيضا مع قوى سياسية مثل حزب الله وقوى أجنبية تتدخل مثل السعودية وإيران. واستقبل مليون لاجئ سوري. هذه مبررات للبنان ولكن ما هي مبررات أمريكا؟ ويجيب أن الهتاف في لبنان كان الدعوة لتغيير النظام وربما طالب الأمريكيون بنفس الشيء لو تكشفت الكارثة بشكل خاطف ومحت وجوه المباني ودفنت الأطفال، بدلا من حدوث هذا بطريقة بطيئة وعلى مساحات واسعة وبين أناس لا نعرفهم يقيمون في بيوت الرعاية والمستشفيات والذين لن نتمكن من زيارتهم أبدا. لكن العلاج الديمقراطي متوفر، فليس بيننا وبين الانتخابات سوى ثلاثة أشهر، ويمكن للأمريكيين تفريغ غضبهم. وعلى افتراض عقد الانتخابات بدون مشاكل فلدى الأمريكيين الوسائل التي أثرت على سقوط النظام اللبناني والذي يؤكد نظامه الانتخابي على حصول كل طائفة على حصة من السلطة. وحتى لو فعل الأمريكيون بعد ثلاثة أشهر نفس الشيء وفاز جوزيف بايدن بشكل ساحق وتصرف بحزم لوقف الوباء وسيطر عليه فستحتاج الولايات المتحدة إلى وقت طويل كي تكون في موقع من يحاضر على بقية الدول حول العلاقة بين حكومة مسؤولة والتجهز للكارثة والمنع والإدارة. “لأننا تركنا أطنانا من نترات الأمونيوم في وسط المدن”.
ذي أتلانتك
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews