Date : 29,03,2024, Time : 01:01:54 PM
4189 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الثلاثاء 21 ذو الحجة 1441هـ - 11 أغسطس 2020م 12:50 ص

انتفاضة اللبنانيين.. مطالب مشروعة وعقبات موضوعية

انتفاضة اللبنانيين.. مطالب مشروعة وعقبات موضوعية
عدلي صادق

لم يكن المنصفون في الإقليم والعالم، قد أنكروا على شعب لبنان حقه في المطالبة بإسقاط الطبقة السياسية بكل ألوانها وعناوينها. وعلى قدر ما في شعارات المطالبة بالإسقاط، من الرومانسية المتخطية للأجوبة عن أسئلة هذا الإسقاط، إلا أنها ستظل تحافظ على وجاهتها، إلى ما بعد سقوط الحكومة أو سقوط البرلمان.

بعدئذ يفرض السؤال الشهير نفسه ويتداعى: ما العمل؟ وكيف يمكن أن يولد أو يصعد صف سياسي جديد، مستقل ونزيه وديمقراطي ولا طائفي لكي يتسلم الحكم، ويصحح، ويبدأ أولى الخطوات في اتجاه الطموحات؟

مثل هذه الصيغ من الأسئلة، تُرهق عقول الشعوب الرازحة تحت سلطات استبدادية أو أشكال من الدولة، قامت أساسا مخالفة لنظريات الدولة ومرجعياتها الفكرية، لاسيما وأن صانعي البلاء، في أي بلد ذي سلطات مستبدة أو نظام طائفي، يستبقون أفاعيلهم، بوضع السدود أمام الأجوبة عن أسئلة البدائل، إذ يحسبون ويتخذون تدابيرهم مبكرا، لجعل أجوبتها مستحيلة أو شديدة الصعوبة.

فهم يواظبون على احتواء السياسة، وتجريف المجتمع مما يتبقى منها، بوسائل الخنق والتصفية والإقصاء والتهميش. أو إشهار البطاقة الحمراء، لنزع الأهلية والجدارة عن وافدين جدد بأفكار جديدة. وهم أيضا يحاذرون من أي بؤر خارجة عن الولاءات المعتمدة، ويحرصون على التراضي في ما بينهم، باقتسام الصلاحيات الموصولة بالمال وبخطوط التربح، إن لم يكن لديهم الزعيم الذي تنحني له كل الهامات!

الطبقة السياسية، هي المتوافقون موضوعيا على طبائع اللعبة في السياسة الداخلية، حسب طبيعة كل بلد، ووفقا لنطاق التنوع في المجتمع. ولا تترك هذه الطبقة، أي هوامش لغيرها. معنى ذلك أن ما يطالب به شعب لبنان، لا تكفيه عملية تاريخية واحدة، لتغيير طبقته السياسية وإحلال طبقة جديدة مكانها.

فمنذ أن اندلعت ثورة الشارع اللبناني، أو منذ أن بدأت إرهاصات الثورة، مع الأزمة الاقتصادية، ومع إعلان الحكومة في أكتوبر 2019 عن خطط لفرض المزيد من الضرائب على البنزين والتبغ، إضافة إلى استحداث ضريبة على استخدام تطبيقات المكالمات الهاتفية عبر الإنترنت، لاسيما تطبيق “واتسآب”، سُمع الهدير الشعبي المطالب باستعادة الأموال المنهوبة، وفي محاذاة ذلك الهدير، كان هناك سيل من الأسئلة المرهقة: مَنْ يستعيد أموال مَنْ؟ وكيف؟ وفي ظل أي نظام، أو بشفاعة أي قوة؟

اللبنانيون في الحقيقة، يواجهون في هذه اللحظات، نظاما عجيبا وإعجازيا في قدرته على البقاء. فهو، ببعض طبائعه، ينتج الأزمة تلو الأخرى، وهو نفسه الذي يقدم الحلول لكل أزمة، مستعينا بالبعض الآخر من هذه الطبائع.

صحيح هذه المرة، لم تجد نفعا معالجة الأزمة بمنطق نتائجها، كما في كل مرة، من خلال قرارات التغيير الفوقية واستخدام أوراق اللعب، لتغيير الوجوه، من داخل العدد الكامل لأوراق اللعبة. ومن البديهي أن من يعالج أزمة بمنطق نتائجها، وليس بمنطق أسبابها، يظل يتوقع تكرار المشكلات طالما أن الأسباب تظل موجودة!

في الكرنفال، يؤدي الساسة من رموز الطوائف أدوارهم، بمهارات لفظية لا يقدر عليها أبرع ممثلي السينما. عندئذ، يكون بمقدور من تخصص في مرحلة سابقة في تجهيز المفخخات وتفجيرها في عابري السبيل، أن يصبح داعية للمحبة والرفق والتأسي على جراح العصافير.

في إطار هذه الصيغة استمر النظام اللبناني بمحاصصاته وألاعيبه التي أعيت الشعب وأفقرته، وكلما ظهرت بوادر قلق شعبي على المستقبل وعلى الأرزاق تعلو فجأة نبرة التطير من الفلسطينيين

أما من يبيع الطائفة والوطن والحلفاء، ويُحرّض على الحرب ثم يشعلها، ويبدل تحالفاته من الضد إلى الضد، لكي يصل إلى طموح في رئاسة أو وزارة، فيمكن أن يطرح نفسه راعي الأمان والتسامح والوئام والترفع عن المناصب. ويتحول السارق إلى دور الزاهد الذي يعظ ويتحدث عن فضل العفة ونظافة اليد والرضا بالمقسوم. فهكذا تؤخذ الأدوار وتتمادى في الزمن، داخل الأنظمة الفاسدة.

كيف ينشأ نظام جديد من داخل رحم هذه الصيغة؟ في المقاربة الرومانسية الجديدة، للجواب عن هكذا سؤال، سُمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يتحدث عن ضرورة إبرام “عقد اجتماعي” جديد، ومقصده في هذه المقاربة، العودة إلى المرجعية التي قامت عليها أساسا فكرة الدولة الحديثة، التي أطلقها الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو عام 1762.

كان روسو يرى العقد الاجتماعي، وصفة الانتقال بأي مجتمع، من طبيعته البدائية العشوائية، إلى منظومة الدولة ذات الالتزام المدني والفصل بين السلطات، على أن تتجاوز هذه الدولة، حسابات الطوائف والأديان، تحقيقا للجدارة السياسية ولروح المسؤولية والتضامن الاجتماعي والمواطنة المتساوية.

وبالطبع تختلف رؤية ماكرون للمصطلح عن رؤية ميشال عون. بل إن الفرنسي القديم في أواخر عهد الانتداب على لبنان، لم يكن يريد لهذا الكيان عقدا اجتماعيا على طريقة روسو. فهو الذي اقتطع الأرض من سوريا لصالح طائفة محددة.

وعندما واجه الفرنسيون مشكلة وجود سكان من طوائف وديانات أخرى، لم يفكروا في جان جاك روسو، وإنما تركوا مصطفى النحاس رئيس الوزراء المصري، والملك عبدالعزيز آل سعود، يرعيان معا، اتفاقا على عقد جديد، لتحديد الحصص في الدولة، وكان بمقدور مثل ذلك العقد في زمنه، أن يمر وأن يشكل أساسا للتراضي، لكنه لم يعد يناسب الألف الثالثة التي أوشكت على إنهاء ربع مئويتها الأول.

مطالب الشارع اللبناني الأساسية، صعبة التحقق. فإن كان سهلا سقوط الحكومة، أو حتى سقوط مجلس النواب وحدوث فراغ دستوري، فلن يكون سهلا سقوط الطبقة السياسية. فإن سقطت الحكومة ومجلس النواب ستظل هناك أسئلة معلّقة، وهذه مشكلة شبيهة بمحنة كل شعب عاف حكومته وسئم حتى من الوطنية نفسها، بسبب فساد من يحكمون.

ففي المثال اللبناني المعقد، لا يمكن أن تُلبى المطالبات، بغير كسر المنظومة السياسية كلها وإلقائها في سلة المهملات، وهذا أمر يصعب تحقيقه، وسيكون الطريق إليه أشبه بطريق الآلام. لأن صيغة النظام اللبناني، لا تزال تمتلك هوامش للمناورة وقد بدأت فعلا في خطف شعارات الثائرين بادعاء تبنيها. لكن النظام ليس هو الحكومة، وكما أن الخروج من مجلس النواب ليس هو الخروج من الطبقة السياسية.

ولو سلمنا جدلا بأن هذه الأخيرة ستختفي طوعا، فمن من بين الثائرين أو من بين مؤيديهم من النُخب الفكرية والثقافية (أي من خارج الطبقة السياسية) يعرف أين يمكنه العثور على عصب النظام، واستطالاته الخارجية، لكي يحتويه ويبدأ في إصلاحه.

العرب اللندنية 




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد