لن يتوقف العنف حتى تحمي أمريكا أراوح أبنائها
قالت صحيفة “نيويورك تايمز” في افتتاحيتها، اليوم الثلاثاء، إن أمريكا فشلت في تقديم مبادئ أساسية جسدها الدستور وأهمها حق الحياة. وإن الاحتجاجات لن تتوقف حتى يتوقف عنف ووحشية الشرطة.
وأشارت الصحيفة إلى لافتة حملها طفل أسود عمره خمسة أعوام في احتجاجات في تامبا “توقفوا عن قتلنا” ولكن الرسالة لم تصل بعد إلى أصحاب القرار وبناء على أيام من الاحتجاجات التي اجتاحت البلد. ففي الأسبوع الماضي، قتل جورج فلويد عندما كان رجل شرطة يحاول منعه من الحركة بعدما حاول شراء علبة سجائر مستخدما ورقة 20 دولارا مزيفة، مع أنه لم يكن يمثل تهديدا على الشرطة وقت مقتله وسط مينيابولس. وقبله كانت برينونا تيلور، الفنية في غرفة طوارئ حيث قتلت في شقتها عندما داهمتها الشرطة. وقبلها كان لوكوان ماكدونالد وإريك غارنر ومايكل براون وساندرا بلاند وتامي رايس وولتر سكوت والتون ستيرلينغ وفيلندا كاستيل وبوتام ديام وأحمدو ديالو، والقائمة طويلة. فقد تم تخويف الأمريكيين السود وقتلهم على يد رجال فرض النظام والذين نادرا ما قدموا لمحاكمة أو واجهوا عواقب ما يفعلون.
وتم تقديم 18 شكوى ضد ديريك شوفين رجل الشرطة الذي جثا على رقبة جورج فلويد حتى وفاته، وذلك قبل الحادث الأخير.
تم تقديم 18 شكوى ضد ديريك شوفين رجل الشرطة الذي جثا على رقبة جورج فلويد حتى وفاته، وذلك قبل الحادث الأخير
وباسم هؤلاء القتلى وأعداد أخرى منهم خرج الأمريكيون إلى الشوارع للتعبير عن الغضب واليأس. اليأس لعدم توفير حكومتهم لهم أهم مبادئ الحماية الأساسية التي ينص عليها الدستور وهي حق الحياة وألا يتم قتلهم بدون ذريعة أو سبب. وما يريده المحتجون هو بلد يتم فيه عزل رجال الشرطة الأشرار لا حمايتهم. ويريدون بلدا يعزل فيه عناصر الشرطة الذين يضربون المتظاهرين بدلا من حماية نقاباتهم لهم. ويريدون بلدا تقوم به الشرطة بحماية حق أبناء الوطن في التجمع والتعبير عن مظالمهم بدلا من بلد تقوم فيه السيارات بدهس المتظاهرين. ويريدون بلدا لا تستخدم فيه القوات الفدرالية ضد المتظاهرين السلميين من أجل تسهيل التقاط صورة للرئيس.
وقالت الصحيفة إن معظم التظاهرات كانت سلمية، وهناك بعض التظاهرات ليست سلمية حيث يتم فيها استهداف الشرطة ولكن طريقة تعامل الأخيرة معها مهمة جدا، فالشرطة هي التي تبادر بالعنف من خلال ضرب المتظاهرين وملاحقة الرجال الكبار بالعمر ورش الأطفال بالفلفل الحارق. وكلما حدث عنف سواء من قبل قوات حفظ النظام فقد كانت سببا في حرف النقاش عن المصدر الرئيسي لليأس.
وأشارت لما كتبه داعية الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ عام 1967 أن العنف “مدمر اجتماعيا وهازم للذات”. وفي نفس المقالة قال “من المهم بالنسبة لي أن أكون دقيقا في نقد الظروف التي تجعل الشخص يشعر بالحاجة إلى نشاطات شغب كما هي الحاجة لشجبها مني”.
وقال كينغ “في التحليل النهائي فالشغب هو لغة من لا يستمع لهم” و”طالما أرجأت أمريكا العدل فإننا سنظل نواجه حالات من العنف والشغب مرة بعد الأخرى”. وبعد أكثر من نصف قرن لا تزال العدالة مؤجلة. فعدم المساواة العرقية مستشرية في الثروة والسكن والوظيفة والتعليم وتطبيق القانون. وهذا ليس جديدا ولكن مسؤولية من هم في السلطة هي إصلاحها. وكما وجدت لجنة كرينر التي شكلها الرئيس ليندون جونسون بعد دراسة عدم المساواة في قلب شغب سنوات الستينات أن عدم المساواة “خلقتها مؤسسات البيض وحافظت عليها وأقرها المجتمع الأبيض”.
واقترحت الصحيفة عددا من الخطوات لحماية المواطنين وعدم خوفهم من الذين أوكلت لهم مهمة تطبيق القانون، مثل تحديد طرق استخدام القوة سواء إطلاق النار أو قتل أشخاص ويجب عدم السماح لهم بخنق الناس ويجب على رجال الشرطة وقف زملائهم من استخدام العنف. وكذلك الشفافية التي يجب من خلالها معرفة ما فعلته الشرطة لدى استخدام القوة. وهذا يعني إلغاء البند 50 من قانون الحريات المدنية في نيويورك الذي يمنع نشر سجلات ضبط رجال الشرطة. وتسهيل محاسبة رجال الشرطة الذين يتمتعون بشبكة حماية قانونية تصل إلى حصانة لمعاقبتهم على تصرفاتهم السيئة إلى المؤسسات المحلية والنقابية التي تجعل من الصعوبة بمكان تقديم دعوى قضائية ضد رجل شرطة.
هناك ثقافة منتشرة داخل دوائر الشرطة وهي الحصانة من العقاب وحتى يتغير ذلك فسيظل الغضب. وعوضا عن شجب أو التصفيق للمحتجين على الأمريكيين الاستماع لما يقولون
كما دعت الصحيفة لمراجعة عقود توظيف رجال الشرطة التي تتفاوض فيها النقابات الخاصة بهم وتحتوي على بنود محبذة تحميهم من العقاب وتثبط همة الرأي العام عن تقديم شكاوى ضدهم. ومن السهل توظيف الشرطة لكن العقود تجعل من الصعوبة بمكان عزلهم. وتدعو الصحيفة إلى تعجيل الإصلاحات التي تبعت مقتل رودني كينغ في لوس أنجليس حيث منح الكونغرس سلطة لوزارة العدل لمراقبة مؤسسات الشرطة. لكن الإصلاحات تأخرت في مناطق مثل بالتيمور و فيرغسون. ولدى السلطات الفدرالية القوة لحجب الدعم عن مؤسسات الشرطة التي تفشل باستخدام سياسات قوية أو ترفض ضبط ضباطها. ودعت الصحيفة إلى تقليل الأدوات العسكرية في يد الشرطة، فعندما يكون لديها سلاح فأي متظاهر يبدو في نظرها مقاتلا. وقد قلل باراك اوباما تدفق انواع معينة من السلاح إلى دوائر الشرطة لكن ترامب قام برفع الحظر. ويمكن تحقيق هذه الإصلاحات الآن وعندما تتم سيبدأ المواطنون والشرطة بالتعامل مع بعضهم البعض كمتعاونين لا أعداء. إلا أن هناك ثقافة منتشرة داخل دوائر الشرطة وهي الحصانة من العقاب وحتى يتغير ذلك فسيظل الغضب. وعوضا عن شجب أو التصفيق للمحتجين على الأمريكيين الاستماع لما يقولون.
نيويورك تايمز
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews