إرث نتنياهو وحصّالة كورونا: حين يركع غانتس لـ”ملك المستوطنات” أمام خدام آلهة الضم
فيروس كورونا يخلق أزمة وطنية وصحية واجتماعية واقتصادية وإنسانية في معظم دول العالم، ومنها إسرائيل. شيوخ يموتون، ومستشفيات مكتظة، ورجال أعمال مستقلون يفقرون، والعاطلون عن العمل يزدادون، والاقتصاد يقف ساكناً، واليأس يدخل إلى كل بيت… الحديث يدور عن زمن طوارئ حقيقي من أشد الأوقات التي عرفتها الدولة، وهو يحتاج إلى وحدة الصفوف وتركيز الجهود ووضع المواضيع غير الضرورية جانباً.
ما هو إذاً الأمر الأكثر إلحاحاً بالنسبة لبنيامين نتنياهو وكتلة اليمين في زمن الطوارئ هذا غير المسبوق؟ الضم، وبجدية. ما الذي يقف على رأس أولوياتهم و يعتمد عليه كل شيء؟ هو تغيير الوضع القانوني في غور الأردن والكتل الاستيطانية، بالضبط الآن.
الطلب الأخير الذي عمل حتى الآن على تأجيل تشكيل حكومة الطوارئ الوطنية، وغير المعقولة بل الضارة إلى درجة أنها تغذي الشك بأن الأمر يتعلق بمناورة خداع- هو وسيلة ناجعة لإحباط تشكيل نفس الحكومة التي يدعي نتنياهو بأنها جد ضرورية، لكن لم يرغب فيها يوماً. إن قضية الضم، يعتقد نتنياهو، ستمنع أيضاً تشكيل حكومة وستعطيه عصا قاتلة ليضرب بها خصومه في جولة الانتخابات الرابعة التي ينوي أصلاً إجراءها طوال الوقت.
التفسير البديل يثير غضباً أكبر: نوايا نتنياهو صادقة.. يريد تشكيل “إرثه”، يقول المقربون منه. وهو يستغل فرصة نهاية ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي من شأنها -حسب جميع الدلائل المتزايدة- أن تكون الولاية الأخيرة. هكذا هم يريدون إنقاذ أرض إسرائيل: ليس بالآلام بل بالخداع، مع رئيس مكروه ومرفوض وتحت رعاية مرض فظيع يسود العالم. سنستغل الوقت المناسب، يقول اليمين، حيث يكون فيه الأغيار، وربما حتى الرأي العام في إسرائيل، ينشغلون في أمور أخرى.
أي أنه في الوقت الذي تكون فيه إسرائيل بحاجة إلى مساعدة ويكون العالم مستعداً لمنحها إياها بنية حسنة، ستقوم هي بالبصق في وجهه. قبل بضعة أشهر من الدخول المحترم لرئيس ديمقراطي إلى البيت الأبيض ستوجه إليه ثلاث أصابع. وعندما يبدأ الاتحاد الأوروبي، الشريك التجاري الأكبر لإسرائيل، في النهوض وإعادة حساباته من جديد، فإن إسرائيل لن تراه عن بعد متر ولن تحسب له أي حساب. وعندما يعود المجتمع الدولي ومؤسساته إلى العمل، ستقدم لهم إسرائيل قضية مغلقة ومحاكة بشكل جيد لانتهاك القانون الدولي.
في الوقت الذي تحتاج فيه إسرائيل إلى استقرار إقليمي مثل الهواء للتنفس، ستخنق اتفاق السلام مع الأردن. وفي الوقت الذي يشكل فيه “كورونا” الواقع من جديد، وربما العلاقات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، سيقوم اليمين بزرع عبوة جانبية على الطريق. وفي الوقت الذي تحتاج فيه إسرائيل أكثر من أي وقت مضى إلى التضامن والضمانات المتبادلة، سيقسم نتنياهو وأصدقاؤه الشعب وسيثيرون العداء والبغض وسيحرفون الطاقة المطلوبة لمكافحة الوباء إلى تأجيج المواجهات الداخلية والانقضاض على العالم اللاسامي الذي يعارض هذه الخطوة.
ضم الكتل الاستيطانية إلى إسرائيل سيفيد في مكافحة كورونا مثلما أفاد نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بسيادة إسرائيل في هضبة الجولان؛ أي مثل وضع كؤوس هواء للميت. أرض إسرائيل يتبين أنها مهمة أكثر من دولة إسرائيل، بل أكثر من سكانها أيضاً، الذين ستقدم سلامتهم ومنعتهم قرباناً لملك المستوطنات والسيطرة الخالدة على الفلسطينيين.
المساعد في هذه العملية، أولاً بني غانتس نفسه، لم يضع إسرائيل قبل أي شيء بل بعد كل شيء. ما هكذا يتصرف القوميون المحبون الصادقون للبلاد والوطن، بل هكذا يتصرف خدام الآلهة الذين يقدسون الكلام والحجارة بدلاً من تقديس الإنسان. ومع ذلك، يسيرون بيننا وكأنهم صدّيقو الجيل.
هارتس
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews