ليس عنصرية بل صهيونية: هكذا يبدو مفهوم “الأغلبية اليهودية” رديفاً لوجود إسرائيل
بعد أن شطبت خطة ترامب ادعاءات “الاحتلال” و”الابرتهايد”، وبعد أن كفت صرخات الـ “عنصرية” عن إثارة الانطباع، جاءت ساعة مفهوم “الأغلبية اليهودية”. فوق السطح وفي التيارات التحت أرضية للوعي السياسي، يلصق أعضاء القائمة المشتركة “العنصرية” بمفهوم “الأغلبية اليهودية”، الذي هو من الحجارة الأساس للصهيونية، وفي مذهب آباء الصهيونية، من اليسار واليمين.
إن المعارضة العربية لـ “الأغلبية اليهودية” ليست أمراً جديداً، الجديد هو اعتبار هذا التعبير عنصرياً، هكذا بحيث يتكاتب مع الخطاب الحالي المناهض لإسرائيل الذي في جوهره تتطلع للمس بالشرعية الأخلاقية لدولة إسرائيل في الوجود كدولة يهودية. إن اعتذار أبطال الجيش الذين يتطلعون لقيادة إسرائيل عن استخدام تعبير “الأغلبية اليهودية” هو مس خطير بفكرة دولة الشعب اليهودي، واستعراض لضياع الطريق، كما تقول القصيدة “هكذا قال الشيطان” لنتان الترمان: “أضاع عقله ونسي أن معه الحق”.
يفهم الجميع بأن الأغلبية اليهودية هي التعبير الأهم لتحقق السيادة اليهودية. ثمة صلة مباشرة بين الأغلبية اليهودية والدولة اليهودية، والهجرة اليهودية وقانون العودة. من يحاججون ضد مفهوم “الأغلبية اليهودية” في دولة إسرائيل، يسعون لنفي القومية اليهودية. في شعارهم الجديد، يعطي أعضاء المشتركة تعبيراً لما ورد في الميثاق الفلسطيني لـ م.ت.ف: “ادعاءات الصلة التاريخية أو الروحية لليهود بفلسطين، لا تنسجم مع حقائق التاريخ، أو مع عناصر الدولة من معناها الصحيح. اليهودية، كدين سماوي، ليست قومية ذات وجود مستقل، كما أن اليهود ليسوا شعباً واحداً ذا شخصية مستقلة، بل مواطنون في الدول التي ينتمون إليها”. إن نفي القومية اليهودية الذي هو من الحجارة الأساس في الهوية الفلسطينية. ويصطف مع فكر رافضي دولة إسرائيل من بين العرب أجزاء في المعسكر الليبرالي والتقدمي في أوروبا والولايات المتحدة. وجعل مفهوم “الأغلبية اليهودية” منبوذاً هو مصلحة فلسطينية صرفة. إن مصدر النزاع الذي لم ينجحوا في حسمه بالحروب والإرهاب الوحشي، موجود في هذا المفهوم. وضرورته للسيادة القومة اليهودية واضحة.
إن زعماء الصهيونية الذين لم يشعروا بالحاجة إلى تبرير أنفسهم بالنسبة له، فهموا جيداً أهمية “الأغلبية اليهودية” لإقامة دولة يهودية. وكانوا سيوقعون على أقوال دافيد بن غوريون بأن “الهجرة الكبرى، الأغلبية اليهودية، الدولة اليهودية – هي من ناحية الدينامية السياسية مفاهيم منفصلة” (دافيد بن غوريون، “عنصر الزمن في الصهيونية”). وقد أضاف إلى هذه الأقوال بأن “لا يوجد أي فرق بين معارضة العرب للدولة اليهودية أو للأغلبية اليهودية أو للهجرة الكبرى. لديهم هذه المفاهيم الثلاثة تتماثل بالتأكيد”. وفي الموضوع ذاته، كتب زئيف جابوتنسكي: “الأغلبية اليهودية في بلاد إسرائيل هي، من ناحية موضوعية ومن ناحية ذاتية على حد سواء، الهدف الأول والنهائي للحركة الصهيونية ولكل أعضائها ممن لهم في أجسادهم روح سليمة” (زئيف جابوتنسكي، “الأغلبية”).
في تلك الأيام، حين لم يكن واضحاً ما هي المكانة القانونية الدقيقة للدولة اليهودية التي ستقوم، ميز جابوتنسكي بين السيادة “تجاه الخارج” التي تشكل المضمون القانوني للسيادة التي ستمنح للشعب اليهودي من قبل القوى العظمى وبين السيادة “تجاه الداخل”. بالنسبة للأخيرة، قال إن “فكرة “دولة اليهود” واضحة بالتأكيد: معناها أغلبية يهودية، بها بدأت الصهيونية وبفضلها تواصل الوجود”. بالمقابل، فإن مشاعر المراعاة التي سارع زعماء “أزرق أبيض”، إلى جانب الصحافيين والمفكرين، إبداءها تجاه شعور أعضاء المشتركة بالإهانة من مفهوم “الأغلبية اليهودية”، هي فعل خداع لليهود، ولكن بقدر لا يقل عن ذلك.. تجاه المواطنين العرب أنفسهم.
إن أعضاء المشتركة الذين وفرت لهم خطوات سياسية فاشلة مثل رفع نسبة الحسم إمكانية أن يشكلوا جهة مهمة في العقدة السياسية، يتخذون تكتيكاً يدفع إلى الأمام بالقومية الفلسطينية، وفي الوقت نفسه.. أجندة دولة كل مواطنيها: المعارضة بحقنا في تقرير المصير. من شأن التكتيك أن يؤثر على أولئك الذين ضعف لديهم إحساس العدل. ولكن في لحظة الحقيقة، يعرف أعضاء المشتركة بأنه لا يمكن لـ “الأغلبية اليهودية” أن تكون الموضوع الذي يحدد معسكرات السياسيين الصهاينة. إنهم يعرفون بأن حتى الجنرالات الساعين إلى تأييدهم، من أجل تحقيق الفكرة المثالية المتمثلة في “كله إلا بيبي” سيقولون – إلى هنا!
اسؤائيل اليوم
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews