كيف استغل نتنياهو سيناريوهات ذعر “كورونا” التي أطلقتها وزارة الصحة؟

التباطؤ الكبير الذي يظهر في وتيرة ارتفاع الإصابة بإسرائيل أشعل الخلافات بكامل القوة في وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية: هل يشير العدد القليل نسبياً للوفيات والمرضى في حالة خطيرة والمصابين المربوطين بأجهزة التنفس مقارنة مع دول غربية أخرى، إلى نجاعة الإغلاق والقيود التي فرضت أم أن هذا بالإجمال يدل على أن الذعر كان مبالغاً فيه وأنه كان يمكن من البداية الاكتفاء بقيود أقل، دون تدمير الاقتصاد الإسرائيلي؟ وماذا يمكننا أن نتعلم من ذلك على وتيرة التخفيفات المرغوبة في الأسابيع القادمة، أي ما هو هامش المخاطرة الذي يمكن أخذه؟

يبدو أن الخط الانتقادي الذي يطرحه البروفيسور يورام في الأستوديوهات (وبدرجة معتدلة أكثر لدى البروفيسور ايتان فريدمان من مستشفى تل هشومير) لا يحظى مؤخراً بدعم جماهيري متزايد. ومن بين الاعتبارات التي تحرك الداعمين لهما الغضب من منع الخروج الشامل تقريباً من البيوت والذي فرض على أبناء 67 فما فوق، ومن القلق من الوضع الاقتصادي، وفي حالات كثيرة تشكيك كبير في نقاء اعتبارات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.

في الوقت الذي يؤيدون فيه سياسة نتنياهو في إدارة الأزمة وعلى قناعة بأن الإغلاق المبكر منع مئات إذا لم يكن آلاف الوفيات الأخرى في إسرائيل، فإن من يعارضونه يؤكدون أن ترديد وزارة الصحة لسيناريوهات الذعر منذ بداية الأزمة خدم نتنياهو مرتين: مرة عندما ساعده في فرض ائتلاف على “أزرق أبيض” بشروط مريحة له، ومرة عندما ساعد على تأجيل موعد بدء محاكمته، وهو إنجاز يمكن أن يتكرر في نهاية الشهر المقبل.

نشرت وزارة الصحة، السبت، خطة منظمة أكثر لإستراتيجية الخروج من الأزمة؛ فهي بما يبدو كدرجة من عدم الرغبة، تسوي صفوفها مع ضغط الجمهور وتظهر الدعم لإعطاء تسهيلات أخرى خلال فترة قصيرة، شريطة أن لا يزيد عدد المصابين الجدد يومياً عن 300 شخص، ونسبة المرضى في حالة خطيرة لا تزيد عن 300 شخص. أمس بلغ 133.

في مجال حاسم واحد، فإن حجم الفحوصات اليومي هناك وعد بحدوث اختراقة بعد التوقيع على اتفاق مع شركة صينية ستمكن بعد نحو شهر من الاقتراب من هدف الـ 30 ألف فحص في اليوم. بقي عقب أخيل لعملية وتيرة نتائج الفحوصات. وزارة الصحة لا تقدم معطيات رسمية، لكن جهات مطلعة على الأمر تقدر بأن هذا ما زال يتراوح بين 3 – 4 أيام بدلاً من 24 – 36 ساعة الذي اعتبر كهدف مطلوب للتمكين من حل ناجع لسلسلة عدوى مرضى جدد والعثور عليهم وعزلهم.

هناك تراكم لأسباب تسبب التأخير غير المعقول هذا. أنظمة المعلومات لم يتم تحديثها بعد بصورة أوتوماتيكية، ووُزعت الفحوصات بين مختبرات كثيرة، لكن لم تتم بلورة نظام واحد يركز عملية تحليلها، كما يوجد نقص في التنسيق بين أنواع أجهزة الفحص المختلفة وطرق التحليل، في حين أن الفحوصات لا تُوجّه بشكل مثالي إلى المختبرات. مدير عام وزارة الصحة، موشيه بار سيمنطوف، قال أمس لـ “صوت الجيش” بأنه “خلال أيام” سيكون هناك نظام يقصر وتيرة التحليل، وأن دورية قيادة الأركان وضباطاً في سلاح الجو يساعدون وزارته في ذلك. عمليًا، جرى وضع ما طرح سابقاً كشرط ضروري لتنفيذ خطة الخروج، جانباً، في مواجهة الاضطرابات الاقتصادية. وهو يأمل أن يتم حل الأمور قريباً.

حياة في ظل كورونا

في “بني براك” جرى أمس “نقل صلاحيات”: الجنرال احتياط روني نوما، رئيس هيئة الطوارئ لمكافحة كورونا في المدينة، أعاد منذ 30 آذار المسؤولية إلى البلدية التي استدعته لمساعدتها إزاء تفشي الفيروس في حدودها. التدخل الخارجي أُنهي بنجاح. جهود الجبهة الداخلية والبلدية ونوما والمتطوعين الذين جاءوا معه، أدت إلى كبح تفشي الفيروس في المدينة.

شخص في المدينة حتى صباح أمس 2693 مصاباً، توفي 18 شخصاً من بينهم، و1017 تعافوا، و80 مصاباً ما زالوا يعالجون في المستشفيات، وأكثر من 800 هم الآن في الفنادق، و750 في الاستشفاء البيتي، وأكثر من نصفهم اجتازوا فحصاً سلبياً واحداً لكورونا.

في بداية الأزمة بلغت نسبة الفحوصات اليومية في المدينة بضع عشرات، أما الآن فالمتوسط هو 550 فحصاً يومياً. إحدى الصعوبات الأساسية في حينه كانت تتعلق بالمرضى الذين رفضوا الخروج من البيت. في الشهر الماضي ذهب إلى فنادق الاستشفاء ألف شخص من السكان الذين تعافى عدد منهم. في “بني براك” خلافاً لمدن أخرى، وافقت الدولة على أن ترسل إلى الفنادق عائلات فيها عدد فقط من أبناء عائلة المصاب، لعدم فصل الأبناء عن الآباء.

عدد المتعافين في المدينة بلغ أمس 142، وللمرة الأولى بلغ ضعف المصابين الجدد الذي بلغ عددهم 62 شخصاً. المدينة تتصدر قائمة المدن في عدد المصابين لـ 100 نسمة. ولكن عدد الوفيات فيها أقل مما اعتقدوا. هذا يتعلق كما يبدو بمتوسط العمر الشاب للسكان. رغم أن أحد المتوفين في المدينة كان ابن 48، ولكن معظمهم كانوا أكبر عمراً بكثير.

قيادة الجبهة الداخلية تواصل مساعدة “بني براك” رغم أن حجم حضورها في المدينة تضاءل والقيادة المسؤولة من الفرقة 98 استبدلت بقيادة منطقة التي تقابل لواء. يدرك الجيش والبلدية أن الأزمة بعيدة عن نهايتها. المرحلة القادمة في “بني براك” مثلما في جميع الدولة، ستكون مرتبطة بـ “حياة في ظل كورونا”. تسهيلات الإغلاق إلى جانب جو من الرضى عن النفس المتزايد لدى الجمهور قد يؤدي إلى ارتفاع في عدد الإصابات. أملنا في أن يضع تحسن المناخ والوعي الزائد نسبياً للخطر، حداً لتفش دراماتيكي للمرض.

هناك درس واحد لم يستخلص من “بني براك” للأسف.. الإغلاق الموضعي وضخ القوات ومساعدة المدينة علمتنا أنه لا يجب التعامل مع الدولة على أنها جسم واحد. والنشاطات التي بذلتها الدولة في “بني براك” تشبه رمي بطانية إطفاء على مكان اشتعلت فيه نار موضعية. مع الأخذ في الحسبان أن اختلافات الإصابة بالمرض بين بلدات الدولة تشير إلى أنه كان هناك مجال لاتباع مقارنة متمايزة أكثر، تمكن من إعطاء تسهيلات أسرع في أماكن كانت الإصابة فيها قليلة.

هارتس