بعد وقف التنسيق: مئات المرضى الفلسطينيين لا يتلقون العلاج الطبي بسبب مقاطعة إسرائيل

توجه مئات الفلسطينيين مؤخراً للحصول على المساعدة من منظمات حقوق الإنسان بعد أن تم رفض طلبات الحصول على العلاج في إسرائيل أو في الضفة الغربية؛ بسبب وقف التنسيق بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل. وقالت المنظمات بأنه منذ إعلان السلطة الفلسطينية وقف التنسيق قبل أسبوعين تقريباً، فإنها تتلقى عشرات الشكاوى يومياً من مرضى يحتاجون العلاج الذي هو غير موجود في متناول اليد في منطقة سكنهم، ومعظمهم من قطاع غزة.

منظمات طبية لحقوق الإنسان، والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ومركز الميزان في غزة، بينت أن الذين توجهوا إليها قالوا بأن جهات التنسيق الفلسطينية التي كانت مسؤولة عن تنسيق انتقالهم إلى إسرائيل مع السلطات الإسرائيلية، توقفت عن تقديم طلبات الحصول على تصاريح خروج لأغراض طبية. وقال المرضى أيضاً بأن وزارة الصحة الفلسطينية ترفض تحديد دور لهم في المستشفيات الإسرائيلية وتمويل علاجهم في إسرائيل. وحسب قولهم، نتيجة السياسة الفلسطينية الجديدة فإن مستشفيات إسرائيل رفضت علاج مرضى تمت زراعة أعضاء لهم في إسرائيل أو في الضفة الغربية، وطلبوا العودة من أجل إعادة التأهيل بعد إجراء العملية.

وأكد موظف فلسطيني كبير، في محادثة مع الصحيفة، بأن وقف التنسيق دخل حيز التنفيذ في نهاية أيار، وأن جهات التنسيق الفلسطينية لم تعد تتوجه إلى سلطات إسرائيل. وأكدت مصادر سياسية في إسرائيل بأنه يتم تلقي طلبات أقل من أجل الخروج من غزة لغرض العلاج. وأضافت بأن الانخفاض قد يكون مرتبطاً أيضاً بحقيقة أن حماس أعطت تعليمات بالعزل لمدة ثلاثة أسابيع لمن يعودون من إسرائيل في إطار محاربة تفشي كورونا. وحسب منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان، فإنه وقبل الأزمة تم تقديم 2200 – 2500 طلب شهرياً لجهات التنسيق الفلسطينية للخروج من القطاع بهدف العلاج، ولكن العدد انخفض في نيسان إلى 159 طلباً.

وأشارت هذه المنظمات إلى أن وضع سكان القطاع المحتاجين للعلاج خطير على نحو خاص، لأن معظمهم يعالجون في مستشفيات الضفة الغربية ومستشفيات شرقي القدس، وحتى الآن ليست هناك أي جهة فلسطينية رسمية تعالج طلباتهم. وفي المقابل، يمكن لسكان الضفة الغربية التوجه إلى إدارة التنسيق الإسرائيلية بشكل مباشر. “الوضع في الأصل كان صعباً حتى قبل كورونا وقبل وقف التنسيق”، قال سمير زقوت من مركز “الميزان”، في محادثة مع الصحيفة. “الآن يمكن التحدث عن وضع فظيع يدفع فيه الأشخاص الأكثر فقراً ثمن وقف التنسيق”.

غادة مجادلة، مديرة قسم المناطق المحتلة في جمعية “أطباء من أجل حقوق الإنسان”، قالت إنه “لكونها تسيطر على الأرض والمعابر وعلى ظروف حياة الفلسطينيين، ولكونها أنشأت نظام التصاريح الفاشل، تقع على إسرائيل مسؤولية إيجاد حل سريع يمكن المرضى من التحرك بشكل حر من أجل تلقي العلاج”. وأشارت أيضاً إلى أن عدد المرضى الذين يتوجهون لمنظمات حقوق الإنسان يمكن أن يرتفع إلى الآلاف.

في محاولة لتخفيف معاناة المرضى، بدأ المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في تفعيل جهاز تنسيق بديل، يقوم بتقديم طلبات مباشرة لإدارة التنسيق والارتباط الإسرائيلية في معبر ايرز. هذه هي المرة الأولى منذ اتفاقات أوسلو التي يتم فيها تنسيق خروج سكان من القطاع بصورة مباشرة بين إسرائيل وجهة فلسطينية مستقلة غير متماهية مع السلطة الفلسطينية. ومع ذلك، أوضح زقوت بأن هذا الجهاز يقوم بنقل خمسة طلبات يومياً بالمتوسط، وأشار إلى أن الجمعية لا يمكنها أن تكون بديلاً عن السلطة الفلسطينية.

وتوجه إلى جمعية أطباء من أجل حقوق الإنسان أحد أبناء عائلة طفل يعاني من مشكلة صحية. “الوضع مقلق”، قال والد الطفل. “لقد توقعنا رداً إيجابياً قبل عيد الفطر، لكن هذا تحول من حدث احتفالي إلى أيام بائسة ومقلقة لأننا لم نسمع من أي شخص. كل تأخير يمكن أن يضر بصحته”. ع. من رام الله يعاني من مشكلات في العظام نتيجة حادث عمل، وهو بحاجة إلى العلاج في مستشفى هداسا عين كارم.. “وقفت في الطابور تحت الشمس مدة ست ساعات لتقديم طلب للحصول على تصريح في مكتب التنسيق الإسرائيلي”، قال، وأضاف: “شعرت بالإهانة وعدم الأهمية. شعرت أن حياتي لا قيمة لها، وشعرت أنه لا توجد هناك حكومة تهتم بي”.

قبل أسبوعين تقريباً، أعلن رئيس الحكومة الفلسطينية، محمد اشتية، بأنه وفي إطار وقف التنسيق مع إسرائيل سيحصل المرضى الغزيون على العلاج الذي يحتاجونه في القطاع. وأشار إلى أن الحكومة في رام الله ستساعد في تعزيز جهاز الصحة هناك. ومصدر فلسطيني رفيع قال للصحيفة بأن السلطة ستتوجه في الحالات الصعبة إلى جهة ثالثة مثل مصر أو الأمم المتحدة، من أجل تنسيق خروج المرضى من القطاع. مع ذلك، قال نشطاء حقوق إنسان في القطاع إن الجهاز الصحي في غزة لا يمكنه تقديم جميع العلاج المطلوب للمرضى، لا سيما عندما يدور الحديث عن علاج معقد بالأشعة أو عن علاج يحتاج إلى مواد إشعاعية.

ومن مكتب تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، ورد: “مكتب تنسيق أعمال الحكومة في المناطق يمكن خروج سكان القطاع إلى إسرائيل، حتى في الوقت الحالي، لغرض تلقي العلاج الذي ينقذ الحياة. ونؤكد أن كل طلب يجري فحصه على حدة من قبل الجهات المهنية في المكتب طبقاً للمعايير والاعتبارات الأمنية”.

هارتس