تقدير إسرائيلي: إيران تقف وراء هجوم الجولان وليس “حزب الله”
تعزز في جهاز الأمن الإسرائيلي أمس تقدير بأن خلية محلية تديرها إيران وليس حزب الله هي التي تقف خلف محاولة وضع عبوات ناسفة قرب الجدار الحدودي مع سوريا في هضبة الجولان. لقد شغل حرس الثورة الإيراني في السابق خلايا محلية سورية ورجال المليشيات الشيعية لغايات مشابهة أيضاً، كانت إيران أرسلتهم إلى سوريا لمساعدة نظام الأسد في الحرب الأهلية.
وإذا تبين بشكل مؤكد أن الإيرانيين يقفون خلف الحدث فيبدو أن الأمر يتعلق برد إضافي على سلسلة الهجمات الجوية المنسوبة لإسرائيل في السنوات الأخيرة ضد أهداف إيرانية في سوريا. بدأت هذه الهجمات نهاية 2017 وازدادت بالتدريج. ووجّهت ضد قواعد مليشيات شيعية، ومعسكرات كان فيها رجال حرس الثورة الإيراني ووسائل قتالية نشرتها إيران في أرجاء سوريا.
حاولت إيران مرات عدة ضرب أهداف إسرائيلية رداً على الهجمات في سوريا. ومعظم هذه الخطوات التي قادها قائد وحدة القدس في حرس الثورة، الجنرال قاسم سليماني، أحبطها الجيش الإسرائيلي. قتل سليماني في كانون الثاني الماضي في عملية اغتيال أمريكية في العراق. وخليفته الجنرال إسماعيل قآني، يركز الآن نشاطات رجال قوة القدس في الشرق الأوسط، لكن تنقصه الكاريزما الإبداعية التي ميزت سليماني، كما قيل فيه. حولت هذه الصفات سليماني إلى رجل أساسي في قيادة النظام في إيران أكثر بكثير من وظيفته الرسمية.
حدثت الهجمات في سوريا استمراراً لخطوات سابقة نسبت لإسرائيل في الجبهة الشمالية في إطار المعركة بين حربين، استهدفت المس بسلسلة تهريب السلاح من إيران عبر سوريا إلى رجال حزب الله في لبنان. بالنسبة لمعظم هذه الهجمات، حاولت إسرائيل الحفاظ على سياسة الغموض. في حالات نادرة نسبياً وبسبب عدد من الاعتبارات المحددة والحاجات السياسية، تحملت إسرائيل المسؤولية عن الهجمات التي نسبت إليها في وسائل الإعلام العربية.
إضافة إلى نشاطات إيران في هضبة الجولان السورية، ثمة حضور دائم لرجال حزب الله الذين يعملون في إطار تنظيم يسمى “ملف الجولان”، ويستخدمون خلايا محلية في المنطقة خدمة لأغراضهم. زاد حزب الله وإيران النشاط في الجولان بعد عودة سيطرة نظام الأسد على المنطقة وطرد تنظيمات المتمردين من هناك في صيف 2018. وفي 2 آذار الماضي، يوم الانتخابات الأخير للكنيست، كان حزب الله مسؤولاً عن إطلاق نار القناصة على قوة من الجيش الإسرائيلي في هضبة الجولان، التي تم إحباطها أيضاً.
لم تكن خطوات إيران في هضبة الجولان منسقة بالضرورة مع حزب الله، الأمر الذي يعني أن حساب حزب الله مع إسرائيل بعد قتل ناشط التنظيم قبل نحو أسبوعين في هجوم نسب لإسرائيل في مطار دمشق، ما زال مفتوحاً. أرسل حزب الله، الأسبوع الماضي، خلية إلى موقع للجيش الإسرائيلي في مزارع شبعا. وبخطوة فريدة قرر الجيش والمستوى السياسي عدم المس بالخلية رغم اجتياز رجالها الحدود من لبنان، واكتفوا فقط بتركها تهرب عن إطلاق نار تحذيرية.
أما في هضبة الجولان، ليلة الأحد/الإثنين، فقد تصرف الجيش الإسرائيلي بصورة مختلفة؛ فقد أطلقت قوة من وحدة الكوماندو “مغلان” التي استعانت بطائرات سلاح الجو، النار على الخلية التي تم تشخيصها شرق الجدار الأمني. مكث الجنود في المنطقة بضعة أيام وأطلقوا النار بعد أن شخصت نقاط المراقبة الإسرائيلية الخلية. اجتاز أعضاء الخلية “خط ألفا” المحدد ببراميل، في الطرف الغربي من المنطقة الفاصلة، وواصلوا التقدم نحو الجدار الحدودي. وقد مكثوا داخل ما يشبه الجيب، في المنطقة التي تقع تحت سيطرة إسرائيل عندما أطلقت عليهم النيران. ويبدو أن جميع أعضاء الخلية قتلوا. في عملية التمشيط التي جرت في المنطقة نهاراً تم العثور على سلاح وحقيبة تحوي عبوات ناسفة.
التقى ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي، أمس، قائد “اوندوف”، وهي قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في الجولان، واحتجوا أمامهم على وضع العبوات الناسفة. يستمر التأهب العالي في هذه الأثناء للجيش الإسرائيلي على الحدود مع لبنان على فرض أن حزب الله قد يرد. فشل العملية الأولى في مزارع شبعا، وبعد ذلك فشل المحاولة الثانية – هذه المرة برعاية إيران – في هضبة الجولان، يضع سكرتير عام حزب الله، حسن نصر الله، في وضع غير مريح.
لم يتطرق نصر الله -الذي سيخطب غداً في بيروت- رسمياً إلى التوتر الأخير، لكن تسريبات من وسائل الإعلام اللبنانية من جانب شخصيات رفيعة في حزب الله، تكفي لخلق توقع من التنظيم للقيام بعملية انتقام ضد إسرائيل. كل ذلك يحدث في ظروف داخلية قاسية جداً في لبنان بسبب الأزمة السياسية والاقتصادية الشديدة، لكن يبدو أن هذا الأمر لم يعف نصر الله بعد من الرد العسكري. يتوقع الجيش الإسرائيلي حدوث محاولات أخرى لمهاجمة قوات عسكرية قرب الجدار الحدودي، وتحديداً في المنطقة اللبنانية، في الفترة القريبة المقبلة. ومن المعقول أن نصر الله، مثلما حدث في مزارع شبعا، سيختار القيام بعملية محدودة بهدف عدم جر المنطقة إلى حرب.
هآرتس
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews