حزب الله بأعين أوروبية
في مساءلة برلمانية للحكومة البريطانية، أكد وزير الخزانة أن المملكة المتحدة تنسق مع حلفائها لضمان عدم استفادة حزب الله من قرض متوقع للبنان. لا تريد لندن وواشنطن وعدد من العواصم الأوروبية أن يتدخل الحزب في الأموال التي يحتاجها لبنان للخروج من أزمته المالية. ولذلك ليس مفاجئا أن يكون إقراض صندوق النقد مشروطا باعتبارات سياسية.
لا يعد ذلك استغلالا للوضع من أجل الضغط على حزب الله، بقدر ما هو إدراك لحقيقة النفوذ الذي يتمتع به الحزب داخل لبنان. فلا يمكن أن تساعد دولة على تجنب الانهيار إن كانت تخضع لسيطرة دويلة تتحكم بكل مفاصلها. ليس خدمة لمشروع وطني، وإنما ولاء لولاية يتباهى زعيم الحزب بالانتماء إليها.
المساعدة الدولية المتوقعة للبنان، لم تكن هي المساءلة الوحيدة التي تعرضت لها الحكومة البريطانية مؤخرا بشأن حزب الله. فقد تكثفت تساؤلات البرلمانيين في هذا الإطار مؤخرا. وكأن حظر الحزب وتصنيفه على قوائم الإرهاب في المملكة المتحدة ليس أمرا كافيا. ولا يزال هناك الكثير من العمل لملاحقة هذا التنظيم على المستوى الأوروبي والدولي.
لا يهم إن كانت هذه المساءلات محمولة على أسباب خفية، أو أنها ترتبط بأجندات سياسية لجهات أجنبية. المهم أنها مشروعة. فحزب الله اللبناني في الأعين البريطانية والأوروبية ليس كتلة سياسية تمارس الديمقراطية في وطن تعيش فيه، وإنما تنظيم يمارس الجريمة المنظمة والإرهاب حول العالم.
ولأنه كذلك، فهو يستحق أن يلاحق في كل مكان. ويستحق أيضا أن تبحث لندن مع حلفائها في القارة العجوز والعالم إمكانية حظره.
التعريف الذي يسوقه البرلمانيون للحزب، هو أنه تنظيم دولي، بشبكة واسعة من العملاء حول العالم، يمارس عبرهم الجريمة المنظمة في تجارة المخدرات وغسيل الأموال وغيرها، بالإضافة إلى نشاطه الإرهابي الذي يمارسه ضد دول الجوار في منطقة الشرق الأوسط.
يأخذ البريطانيون بعين الاعتبار التهديد الذي يشكله حزب الله لإسرائيل، ولكنهم لا يتجاهلون أبدا الإرهاب الذي يمارسه بحق شعوب دول عربية في المنطقة. وعلى أرض الواقع تبدو جبهة الحزب مع إسرائيل هي الأكثر هدوءا مقارنة بنشاطه التخريبي في سوريا والعراق واليمن ودول أخرى.
وإغراقا في الواقعية يمكن القول إن اللبنانيين أنفسهم باتوا يتباينون في تصنيف عمل الحزب بين مقاومة الاحتلال الإسرائيلي وبين ترسيخ الهيمنة الإيرانية على دولتهم ودول الجوار.
مساءلات نواب البرلمان البريطاني تعكس بوضوح صورة الحزب في الأعين الأوروبية. وهي تطالب الحكومة بتجاوز حظر حزب الله داخليا إلى ملاحقته وفرض العقوبات على من يتعامل معه في الخارج. كما أنهم يحثونها على مزيد من العمل لإصدار قرار بحظر الحزب في كامل أوروبا. فترد وزيرة الداخلية البريطانية بأن التعاون وثيق مع دول الاتحاد الأوروبي في إطار مكافحة الإرهاب.
ثلاث دول فقط في القارة العجوز تحظر حزب الله بشكل كامل، هي بريطانيا وألمانيا وهولندا. يبدو الطريق طويلا نحو قرار أوروبي واحد بشأنه. ولكن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال أن الحزب يعيش حياة هانئة في بقية الدول. فعين الرقيب تلازمه وتتابع أنشطته عن كثب. وقد انقضى ذلك العهد الذي كانت تمارس فيه جماعات الإسلام السياسي في أوروبا نشاطها دون محاسبة.
ثمة جانب هام في ملاحقة حزب الله تخفيه مساءلات النواب البريطانيين، ولكن تفضحه إجابات الحكومة. وهو الضغط على إيران الدولة الراعية والممولة للحزب. فمن وجهة نظر وزير الخارجية يشكل حظر حزب الله بجميع أشكاله، رسالة واضحة من الحكومة فحواها باختصار، أن الأنشطة المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط غير مقبولة تماما وتضر بالأمن القومي البريطاني.
لن تحتاج لندن والعواصم الأوروبية الأخرى إلى جهد كبير لتتبع الأنشطة المزعزعة للاستقرار في المنطقة، واكتشاف أن حصة الأسد فيها تعود إلى إيران. وعندما تتبع سلوك طهران التخريبي والإرهابي تكتشف أن غالبيته ينفذ عبر أحزاب الله الخمينية. هذا فضلا عن دور كبير لهذه الأحزاب في التخفيف من وطأة الحصار الذي تعيشه إيران في ظل العقوبات الأميركية.
في نهاية الشهر الماضي بعث نواب سابقون وحاليون في البرلمان الأوروبي خطابا إلى وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتل، يحثون فيه المملكة المتحدة على إقناع الاتحاد الأوروبي بوضع حزب الله على قائمة الاتحاد الإرهابية.
يتضمن الخطاب اتهامات كثيرة للحزب في جرائم وممارسات تخريبية داخل القارة العجوز وخارجها. قد لا تبدو هذه الاتهامات كافية لتحقيق ما يصبو إليه هؤلاء النواب في الوقت الراهن، ولكن أصواتهم المتزايدة تدلل على حقيقة واحدة مفادها أن الأوروبيين باتوا ينظرون إلى أحزاب الله ورعاتهم الخمينيين كخصوم وأعداء.
العرب اللندنية
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews