هل كان غانتس مصيباً برمي مصيره السياسي في حضن نتنياهو؟
سنة ونيف استغرقت لبيني غانتس منذ دخوله السياسة، ثم يكتشف لأول مرة بأن لديه عموداً فقرياً. فقد وعد في الانتخابات ألا يجلس مع نتنياهو، وكثيرون من مصوتيه أعطوه صوتهم لهذا السبب، ولكن في الوضع الحالي وفي أعقاب أزمة كورونا، فقد تبقى منهم، أغلب الظن، حفنة متزمتين. وحدهم العميان تماماً بحكم الكراهية العميقة يتفقون في مثل هذه الوضعية على إبقاء الوضع القائم، والتوجه إلى انتخابات أخرى، أو تشكيل حكومة أقلية متعلقة بالقائمة العربية المشتركة. اليوم يحتفل بيني غانتس بيوم استقلاله الخاص. الورد ليولي أدلشتاين، الأشواق لمحكمة العدل العليا.
غانتس ليس بالنموذج الذي يحب المخاطر، لا عندما كان في الجيش ولا عندما أصبح سياسياً الآن. ولكن المخاطرة التي أخذها على عاتقه الآن هائلة، ولكن أن يلقي بكل ثقله على السياسي الأكثر حنكة وتجربة في المنطقة إن لم يكن في العالم كله، وأن يربط مصيره السياسي بمصيره.. فهذا هو القرار الأصعب الذي أخذه في حياته. قرار إما أن يكون أو لا يكون. من الجهة الأخرى ثمة منطقة للراحة. يئير لبيد وبوغي يعلون، اللذان فعلاً كل ما في وسعهما لعرقلة حكومة الوحدة، وعداه باستمرار حكمه في الحزب الموحد، شجعاه على أن يقيم حكومة أقلية وملآه ثقة من انتخابات رابعة أيضاً.
ولكن أمر الساعة مختلف، فحالة الطوارئ حقيقية. استغرق وقتاً حتى يحسم الأمر، ولكن المزيد فالمزيد من الناس يفهمون اليوم بأن هذه ليست نزوة أو محاولة تخويف أو دراما معظمة لأغراض سياسية. كورونا يضرب بنا دون رحمة، والأزمة حقيقية لا مثيل لها. الوعود القديمة يجب أن تخلي مكانها للواقع الجديد. من يصر على البقاء في الخلف ولعب اللعبة السياسية وكأنه لا شيء، سيحكم عليه التاريخ.
كما أن تصميم تسفيكا هاوزر ويوعز هندل أدى إلى الواقع الحالي وإلى النتيجة التي تجري في هذه اللحظات. رفضهما تأييد حكومة أقلية أزال السيناريو عن جدول الأعمال وأجبر رئيس حزبهما على البحث عن قنوات أخرى، وهذا أمر لا بد أن يؤبه له. في حزب “أزرق أبيض”، بكل أجنحته بما فيها “تيلم”، لا توجد انتخابات تمهيدية. كل مصيرهما السياسي منوط عملياً بمن جاء بهما حتى هنا؛ أي بوغي يعلون. ورغم ذلك، فقد فضلا الاستجابة لأمر ضميرهما منذ اللحظة الأولى.
لقد كانت ليئير لبيد خطة، وفور إقالة نتنياهو له في 2015، تبلور في قلبه القرار بألا يجلس معه وألا ينضم إليه مهما كانت الظروف، إلى أن يستبدل. بالضبط مثل نتنياهو نفسه، كرئيس المعارضة لحكومة أولمرت. وحتى في نسخته السياسية الأخيرة، كرقم 2 في “أزرق أبيض” لم يغير لبيد خطط، وبهذا المفهوم عانى من قصر النظر. فالأمر الأخير الذي يعني الجمهور الإسرائيلي في هذه الأيام التي يغلق فيها الجميع على أنفسهم بيوتهم، دون قدرة على زيارة الأهل، ويعيشون خوفاً كبيراً… هو السياسة. لقد فوت لبيد عظمة الساعة حين هاجم نتنياهو في بداية الأزمة، وهو يفوتها الآن أيضاً.
على مدى سنة كان ليبرمان حذراً؛ فقد أراد بكل قوته أن يسقط نتنياهو، ولكنه لم يكن مستعداً لأن يدفع الثمن الذي ينطوي على ذلك. ولكن في نهاية المطاف، تغلبت عنده أيضاً الكراهية والإحساس بالثأر على كل ما تبقى. استعداده للتعامل مع النواب العرب، الذين بنى لنفسه حياة مهنية على ظهورهم، سيبقى في الذاكرة إلى الأبد. وتبين مرة أخرى بأن ليبرمان هو الخدعة الأكبر في السياسة الإسرائيلية. كل الحياة عنده حملة انتخابات متواصلة، بلا خطوط حمراء، وبلا أيديولوجيا أو قيم. حتى الآن لم يدفع الثمن على ذلك، ولعل مصوتيه يفهمون الآن عمن وعما يدور الحديث.
اسرائيل اليوم
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews