أردوغان يصل الدوحة في أول زيارة خارجية منذ تفشي كورونا

جى بي سي نيوز :- وصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان العاصمة القطرية في زيارة عمل تستغرق يوماً واحداً، لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، يرافقه وفد رفيع المستوى.
وكان في استقباله لدى وصوله مطار حمد الدولي، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون الدفاع الدكتور خالد بن محمد العطية، حيث جمعته لاحقاً جلسة مباحثات رسمية مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

وتأتي هذه الزيارة التي تعد الأولى من نوعها للرئيس التركي منذ إعلان وباء “كوفيد ١٩” جائحة، في ظروف خاصة تشهدها المنطقة، على ضوء التطورات الإقليمية والدولية.
واعتبر الإعلامي والمحلل السياسي القطري جابر الحرمي في تصريح لـ”القدس العربي” أن زيارة أردوغان إلى الدوحة مهمة جداً، وتحمل عدداً من الرسائل المهمة، خصوصاً أنها تأتي في ظل أزمات متعددة، وأوضاع سياسية خاصة تشهدها المنطقة، مع ما يصاحبها من تداعيات صحية يعيشها العالم برمته بسبب “كوفيد١٩”. ويؤكد في هذا الشأن، أن أول زيارة خارجية للرئيس التركي منذ تفشي جائحة كورونا، ويختار الدوحة تحديداً، يعتبر مؤشراً هاماً، ويعكس مكانة قطر، والعلاقة التي تربطه بالشيخ تميم، تدفع المراقبين لترقب نتائج المشاورات التي تجمعهما، حول عدد من الملفات المشتركة.
ويعتبر جابر الحرمي أن العلاقات القطرية – التركية ليست وليدة اللحظة أو اليوم، أو نتاج أزمات، وبخاصة حصار قطر فحسب، بل جذورها ممتدة، وهي متينة وعميقة. واستشهد بالاتفاقية المشتركة التي توجت أعمال اللجنة الإستراتيجية العليا برئاسة الشيخ تميم وأردوغان، وتم توقيعها في أنقرة سنة ٢٠١٤، قبل حدوث ما وصفها بـ الأزمة المفتعلة في يونيو/ حزيران ٢٠١٧، ومن بينها اتفاقية الدفاع المشترك.
ويصف المحلل السياسي القطري العلاقات التي تربط بلاده بتركيا بالنموذجية، وتستند على إرث من التعاون والشراكة في مختلف القطاعات، تدعمها مواقف صلبة وصادقة. ويشدد الحرمي أن العلاقات الثنائية بين البلدين اختبرت في مواقف مختلفة، وفي مناسبات عدة، اجتازتها بنجاح، حيث أن الدوحة وقفت إلى جانب أنقرة عند محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو/ تموز ٢٠١٦، وأعلنت دعمها الحكومة التركية، وكذلك عند تعرض الليرة التركية لمناورة من أطراف خارجية، ومحاولة تأثير لزعزعة اقتصادها سنة ٢٠١٨، وكان للدوحة استثمارات كبرى تجاوزت ١٥ مليار دولار. وفي المقابل، يستطرد، أن الموقف التركي كان برأيه من نفس الجناس، وصلباً، عندما تعرضت الدوحة لحصار من أشقائها، واستُهدفت بمحاولة غزو عسكري كان يُدبر لها (إشارة إلى ما تداول عن مخططات عدد من دول الحصار للإطاحة بالقيادة القطرية). وحول الملفات المشتركة التي يتوقع أن يتم التطرق إليها في هذه الزيارة، وكشف المحلل السياسي القطري في تصريحه لـ”القدس العربي” أن العلاقات بين البلدين، وصلت حداً من التناسق، يجعلها في مكانة جيدة للتباحث حول القضايا الكبرى، والسعي لإيجاد حلول لها، خصوصاً في سوريا وليبيا، والوقوف إلى جانب شعوبها التي تبحث عن دعم، ونصرة من الأشقاء، وغيرها من الملفات المهمة للبلدين، الذين وصفهما بالفاعلين وتجمعهما علاقة اعتبرها “نموذجاً يحتذى به في العالمين العربي والإسلامي”.
من جانبه كشف السفير القطري لدى أنقرة سالم مبارك آل شافي في تصريح صحفي، أن “العلاقات بين البلدين، كانت على الدوام جيدة، مستندة على العديد من المحطات التي مهدت لوصولها إلى هذا المستوى المتميز”، موضحاً أنها “بدأت عام 2014 حين تأسست اللجنة الاستراتيجية العليا في البلدين على مستوى القادة، مروراً بمحاولة الانقلاب الفاشل في تركيا عام 2016، ووقوف دولة قطر المبكر إلى جانب الشرعية ودعمها، ووصولا إلى الحصار الجائر لقطر عام 2017.”
وقال السفير آل شافي إن”عوامل مجتمعة، بالإضافة إلى التناغم الكبير في السياسات، أدت إلى وصول العلاقات الثنائية إلى مرحلة متقدمة من التميّز والتألق، وهناك توجه للوصول بها إلى أبعد من ذلك، في ظل التنسيق الوثيق بين الجانبين في مختلف الملفات، والمنصات الدولية، تصحبها الكثير من المصالح والاستثمارات المتبادلة بين الطرفين”.
وكشف الدكتور محمد جوهر المحمد عضو مجلس إدارة غرفة قطر، في تصريحات سابقة، أن السنوات الأخيرة شهدت تطوراً متسارعا لعلاقات التعاون بين قطاع الأعمال في كل من قطر وتركيا، الأمر الذي انعكس على حجم التبادل التجاري بين الدولتين، مؤكدا رغبة رجال الأعمال القطريين في تعزيز علاقات التعاون وبناء شراكات وتحالفات تجارية مع نظرائهم الأتراك من خلال إقامة مشروعات ثنائية في تركيا وقطر.
وسجلت تقارير اقتصادية حجم الاستثمارات القطرية المباشرة وغير المباشرة في تركيا في النصف الأول من سنة 2019 ما قيمته 22 مليار دولار، ما يجعل من قطر واحدة من أكثر البلدان استثماراً في تركيا.
وسجل حجم التبادل التجاري بين البلدين نسب نمو مرتفعة، قفزت بنسبة 78.8% ليبلغ حوالي 8.7 مليار ريال قطري في العام 2018، مقارنة بـ 4.8 مليار ريال قطري في العام 2017، فيما سجلت الصادرات القطرية إلى تركيا نمواً قياسياً بنحو 99% بين عامي 2017 و2018، بينما نمت الواردات القطرية من تركيا بنحو 64.9% خلال الفترة ذاتها.
وبلغ عدد الشركات القطرية التركية المشتركة أكثر من 499 شركة، تعمل في مجالات التجارة والمقاولات وتكنولوجيا المعلومات، بينما بلغ عدد الشركات المملوكة بالكامل للجانب التركي 37 شركة رائدة تعمل في مجالات المقاولات والإنشاءات والصناعة.
وتعهدت قطر في أغسطس/آب 2018، بتقديم 15 مليار دولار كاستثمارات مباشرة في تركيا في مسعى منها لدعم أنقرة ضد عمليات التلاعب بالدولار في تركيا.

وجاء الإعلان عن الاستثمار القطري عقب اجتماع بين أمير قطر تميم والرئيس التركي أردوغان في أنقرة.
وورد في بيان أصدره الديوان الأميري القطري، آنذاك، أن أمير البلاد “وجه بتقديم دولة قطر حزمة من المشاريع الاقتصادية والاستثمارات والودائع بما يقارب 55 مليار ريال، أي ما يعادل 15 مليار دولار أمريكي، دعما للاقتصاد التركي”.
بدوره، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، حينها عبر حسابه بموقع “تويتر”: “لقد تعهدت قطر باستثمار 15 مليار دولار في تركيا”، مضيفا أن “العلاقات التركية-القطرية مبنية على أسس متينة من الصداقة والتضامن”.
وفي أول خطوة لتنفيذ حزمة الاستثمارات بين أنقرة والدوحة، أبرم البنك المركزي التركي اتفاقية مع نظيره القطري حول مبادلة العملات (Swap Agreement)، وبلغت قيمة المرحلة الأولى من الاتفاقية 3 مليارات دولار

المصدر : القدس العربي