أيها الإسرائيليون المنافقون.. لا تتباكوا على لبنان واتركوه وشأنه
عكس وميض في التلفاز مدته بضع ثوان جوهر موقف اللبنانيين من إسرائيل. فبعد بضع ساعات على انفجار بيروت الفظيع في الأسبوع الماضي، ظهر مواطن لبناني على الشاشة وقال إنه سافر إلى الجنوب في العام 2006، وبدأ على الفور بمقارنة أبعاد الدمار هناك بعد ثلاثين يوماً على القصف الإسرائيلي مع أبعاد الدمار الحالي في بيروت.
هكذا يرى اللبنانيون إسرائيل، وهكذا يرى العرب إسرائيل: معيار للدمار والقتل والطرد والتعالي والقوة العمياء. مع ذلك، لإسرائيل الرسمية وقاحة للركوب على موجة التضامن مع الشعب اللبناني؛ بالذات بني غانتس، الشخص الذي يتفاخر بقتل 1364 شخصاً في غزة (إرهابيين بلُغته) يتصرف وكأنه عُيّن وريثاً شرعياً للأم تريزا، ويعرض “بالفم المليان” مساعدة إسرائيل للبنانيين.
أضاء رئيس بلدية تل أبيب، رون خولدائي، في هذه الأثناء، مبنى البلدية بألوان علم لبنان. آمل ألا يشاهد أحد من اللبنانيين الذين دمرت بيوتهم هذا المشهد، لأن هذا الضوء سيعمي أعينهم. يتحدث الفولكلور العربي عن عصفور مسكين سقط في حضن قط، فقال القط للعصفور “ليحفظك الله”. وأجاب العصفور الخائف: “إذا بقيت على قيد الحياة، ألف شكر لله”. يا قادة إسرائيل الرسمية، إذا تركتم لبنان وشأنه فألف شكر لكم، ولله.
لا داعي للقلق، فالمشهد ما زال في بدايته. تجري الآن معركة نفاق بين مؤيدي إضاءة مبنى البلدية والمتطرفين الذين يعارضون ذلك. في نهاية المطاف، سيتعانق الصقور ويدينون نظرة اللبنانيين المعادية لليد الإسرائيلية الممدودة إليهم، ويديرون أعينهم لمشاهد الرفض العربي المزمن، وقد يقولون إن العرب –كالعادة- لا يفوتون أي فرصة لتفويت الفرص. وكما هو معروف، شعارات الأسبرين هذه تطهر الضمير أكثر بألف مرة من الـ “الكو جيل” المعقم.
يشعر الإسرائيليون بالخيانة من رد اللبنانيين، وكأنهم أغرقوا أسواق بيروت بالورود وليس بالقذائف. وكأن قوافل مئات آلاف اللاجئين الذين أغرقوا لبنان في العام 1948 وبعد بضع سنوات، موجات الفلسطينيين من الجنوب نحو بيروت.. وكأن هؤلاء جاءوا من قبرص وليس من الجار المحبوب. بيديها هزت إسرائيل المجتمع اللبناني، الممزق أصلاً، اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً. وتقول إسرائيل للبنانيين، مهمتنا هي الطرد، ومهمة الشفاء، المستحيلة تقريباً، ملقاة علينا.
وتبكي إسرائيل، الآن، على المصير المر الذي لحق بلبنان بسبب حزب الله، لكنها هي التي عززت مكانة حزب الله. لو لم يكن هناك احتلال استمر عشرين سنة لكان حزب الله الآن حزباً لبنانياً عادياً تماماً. وتواصل إسرائيل حتى هذه اللحظة الحفاظ على قوته، عندما تطلق مزيداً من التهديدات على لبنان، وتصريحات منفلتة العقال لجهات يمينية متطرفة بتدمير البنى التحتية في الدولة.
في هذه الأثناء، ثمة نوع جديد من الزعماء الذين لديهم تطلعات غير مفهومة ليكونوا محبوبين من جميع الكائنات، يصفعونك صفعة مدوية، وبعد ذلك يغضبون منك لأنك تطلق تأوهاً يعبر عن الألم. بالنسبة لهم، هذه لاسامية في تجسدها. يطردونك من بيتك ويريدون منك الاحتفال بيوم الاستقلال، أي يوم طردك، بصوت سعيد ومسرور. وإذا لم تكن على وجهك ابتسامة كبيرة، فهذا يعني أنك تسعى إلى تقويض وجود دولة إسرائيل.
إن اريئيل شارون، الذي ارتبط اسمه بمذبحة صبرا وشاتيلا، وقبل ذلك بمذبحة قبية، أذاب قلب صديقنا المحبوب جدعون ليفي عندما أبلغه كيف كان يحضر لزوجته ليلي في كل صباح عنقود عنف مباشرة وهي في السرير (“هآرتس”، 31/7). نعم! هذا الشخص الذي اسمه يرتبط بعدد لا يحصى من الأحداث الدموية ضد العرب، كان شخصاً رومانسياً جداً.
شارون هو الممثل المطلق لسلالة القادة هؤلاء، الذين يريدون -رغم كل الفظائع التي ارتبطت بأسمائهم- أن يكونوا من عمالقة الروح والإنسانية. هذا لا يستقيم.
هآرتس
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews