نتنياهو والشطرنج الإقليمي: قبل انتهاء الاتفاق… كيف تتصدى إسرائيل لـ “إيران نووية”؟

إن تحدي النووي الإيراني واستراتيجية محاصرة إسرائيل يجب أن يكونا اعتباراً ثقيل الوزن بعشرات الأضعاف مقارنة بكل موضوع آخر في الانتخابات وبعدها. إذا لم يكن حسم بين الكتلتين، فينبغي مطالبة المتنافسين بالتغلب على الفجوات والرواسب والتصدي للتحدي معاً.
يوشك الاتفاق النووي مع إيران على الانتهاء بعد نحو خمس سنوات، وربما قبل ذلك، إذا واصلت إيران انسحابها التدريجي من التزاماتها. فمنذ البداية، لا يمنع الاتفاق استمرار تطور القنبلة، ولا يشوش على قدرة إيران على نيل ما ينقصها في الطريق إلى السلاح النووي. ويدور الحديث أساساً عن تطوير الصواريخ الذي لم يكن على الإطلاق في الاتفاق، وباستكمال تطوير آلية إشعال الرأس المتفجر النووي في القواعد العسكرية دون رقابة ناجعة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في اتفاق سري فضائحي لم يكشف للجمهور.
أمام ضعف أوروبا وحل النعامة الذي يمثله الاتفاق النووي بمبادرة أوباما، فإن سلوك نتنياهو كزعيم ذي مسؤولية تاريخية جدير بالتقدير. فقد وظف، رغم الانتقاد الداخلي، مليارات عديدة في خلق قدرة هجومية عسكرية مصداقة ومستقلة لإسرائيل ضد إيران. هذه الإمكانية الهجومية الكامنة مهمة للمستقبل. وفي المرحلة الأولى، نجح في أن يحمل القوة العظمى على فرض عقوبات على إيران. في المرحلة الثانية، حين حققت إدارة أوباما الاتفاق من خلف ظهر إسرائيل، تصدى لها نتنياهو بجسارة زعامية محاولاً منع هذا الاتفاق الخطير الذي تضمن، إضافة إلى إلغاء العقوبات وإبقاء التهديد النووي، نقل مئات مليارات الدولارات، وأدى إلى تعزيز الحرس الثوري وإشعال الإرهاب وخطة حزام الحصار التي وضعها سليماني وفيلق القدس.
إن محاولة نتنياهو تجنيد الكونغرس ضد الاتفاق لم تنل إسناداً جماهيرياً كافياً ولم تنجح، ولكن مثابرته أدت إلى الانعطافة المهمة المتمثلة بانسحاب ترامب من الاتفاق واستعداده للتصدي لإيران بأسلوب مغاير لأسلوب المصالحة الذي اتبعته إدارة أوباما.
إن الحدث التاريخي الذي تقف أمامه قيادة إسرائيل سيبلغ ذروته في السنوات القريبة القادمة. فدافع الثورة الإسلامية لدى الحرس الثوري يقوم على أساس إيمان مسيحاني متطرف، والهجوم على الأهداف الأمريكية ومنشآت النفط السعودية يشهد على تصميمه.
لقد خلق تحول السياسة الأمريكية احتمالاً مميزاً لإعادة دواليب التاريخ إلى اتجاه يزيل رعب تحول الجمهورية الإسلامية إلى قوة عظمى نووية، ولكن تحققه ينطوي على سلوك سياسي مركب وحساس تتخذه قيادة إسرائيل. هذا الكفاح ينطوي على مخاطر التدهور إلى حرب بمشاركة فروع إيران التي تحاصر إسرائيل، التي من المتوقع فيها ضرر للسكان والاقتصاد في أعقاب وقوع عشرات آلاف الصواريخ (التقليدية) على مدن إسرائيل ومنشآتها الاستراتيجية.
إن كفاءة تجربة وشبكة علاقات نتنياهو السياسية حيوية لإدارة متوازنة، ولكن غير مساومة لهذا التحدي. فالعلاقات العلنية والسرية والمصالح الاستراتيجية المشتركة التي نسجها مع لاعبين حرجين في الكفاح، بدءاً بالرئيس الأمريكي وانتهاء بالرئيس المصري وبحكام الدول العربية والإسلامية في الدائرة المحيطة بإيران، هي ذخر لا يجب التخلي عنه في إدارة لعبة الشطرنج الوحشية هذه حيال مخترعي اللعبة.

اسرائيل اليوم