الساحر نتنياهو… من انتظار المحاكمة إلى رأس الائتلاف الأكبر في تاريخ حكوماته

بالضبط وهو ينتظر المحاكمة التي قد تنتهي بالسجن، وبعد فشلين في تشكيل حكومة، ومع سجل سحق متواصل لجهاز إنفاذ القانون، يقف بنيامين نتنياهو ليحظى بشرعية ساحقة، يقف على رأس الائتلاف الأكبر في تاريخ حكوماته. تعبير “ساحر” هو أقل من وصف الإنجاز المذهل هذا لنتنياهو، الذي جاء واصفاً نتيجة قدرته السياسية، بل إن سحره، مثلما في عدد كبير من الحالات في حياته السياسية الطويلة، ممزوج بشيء آخر وهو القدر، سحر كوني.

جاءه وباء كورونا بتوقيت غير مفهوم. وقبل لحظة من قيام الكتلة التي انتخبت باسم معارضيه – شملت في الأصل 62 عضو كنيست– بدأت في تقديم قوانين كانت ستمنعه من التنافس على رئاسة الحكومة. وبالطبع، كل ساحر يحتاج إلى جمهور كي يخدعه. والذين تفاوضوا معه وفي حالتنا هذه، هم الساسة الساذجون، وفي القريب سيكونون المساكين أيضاً.

صحيح حتى الآن أن سيطرته على جهاز إنفاذ القانون لم تؤخذ منه (وهو، ظاهرياً، السبب الرئيس في انضمام “أزرق أبيض” إلى حكومته). ومن بين المواقع الأربع، يحتفظ الليكود بثلاثة منها: وزارة الأمن الداخلي، ومنصب رئيس الكنيست، ورئاسة لجنة الدستور والقانون والقضاء. وسيعطي وزارة العدل لشركائه الجدد، لكن ستبقى إدارتها “بالتوافق”؛ أي خاضعة للفيتو.

*حسب ما يظهر جلعاد اردان، سيكون عليه إخلاء وزارة الأمن الداخلي لصالح ميري ريغف، التي حصلت على موافقة “أزرق أبيض”. سيكون من صلاحيتها تعيين المفتش العام للشرطة، وستهتم بتعيين شخص ما على رأسها، في سلم قيمها الذي سيتصرف حسب إملاءاتها، ومن شأنه أيضاً أن يقوم بتحريض محققيه على المعارضين السياسيين لرئيس الحكومة (الذين قريباً سيكونون له شركاء). أمس اتُّخذ القرار: قبل بضعة أشهر، طلب اردان تعيين مفتش عام جديد للشرطة، وألمحت إليه ريغف بشكل ودي بأن يترك هذا الشأن لأنه سيعلق، وربما كان هذا توجيهاً من بلفور، لأن أي فيروس لن ينسي التحقيقات القادمة ضد نتنياهو: الأسهم، والتجسس ضد غانتس في الانتخابات. وإذا لم تنجح في مهمتها (ما أهمية الشرطة إذا لم يكن بالإمكان السيطرة عليها)، ستفعل هي ما فعلته في وزارة الثقافة؛ أي ستهين وتشتم الجهاز الذي تديره إلى درجة أن الجميع سيطالهم ذلك، كالعادة.

*نتنياهو حارب مع يولي أدلشتاين حتى قطرة دمه الأخيرة؛ أي دم أدلشتاين. لم يكن على غانتس أن يضرب بأرجله الخلفية في اللقاء الليلي في بلفور كي يستجيب من يحاوره إلى طلبه في منع رئيس الكنيست السابق من العودة إلى كرسيه. قبل عشرة أيام، نشرت الخطة: استبدال أدلشتاين بياريف لفين أو يوفال شتاينيتس (إذا تم فرض فيتو على لفين). إذا كان ذاك هو لفين فسنحصل في رأس السلطة التشريعية على أدلشتاين من طراز الأسبوعين الأخيرين، ولكن مع تيربو مشبع بالكراهية وازدراء الجهاز القضائي. في عدم إعادة أدلشتاين إلى منصبه ثمة رسالة تعليمية، بعد أن خرق قرار المحكمة العليا، في حين أن الأمر عنده كان يتعلق بفصل واحد ومخجل – مع لفين الراديكالي والمخلص لبلفور، سيكون هذا نهماً لانهائياً من البصق والاستخفاف بالمحكمة العليا والمستشار القانوني وكل ما يشتم منه رائحة “سيادة القانون”.

*إن إبقاء يعقوب ليتسمان في وزارة الصحة مثل إعطاء وسام لضابط فشل طوال خدمته، وبالتحديد أثناء المعركة الأكثر حسماً التي خاضها، التي تظهر فيها عيوب أدائه بصورة أوضح. يدرك ليتسمان عند انتهاء الأزمة أنه سيوصم كمسؤول عن الفشل الفظيع في جهاز الصحة. ولكن أمر الحاخام الأكبر مغور، أقوى: لا توجد وزارة يستطيع فيها الوزير الاهتمام بصورة مفصلة بجمهور ناخبيه، والاهتمام بغرفة خاصة وتسريع فحص الرنين المغناطيسي وتحديد موعد وكل ما تحتاجه صحتك عندما تكون مريضاً.

*من بين الـ 32 – 34 وزيراً، أنصاف زائدة تماماً ستعين في هذه الحكومة. لا توجد أي توقعات من نتنياهو، لكن كيف يمكن لغانتس وأشكنازي أن يكونا قادرين على المشاركة في هذا الرعب. لقد كان لاريئيل شارون الذي اخترع هذه الطريقة تعبير مدهش: “يجب دهنهم بالعسل”، حيث يكون هذا العسل حلواً وفي الوقت نفسه لاصقاً بالكراسي. الآن بقي أن نرى من سيتم إبعادهم عن مكاتب الوزراء. الميل المؤكد لنتنياهو منذ 2009 أنه يتساهل أولاً مع الشركاء: أولاً مع الأصوليين، وثانياً مع الحزب الذي انضم من الكتلة المقابلة. الليكوديون سيبقون ثانية الأواخر، وهي تجربة معروفة لكثيرين منهم. في البداية، افترس غادي يبركان المنشق من “أزرق أبيض” ابراهام نغوسا الليكودي الذي كان مخلصاً لنتنياهو. بعد ذلك جاءت بنينا تمنو – شطا وافترست يبركان – وهي التي ستعين وزيرة للاستيعاب في الحكومة التي بالخطأ سميت “حكومة وحدة”. ما يحدث لدى منتخبي الجمهور من المهاجرين من إثيوبيا هو حقاً حاد جداً.

*لو كانت جائزة إسرائيل تعطى للتورع والنفاق لكان أول المرشحَين من أجل الفوز فيها بدون شك يوعز هندل وتسفي هاوزر، فقد دخلا السياسة من خلال حزب تيلم ليعلون من أجل إسقاط نتنياهو. وفي اللحظة التي تسربت فيها رياح السلطة إلى أنوفهما أدارا له الظهر وغرسا سكيناً في ظهره وقفزا إلى “أزرق أبيض” والائتلاف. ولأنه ليس لديهما أي وعي ذاتي فقد أطلقا على قائمتهما اسم “طريق البلاد”. ولو لم يدر الحديث عن بالوني هليوم بشريين لاعتقدناه نوعاً من السخرية. ولكن لا، هما جديان. “نأمل أن تؤدي هذه الخطوة إلى التئام الجراح في المجتمع الإسرائيلي”، غرد هندل. ها هو اسم بديل للقائمة، ملائم أكثر: “نشالين مهذبين”.

هارتس