هكذا يتحول “محور مقاومة إسرائيل” إلى محور شراكة بين مفلسين
بتواضع ويكاد يكون في الخفاء، احتفلت بيروت هذه السنة بيوم الذكرى العشرين لانسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان. ومع أن حسن نصر الله ألقى خطاب النصر من الخندق الذي يختبئ فيه، لكنه يضطر للاعتراف بأن ليس لحزب الله اليوم أي سبب للاحتفال.
النار تحرق منذ زمن بعيد أطراف عباءة نصر الله، ولكن أزمته وأزمة رجاله أصبحت علنية في الأسابيع الأخيرة.
فالنار تحرق منذ زمن بعيد أطراف عباءة نصر الله، ولكن أزمته وأزمة رجاله أصبحت علنية في الأسابيع الأخيرة. في المظاهرات التي تغرق شوارع بيروت، رفعت لأول مرة هتافات لنزع سلاح المنظمة وإعادة بناء سيادة الدولة اللبنانية.
وفي سوريا أيضاً، التي أحيا فيها بشار الأسد منذ زمن غير بعيد 20 سنة على حكمه، ثمة أجواء تتلبد أكثر من أي وقت مضى. صحيح أن بشار انتصر في ميدان المعركة بقصف جوي وبصواريخ وسلاح كيميائي ضد أبناء شعبه الذين ثاروا ضده، ولكنه يتكبد الهزيمة في تلك المعركة التي يخوضها الآن لإعادة بناء الدولة من أجل السماح بعيش بالحد الأدنى لسكان سوريا.
في الأسابيع الأخيرة فقدت الليرة السورية قرابة 90 في المئة من قيمتها، وهبط سعرها من نحو 500 ليرة سورية للدولار إلى قرابة 3500. دفعة واحدة، شلت الحياة الاقتصادية في الدولة، توقفت التجارة، وتآكلت الرواتب، وشطبت توفيرات السنين، وباتت يد المواطن السوري المتوسط غير قادرة على شراء المنتجات الأساس لإعاشة عائلته. في لبنان أيضاً هبط سعر الليرة اللبنانية في غضون أسابيع قليلة من 1.500 ليرة لبنانية للدولار إلى قرابة 5000 .،وهنا أيضاً يدور الحديث عن سقوط اقتصادي ذي نتائج هدامة للإنسان البسيط ولاقتصاد الدولة. كل هذا يحصل في الوقت الذي تدخل فيه الولايات المتحدة “قانون القيصر” حيز التنفيذ (على اسم مصور سوري هرّب من الدولة آلاف الصور التي توثق الفظائع التي ارتكبها النظام السوري في أثناء الحرب). وهذا القانون يحظر كل اتصال اقتصادي مع النظام السوري وأجهزته، وقد يشل كل نشاط اقتصادي في سوريا، ثم في لبنان أيضاً، المرتبط ارتباطاً لا تنفصم عراه بالاقتصاد السوري.
المشكلة هي أن ليس لبشار ونصر الله جهة يتوجهان إليها لطلب المعونة. فالعالم لم يعد يسارع لمنح المساعدة للدولة اللبنانية فيسمح بذلك للطفيلي، حزب الله، بأن يواصل الازدهار في الجسد اللبناني. روسيا وإيران يمكنهما أن ترسلا الجنود والطائرات الحربية إلى سوريا وزرع الدمار فيها، ولكنهما أيضاً تعانيان من مصاعب اقتصادية متزايدة، أو على شفا انهيار اقتصادي كما حالة إيران.
الأزمة الاقتصادية المتفاقمة تخرج الجماهير إلى شوارع بيروت، وحتى في سوريا تضرب بطن النظام الطرية، مثلاً في جبل الدروز حيث اندلعت احتجاجات ضد بشار، أو حتى في داخل عائلة الأسد حيث نشب خلاف علني بين بشار وابن عمه رامي مخلوف، الرجل الغني في الدولة، الذي صادر بشار كل أملاكه مؤخراً.
على مدى سنوات عديدة، تباهت سوريا وإيران وحزب الله بقيام وحدة محور الشر، أو كما سمّوه محور مقاومة إسرائيل. غير أنه، وفي نظرة إلى الوراء، يتبين هذا المحور كشراكة بين مفلسين يجلبون لأبناء شعبهم الفقر الضعف والتخلف. هذا هو الإنجاز الأكبر لبشار ونصر الله، الذي يبين أنه عندما لا يكون الاستخفاف بالخطر الذي يشكلانه على إسرائيل ممكناً، فلا وجود في حلفها لأي بشرى أو أمل لأبناء شعبهما.
إسرائيل اليوم
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews