Date : 23,04,2024, Time : 09:16:39 AM
2774 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الأحد 20 رجب 1441هـ - 15 مارس 2020م 01:18 ص

كورونا وقرّاؤها: لكل تراجيديا كتابها

كورونا وقرّاؤها: لكل تراجيديا كتابها
مالك التريكي

لم يقتصر تأثير جائحة كورونا على مجالات الصحة والاقتصاد والسياسة، بل إن اللافت للانتباه والداعي للتفكير أن هذا التأثير قد اتسع ليشمل مجال الثقافة. ذلك أن القلق من هذا الوباء العالمي قد أدى إلى تزايد الإقبال في إيطاليا، البلد الأوروبي الأكثر تضررا، على قراءة روايتي «الطاعون» لألبير كامو و«العمى» لخوسيه ساراماغو. حيث ذكرت جريدة لاريبوبليكا أن مبيعات رواية الطاعون حققت في الأيام الأخيرة ارتفاعا مشهودا بحيث قفزت من المرتبة الحادية والسبعين إلى المرتبة الثالثة على قائمة أكثر الكتب مبيعا في إيطاليا، بينما تزايدت مبيعات رواية العمى بنسبة 180 بالمائة فصارت تحتل المرتبة الخامسة على قائمة مبيعات أمازون.
وكانت الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها باريس في تشرين الثاني/نوفمبر 2015 قد أدت إلى تزايد إقبال الجمهور في فرنسا على قراءة قصة «عيد متحول» (أو «عيد متنقل») التي يروي فيها أرنست همنغواي أحداث السنوات الخمس التي أمضاها في باريس في عشرينيات القرن الماضي أيام كان في بداية حياته الصحافية والأدبية (وتعرف هذه القصة في فرنسا بعنوان آخر هو «باريس حفل» أو «باريس عيد»، ولا تعرف بعنوانها الانكليزي الأصلي الذي يحيل إلى الأعياد الدينية، مثل عيد الفصح، التي تتحول تواريخها كل عام، والذي قصد به همنغواي أن «من كان محظوظا بالعيش في باريس زمن الشباب فإن ذكراها تظل تلازمه بقية العمر»). كما تزايد إقبال الجمهور على قراءة رواية «نوتردام دو باري»، المعروفة عربيا بـ«أحدب نوتردام»، في أعقاب الحريق الذي شب في كاتدرائية نوتردام في نيسان/أبريل 2019. وكانت اليابان أيضا قد شهدت إقبالا على قراءة رواية الطاعون في أعقاب الكارثة النووية في فيكوشيما في آذار/مارس 2011.

ومن الآثار الثقافية المحلية الناجمة عن انتشار جائحة كورونا أن الاهتمام قد تجدد في إيطاليا برواية ألساندرو مانزوني «الخطيبان» التي صدرت عام 1821 والتي تعدّ العمل الأدبي المؤسس للرومنطيقية الإيطالية، ومن ثمة لحركة الإحياء القومي التي أسفرت عن توحيد إيطاليا. فقد عمد مدير معهد فولتا الثانوي في ميلانو دومنيكو سكويلاتشي، فور أن علم أواخر الشهر الماضي بقرار إغلاق جميع المدارس والجامعات في مقاطعة لومبارديا، إلى توجيه رسالة مفتوحة إلى جميع التلاميذ صدّرها بما يلي: «إن الطاعون الذي تخوفت هيئة الصحة والنظافة من دخوله إلى ميلانو وضواحيها مع الجحافل الألمانية قد دخل فعلا كما هو معروف. والمعروف على وجه الخصوص أنه لم يتوقف هناك، بل إنه غزا مناطق واسعة من إيطاليا فأباد أهاليها». وبما أن التلاميذ وجميع المتعلمين الإيطاليين يعرفون أن هذا التصدير إنما هو اقتباس من مطلع الفصل الحادي والثلاثين في رواية مانزوني، التي تدور أحداثها في بداية القرن السابع عشر، فقد حظيت رسالة سكويلاتشي باهتمام كبير في مواقع التواصل، كما أن الإعلام الإيطالي احتفى بها وأشاد بنبل مقصدها.
ورغم تشابه ردود الفعل الاجتماعية في الحالتين، فقد حرص سكويلاتشي على التنبيه إلى عظم الفوارق بين كورونا 2020 وطاعون 1630 (الذي يقدّر المؤرخون أنه أودى بحياة ربع سكان إيطاليا الشمالية). وكان واضحا أن ما قصده، بهذه الإحالة إلى مرجع أدبي يعرفه معظم الإيطاليين، هو الإهابة بالتلاميذ، في زمن الكورونا هذا، أن «يحاذروا السقوط في مهاوي الهذيان الجماعي». ولمزيد التوضيح، فإنه نصحهم بالخروج للتنزه أو بمطالعة كتاب شيق! ذلك أن استحضار التراث الأدبي الإيطالي، بما يزخر به من رهافة المعاني الإنسانية، إنما هو تأكيد على وجوب الاحتراس من حالة الرّهاب التي تتملك المجتمعات في زمن الكوارث ووجوب مقاومة غريزة القطيع التي يمثلها الاستسلام لهواجس الهلع الذي يعطل العقل ويطفئ الذات.
على أن اللافت، مثلما ذكرت لوموند، أن لذكرى الأوبئة جذورا راسخة في أعماق الثقافة الإيطالية. والسبب أن تاريخ إيطاليا، منذ العصور الوسطى، هو تاريخ حضري وأن الحواضر والمدن هي أكثر الأماكن قابلية لتفشي الأمراض. والدليل على رسوخ هذه الذكرى أن أحداث مجموعة قصص “ديكامرون” التي ألفها جوفاني بوكاتشو (المعاصر لابن خلدون) عام 1353، وهي أول نص نثري يكتب بالإيطالية (وليس باللاتينية)، إنما تتعلق بالطاعون الأسود الذي ظهر عام 1348 ودفع بعشرة فتيان وفتيات من علية القوم إلى الفرار من فلورنسا إلى الريف الإيطالي.
أما ما يعنيه تواتر هذه الظاهرة المتمثلة في إقبال القراء، حسب الحالات، على كتب مثل الطاعون والعمى وأحدب نوتردام…، فقد أوجزته لوموند بالقول إن «لكل تراجيديا كتابها».

القدس العربي 




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد