Date : 29,03,2024, Time : 05:50:58 PM
3907 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الاثنين 06 ذو الحجة 1441هـ - 27 يوليو 2020م 12:59 ص

الضجة في الشارع السوداني

الضجة في الشارع السوداني
د. الشفيع خضر سعيد

أصبح مألوفا أن تثار ضجة واسعة، حد إرباك الرأي العام، تجاه أي قضايا وقرارات تتخذها الحكومة الانتقالية في السودان، ما بين مؤيد أو معترض أو مشكك. وتوفّر تطبيقات الوسائط الاجتماعية، وخاصة الفيسبوك والواتساب، مرتعا خصبا لهذه الضجة التي دائما ما تتناسل وتتفرع إلى تفاصيل، معظمها غير حقيقي، وتكاد تمحو أصل الحكاية.
وفي نظري، الضجة، بدون تفريعاتها المتوهمة، هي ظاهرة طبيعية وعادية، في ظل الظروف التي نعيشها، والمشبعة بالقلق على مستقبل الفترة الانتقالية، بل والقلق على مستقبل الثورة والبلاد، إثر الصراعات المتفجرة يوميا مع أعداء الثورة، وتلك المتفجرة، حد التشظي والانقسامات، في داخل معسكر الثوار، كما هو الحال في تجمع المهنيين وفي تحالف قوى الحرية والتغيير.
ويمكننا تصنيف الضجة إلى نوعين، الضجة المنظمة، أو المخدومة، والتي تعمل على بث الشكوك وسط الناس تجاه انتصار الثورة وأداء الطاقم الانتقالي، كما تعمل على شيطنة بعض أطراف قوى الثورة وإثارة الفتن والضغائن وسطها. فهذه ضجة خبيثة، وهي بمثابة تكتيك أو أسلوب تتبعه قوى الثورة المضادة، والأجهزة الاستخباراتية المعادية، والهدف الرئيس هو إفشال الفترة الانتقالية وتعطيل مسيرة قطار الثورة. صحيح أن التعامل مع هذا النوع من الاستهداف يبدأ بالتنبيه وبرفع الوعي، ولكن المواجهة الفعلية لا تتم بالمقالات.
أما النوع الثاني، فهو الضجة التي يثيرها ناشطو الثورة كرد فعل لبعض قرارات الحكومة غير المدروسة جيدا، أو ضعيفة الحيثيات، أو لم تراع الشفافية المطلوبة، أو لم يتم التشاور حولها مع أهل الاختصاص، أو بسبب البطء والسلحفائية في تنفيذ مستحقات شعارات الثورة، كالضجة المثارة من تأخر نتائج التحقيقات حول جريمة فض الاعتصام، وحول محاولة اغتيال رئيس الوزراء، وحول عنف الشرطة المفرط تجاه المحتجين من شباب الثورة. وهي ضجة غير خبيثة، وتحمل في بعض من جوانبها سمات إيجابية، خاصة فيما يتعلق باختبار توافق قرارات الحكومة مع مطالب الثورة، مثل فحص سيرة المرشحين للمناصب الحساسة، كما حدث مؤخرا بالنسبة لسفراء السودان الذين بعد أن تم اعتمادهم، اضطرت الحكومة لإعادة النظر في ترشيح بعضهم، إثر ضجة واسعة اتهمتهم بالولاء للنظام المباد. ومع ذلك، ستظل هذه الضجة مجرد ثرثرة في الوسائط، دون عائد حقيقي، بل ومن الممكن أن تنتج طاقة سلبية، يمكن أن تكون معوقة أو تسبب تشويشا.
وأعتقد، أن الإسراع بتكوين المجلس التشريعي الانتقالي، يمكن أن يمتص الكثير من الطاقة السلبية التي تولدها ضجة الأسافير هذه، لأن قيام المجلس يعد خطوة في اتجاه ترسيخ مبادئ الشفافية والتشاور، وبحث الحيثيات الخاصة بالقرارات التي تصدرها الحكومة، بما في ذلك الحيثيات المتعلقة بالتعيينات والصفقات التجارية التي تقدم عليها الحكومة، إذ أن من أهم وأخطر واجبات ومهام المجلس التشريعي الانتقالي، مراقبة أداء الحكومة ومساءلتها، تحقيقا لمبدأ منع إساءة استخدام السلطة وحماية حقوق المواطنين وحرياتهم، إضافة إلى سن التشريعات والقوانين الضرورية لتجاوز ما أحدثته الإنقاذ من تخريب، ولاستعادة الدولة المخطوفة. وفي ذات السياق، فإن تكوين المفوضيات المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية، سيسهم أيضا في انحسار هذه الضجة ودرء آثارها السالبة. فالمفوضيات مناط بها إنجاز مهام أساسية ومصيرية، عنوانها الرئيسي الانتقالي من دولة الحزب الواحد الاستبدادية إلى دولة الوطن الديمقراطية، والفشل في إنجاز هذه المهام المصيرية يعني فشل الفترة الانتقالية.

وكما كان متوقعا، أثار إعلان حكام الولايات ضجة وتوترا واسعين، رغم أن الأمر يشكل خطوة في اتجاه تحقيق المدنية التي يطالب بها الثوار.

ومصدر الضجة هو الشخصيات التي اختارها تحالف الحرية والتغيير لتولي هذا المنصب الهام، حيث جاءت ردود الفعل حيالها ما بين مؤيد ومعارض، وتنذر في بعض الولايات بشر مستطير! فقواعد الحرية والتغيير في بعض الولايات توافقت على شخصيات بعينها لقيادة الولاية، لكن المجلس المركزي القائد لتحالف الحرية والتغيير، مارس (فيتو) على هذه الخيارات لصالح محاصصة حزبية تم بموجبها اقتسام حكام الولايات بين المكونات الحزبية. وكنت قد كتبت في مقال سابق، إن الفلسفة وراء فترات الانتقال، هي أنها تتيح للجميع، بمختلف رؤاهم السياسية والفكرية، التوافق على مشروع وطني يعبّد مداخل وطرق تحقيق حلم كسر الحلقة الشريرة، ويضع السودان على منصة تأسيس جديدة، ترسي دعائم بناء دولة وطنية حداثية. وهذه مهمة تاريخية، لا يمكن أن ينجزها فصيل أو تحالف فصائل دون آخرين، بقدر ما هي مهمة الشعب بأسره، وتنطلق من فرضية أن الوطن لا يبنى بآيديولوجية هذه الكتلة أو تلك، ولا بمشروع هذا الحزب أو ذاك.
ومن هنا رفضنا لأي أطروحات بانتخابات قبل إنجاز هذه المهمة، لأنها عمليا تعني نسف الفترة الانتقالية. وشخصيا، أعتقد أن المحاصصة الحزبية في اقتسام حكم الولايات، وفي ظل التنافر والتنازع بين الأحزاب المختلفة، ستضعف من أداء الولاة، وتضع أمامهم عراقيل شتى. ولازلت عند قناعتي، بأن الأفضل بالنسبة لتسمية الولاة، وحتى تأتي مرحلة الانتخابات لينتخب سكان كل ولاية من يرونه لقيادة الولاية، أن يتولى المهمة شخصيات قومية مستقلة سياسيا، تتمتع بالقدرة والكفاءة المطلوبة والخبرة الإدارية، من معاشيي الضباط الإداريين وضباط القوات المسلحة والشرطة والقيادات الإدارية في الخدمة المدنية. لكن، ورغما عن تحفظنا على المحاصصة الحزبية، فإن تسمية حكام مدنيين لقيادة الولايات تعد خطوة للأمام، أعتقد بضرورة دعمها وتوفير كل أسباب نجاحها.
وفي هذا الصدد أرى ضرورة أن يتشكل حول كل حاكم ولاية، مجلس استشاري من الخبراء المؤهلين من سكان الولاية، مع ضرورة مراعاة التوازن الحزبي والقبلي، ولا داعي لحكومات ومجالس تشريعية ولائية، ونكتفي بمساعدين للوالي من الإداريين المؤهلين. وأعتقد من الممكن الآن، بل ومن الضروري، البدء في بحث كيفية قيام مجالس محلية على المستوى القاعدي عبر الانتخاب المباشر، تعزيزا لديمقراطية الحكم المحلي.

القدس العربي 




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد