Date : 16,04,2024, Time : 08:25:35 PM
1647 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: السبت 03 شعبان 1441هـ - 28 مارس 2020م 01:37 ص

آفاق الصراعات الجيوسياسية على خلفية أزمة كورونا

آفاق الصراعات الجيوسياسية على خلفية أزمة كورونا
د. خطار أبودياب

تكثر التحليلات والتوقعات في زمن كورونا. ويبرز توافق حول تحولات كبيرة وانهيار نماذج اقتصادية وسياسية، وعودة إلى دور الدولة القادرة وانتهاء العولمة بصيغتها الحالية، ووصل الأمر بالبعض إلى استشراف تفكك الاتحاد الأوروبي وانتقال الصدارة من الولايات المتحدة إلى الصين.

لكن من المبكر استخلاص دروس هذه الأزمة الكبرى وتداعياتها، ويمكن عدم تطابق معطيات الوهلة الأولى مع تطور وقائع ومتغيرات متسارعة لأننا في مخاض فعلي من الاضطراب العالمي والفوضى الإستراتيجية ويصعب إعطاء تصور متكامل عن عالم ما بعد زمن الكورونا.

نتيجة عدم اليقين تبقى مراقبة الصراعات الجيوسياسية، التي لم تتوقف على خلفية أزمة الفايروس التاجي، أفضل معيار لقياس التوازنات بين القوى الكبرى والفاعلة على المسرح الدولي. ومن دون شك، نقترب من الدخول في دور جديد من أدوار الزمن حضاريا وسياسيا وبيئيا واقتصاديا، ولن ترتبط إعادة تشكيل النظام العالمي بموازين القوى العسكرية والسياسية والاقتصادية فحسب، بل أيضا في إدارة الأزمات والاستقلالية وانبثاق عولمة أكثر إنسانية طال تغييبها.

هزت أزمة كورونا النظم الصحية والوقائية وكشفت الخلل، من منظمة الصحة العالمية إلى أدوات التعاون الأخرى في مواجهة كارثة غير مسبوقة، ولم يمنع الوقع السريع لانتشار الفايروس القاتل من استمرار السجالات سواء داخل الدول والتجمعات أو بين كبار العالم، وكأن الهم الأساسي يبقى المصالح الذاتية والوطنية وليس التكاتف لدرء الخطر الزاحف من “حرب عالمية ضد عدو خفي” كما اعترف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد مكابرة.

وبدا جليا أن رئيس القوة العظمى الأولى كما نظيريه الصيني والروسي المتسابقين لعسكرة الفضاء بعد الأرض، وزملاءهم من الكبار والآخرين في العالم المترامي الأطراف أظهروا عجزا موصوفا كما في حالات سابقة في مواجهة الأوبئة.

لكن التقدم العلمي والتكنولوجي والطبي الذي كان مبعث الاطمئنان ويراهن عليه لإيجاد الترياق واللقاح، لم يتلازم مع الاستجابة المطلوبة لأزمات من طراز أزمة كوفيد-19، والسبب الأساسي السياسات النيوليبرالية التي قيدت قدرات الدول وقللتها وأطلقت العنان لمجتمعات الاستهلاك والربح السريع.

وبدل التعاون لتنظيم حالة طوارئ صحية وبيئية واجتماعية، أخذت تطرح بإلحاح الأسئلة عن عالم ما بعد كورونا وعمّن سيكسب المعركة الجيوسياسية المحتدمة منذ العقد الأخير.

استقبل العالم الوافد ثقيل الوطأة وهو أكثر انقساما من دون حوكمة ومن دون قيادات وحكماء وافتقد الرجال العظام في مواجهة اللحظات التاريخية.

ولذا منذ يناير برز السجال الأميركي – الصيني حول توزيع المسؤوليات وكيْل الاتهامات وكأننا في أحد فصول الحرب التجارية والتسابق على النفوذ. وسرعان ما بدت القارة القديمة عاجزة بالفعل ولم يهب الاتحاد الأوروبي لنجدة إيطاليا تاركا المجال للصين وروسيا وكوبا للقيام بعمل إنساني واستعراض إعلامي على حسابه، بينما لم يتنبه البيروقراطيون في بروكسل لأهمية الإعلام في تغطية 55 طنا من المواد الطبية من الصين في اللحظة الحرجة، والأدهى أن هذا الاتحاد، القطب التجاري والاقتصادي الكبير، لا يملك سياسات وقائية وإستراتيجية صحية تتضمن الاستجابة للأزمات وسيكون المحك بالنسبة له تنظيم الإنقاذ الاقتصادي والاجتماعي بعد كورونا حيث سيكون هناك سباق بين الشعبويين دعاة الانغلاق وإلغاء منطقة شنغن وبين الحريصين على إعادة بناء اتحاد أوروبي أكثر تماسكا وتضامنا وفعالية.

وفي نفس السياق برز الخلل في منظمة الأمم المتحدة ووكالاتها التي تعاني من نقص التمويل ومن الإرادة السياسية لأصحاب القرار من الكبار. إزاء هذا الفراغ، جرى التطلع إلى تجمع الدول الصناعية الكبرى (مجموعة السبع) التي لم تتوصل لصياغة بيان مشترك نتيجة إصرار وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو على استخدام عبارة “الفايروس الصيني” أو “فايروس ووهان” ورفض نظيره الفرنسي جان-إيف لودريان “استخدام الأزمة الصحية لغايات سياسية”.

ويدلل ذلك على استمرار التناقضات داخل المعسكر الغربي بين الأميركيين والأوروبيين وهي تضاف إلى سلسلة طويلة منذ نقض ترامب اتفاق التغير المناخي ومهاجمته أطر العمل المشترك. وهكذا بانتظار الانتخابات الرئاسية الأميركية التي سيزداد حولها عدم اليقين، تبدو تحالفات واشنطن هشة بينما تبدو الصين قادرة على تسويق نفسها عبر جعل “طرق الحرير الجديدة” طرقا لمدّ الإعانة الصحية والتوسع الاقتصادي والتكنولوجي.

لكن السبق العالمي يبقى مرتبطا بعوامل شتى ونتائج المخاض الحالي من تطور العلاقات الدولية. وفيما تحاول دول كثيرة الخروج بأقل الأضرار الممكنة برزت إلى جانب التجربة الصينية في تطويق الفايروس تجربتان لبلدين “ديمقراطيين” هما كوريا الجنوبية وتايوان (الصين الوطنية) اللتين ربما استفادتا من استخلاص دروس تفشي “سارس” بدايات هذا القرن في تلك الناحية من آسيا، ولأن أنظمتهما الصحية كانت جاهزة وإمكاناتهما كبيرة على عكس الديمقراطيات التاريخية والمترهلة في أوروبا.

حيال تفاقم الأزمة وتحول الولايات المتحدة إلى أول بلد من ناحية معدل الإصابات، ومخاطر الامتداد نحو أفريقيا والدول النامية، برزت دعوة رئيس مجموعة العشرين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز لعقد قمة افتراضية للتنسيق في مواجهة الجائحة.

ويجدر التذكير أن هذه المجموعة يمكنها التحول إلى “مجلس إدارة العالم” في حال إصلاح المؤسسات الدولية وتكريس النظام متعدد الأقطاب، بدأت بالاجتماع على مستوى القمة منذ نوفمبر 2008 لمواجهة الأزمة المالية العالمية. ومن هنا أهمية قرار المجموعة بضخ “أكثر من 5 تريليونات دولار في الاقتصاد العالمي، وذلك كجزء من السياسات المالية والتدابير الاقتصادية وخطط الضمان المستهدفة لمواجهة الآثار الاجتماعية والاقتصادية والمالية للجائحة”.

وتبع ذلك اتصالان بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره الأميركي دونالد ترامب وكذلك بين ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ اللذين قررا التهدئة والتعاون الفعال لمواجهة الكارثة، فيما بشر إيمانويل ماكرون بمبادرة مشتركة أوروبية – أميركية.

تدلل التطورات الأخيرة على إدراك جسامة المخاطر إزاء كارثة صحية واجتماعية واقتصادية تهدد كل العالم، ويفرض ذلك على جدول الأعمال الطي المؤقت لصفحة السجال الإعلامي ووصفات مطبخ نظريات التآمر والمعارك المكشوفة.

لكن ذلك لا يعني عدم حصول مواجهات وتجاذبات وربما حروب في صراع يتمحور أساسا بين القطبين الأساسيين: الولايات المتحدة والصين عبر الحروب التجارية والإلكترونية والحروب بالوكالة. لكن نظرا لترابط الاقتصادات والانهيارات من الأفضل عدم السباق نحو الهيمنة بل من أجل مستقبل أفضل تكون فيه القيادة لمن ينجح في ترتيب الوصول إلى تعاون دولي يحفظ المصالح نسبيا، ويسمو على الاعتبارات السياسية والنفعية البحتة، ويقوم على الاستجابة للأزمة البيئية في إطار الهيئات متعددة الأطراف، بالإضافة إلى بلورة أنظمة تلتزم بالقيم المناقبية ويلعب فيها الحكماء والنخب دورا أساسيا بديلا عن الديمقراطية الفوضوية والسيطرة النيوليبرالية.

العرب اللندنية




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد