من أجل مقعد أو مقعدين إضافيين: نتنياهو مستعد لإحراق الدولة كلها
الأيام الثلاثة القادمة هي الثقب الأسود للحملة الانتخابية. اليوم ستنشر الاستطلاعات الأخيرة، وبعد ذلك ستكون هناك شائعات ووابل من الأخبار الكاذبة. ومعدة من صمد حتى الآن ولم يتقيأ، سيكون عليها أن تزيد من قدرتها كي لا تنهار تحت أكوام القمامة التي ستتطاير. السؤال الكبير الذي سيحسم في هذا الوقت هو العنصر الافتتاحي الذي يتم التحدث عنه منذ بداية المعركة الانتخابية: ما هي نسبة التصويت.
قصة هذا الفصل من الانتخابات في بداية العام 2020 (داخل الكتاب الطويل الذي يسمى “بيبي نعم، بيبي لا) هي كلمة واحدة: المسودة. ومثلما في حملة الجنرال شيرمان المشهورة إلى البحر في الحرب الأهلية الأمريكية التي أشعل فيها النار في كل ما وجده في طريقه – منشآت، مبان، أبقار، ومدينة أتلانتا بأكملها – هكذا أيضاً يتصرف نتنياهو بعقيدة “الأرض المحروقة”. فمن أجل مقعد أو مقعدين إضافيين هو مستعد لإحراق كل الدولة.
عقيدة فنكلشتاين التي ترافقه منذ ثلاثة عقود تقريباً، والتي تقول بأنه الانتصار في الانتخابات لا يتم إلا بحملة سلبية. هذه العقيدة سيطرت على الخطاب السياسي عندنا. نقطة الانطلاق كانت إيجابية، وفي الوقت الحقيقي لم نشاهد نتائجها. خطة ترامب المنسية: ذاك الظهور في واشنطن، حيث يتلعثم غانتس أمامه (هذه المرة مجازياً)، كان الموعد الذي بدأ فيه نتنياهو بفتح فجوة بينه وبين خصمه حول سؤال المستطلعين عن الشخص الأكثر ملاءمة لمنصب رئيس الحكومة. هذه الفجوة اتسعت وساعدت بعد ذلك في قمع مصوتي “أزرق أبيض”. الغارة المدهشة التي شنها الليكود لاحقاً أدت إلى تراجع في الاستطلاعات. ما لم تفعله هدايا العم الأمريكي والدب الروسي، فعلتها الثمار المسممة لحملة التشويه التي لدى غانتس. لقد قام ببث روح اليأس وأشعل الإحباط، وقد ضرب بشدة حزب بائس وقاعدة متحمسة تمتعت برؤية ملكها وهو يبحث عن النقاط المؤلمة أكثر تحت الحزام من أجل ضربها.
على سبيل المثال، ظاهرة رائعة لا يمكن تخيلها وهي تحويل طهارة المعايير إلى سلاح في أيدي نتنياهو والليكود ضد غانتس و”أزرق أبيض”. في عالم سليم، حتى حزب يترأسه متهم بمخالفات تلقي الرشوة والتحايل، ووزير سابق في حزبه (حاييم كاتس) تهرب الآن من المحاكمة بواسطة الحصانة، وعضو كبير في الحزب (دافيد بيتان) تنتظره لائحة اتهام بسبب تلقي الرشوة.. كان عليه الهرب من الساحة القضائية ومن كل إشارة لها مثل الهرب من النار. هذا المنطق الأساسي لا يعمل عندنا. نتنياهو يقف وهو يحمل خزاناً من الزبدة على رأسه، ثلاثة ملفات ثقيلة وينظر مباشرة نحو العدسات ويطلب من غانتس تقديم تفسيرات حول قضية شركة “البعد الخامس” التي هو غير متهم فيها أبداً.
بعده جاء ميكي زوهر وصرخ بأن ““أزرق أبيض” هو الحزب الأكثر فساداً في إسرائيل. وفي الأصل، فإن كل أمثال زوهر والذين يعدّ وجودهم نفاقاً داخلياً لنتنياهو، ومدفعية أكاذيب موجهة نحو معارضيهم، وكذا أشخاص مثل آفي ديختر، تم جرهم إلى هذا الحفل، الرئيس السابق للشبااك الذي رأى نفسه مرشحاً لرئاسة الحكومة، تحول من حارس للعتبة إلى مهرج في البلاط. ديختر اقتبس موقع أخبار مهملاً، مهنته هي التشويه، وينسب لغانتس إخفاء محتويات (حقيقية ومحرجة) من هاتفه المحمول الذي اخترقته إيران.
هكذا أعيدت إلى حياتنا حملة الهواتف من نيسان 2019 التي لم تكن فعالة في حينه. هكذا أضافوا إلى هذه الكعكة طبقات من القذارة والتلميحات الجنسية. ماكينة حرب الليكود تقوم بتسريع ذلك من أجلهم. قبل بضعة أسابيع، بدأ هذا بتغريد أشخاص مجهولين، أو خادمين في بلفور يتخفون بقناع رجال إعلام لأنفسهم. بعد ذلك، انتقل هذا إلى الاستخدام من قبل يئير نتنياهو وأصدقائه، وبعدها إلى منتخبي الليكود، وفي النهاية رئيس حكومة إسرائيل بنفسه وقف على المنصة ووجه نظرة وأظهر القلق من أنه يمكن أن يكون رئيس حكومة في إسرائيل، وقد يتم ابتزازه من قبل إيران.
نقول لأنفسنا في كل مرة إن الأمر وصل إلى نهايته. كفى، نتنياهو لن ينجح في الهبوط أكثر وإلى وضع بائس أكثر. عندها يضغط على زر مخفي في مصعد الحملة ويدفع الخطاب ويدفعنا إلى تحت الأرض، إلى طبقات غير معروفة توجد فيها رائحة المجاري الكريهة التي تزكم الأنف وتشوش الحواس. ليس أنفه، بل العكس، هذه بالنسبة له رائحة مرغوب فيها. أنف هذا الرجل يستمتع من القذارة وكأنها على صحن من ماء الورد.
هارتس
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews