باليهودي المتطرف وتعطيل القانون: هكذا ينطلق القطار الليلي إلى محطته الأخيرة.. لإقامة الهيكل!

الخطاب القومي المسيحاني المتطرف حول الحرم لم يتسرب بعد إلى النشرات الإخبارية الرئيسية في التلفاز، ولكن من يقرأ أعمدة الرأي في وسائل إعلام اليمين مثل صحيفة “إسرائيل اليوم” و”ميكور ريشون” و”قناة 7″ يكتشف أن هذا الخطاب قد تجذر هناك.

اعتقال عضو الكنيست السابق يهودا غليك في الحرم بسبب سير بطيء جداً هو أمر دقيق واحتجاجي، والأصفاد التي وضعت في يديه أمام ناظري المسلمين، والتفتيش الذي أجرته الشرطة في الليلة نفسها في منزله… كل ذلك ينبع في نظر اليمين من نفس السلوك اليساري – المتآمر لـ”سلطة القانون” والموجه أيضاً نحو نتنياهو. حسب رأيهم، “سلطة القانون” وضعت لنفسها هدفاً وهو قمع ممثلي القومية اليهودية، نتنياهو في البداية والآن غليك.

حسب رأي اليمين، فإن الحرب التي تجري بين “سلطة القانون” والقيادة القومية المتطرفة، يرى فيها اليمين أنه الوقت حان لتحقيق الوعد الإلهي للشعب اليهودي، وليس لسلطات إنفاذ القانون، التي تقوم بتدنيس المقدسات بصورة واضحة.

أما القوميون المعتدلون نسبياً؛ أي هؤلاء الذين لا يعتبرون حزب “أزرق أبيض” هو “البديل”، يعتقدون أن الحركة الوطنية اليهودية سترتاح بعد فرض السيادة على غور الأردن وجميع المستوطنات. ولكنهم مخطئون، فبعد كل هذا الضم ستنتظرنا التلة المقدسة للمسيحانية: السيطرة على الحرم بالتدريج. بداية صلاة اليهود في الحرم، وفي النهاية إقامة الهيكل وتقديم القربان. ربما يتحدث بتسلئيل سموتريتش الآن عن قطار ليلي إلى حائط المبكى، لكن المحطة النهائية الحقيقية لهذا القطار ستكون في الحرم.

إن أفضل المستوطنين لا يرفضون إقامة الدولة الفلسطينية بصورة مطلقة فحسب، ولا حتى بصيغة الجبنة السويسرية التي وفرتها خطة ترامب– فما يقلقهم من تلك الصفقة التي يقترحها البيت الأبيض هي البنود التي تتعلق بمستقبل الحرم، فمن وجهة نظرهم “الكرامة اليهودية” مكانها في الحرم.

قدسية الحرم هي التي تبرر في نظرهم وجوداً قومياً يهودياً في أرض إسرائيل. في الحرم يمر الخط الذي يفصل بين عالمية الليبراليين والقومية اليهودية المتطرفة. من هناك ستهب الرياح المسيحانية. وكل حركة فاشية تتميز بالوعد وبإعادة الأمور إلى سابق عهدها، والعودة إلى ماضٍ بطولي وإمبريالي، ماضٍ يغطي على حاضر ضعيف غير مليء بـ”الكرامة الوطنية” التي يشعر الشخص الوطني من دونها بأنه مهان ومضطهد.

من الحرم تهب رياح الفاشية التي تميز الوطنية المتطرفة اليهودية، ولن تهدأ حتى يتم محو عار المسجد الأقصى وإقامة الهيكل ثانية. يرى الفاشيون الآخذون في التزايد حول الحرم بأن اعتقال غليك أمام أنظار المسلمين يعدّ مساً خطيراً بـ”الكرامة اليهودية”.

برنامجهم تجاه الحرم يشبه البرنامج الذي اتبعوه في إنشاء المستوطنات في الضفة، الخطة التي سيكافئ بها ترامب برؤيته الافنجلستية: وضع حقائق على الأرض بصورة تدريجية وتصميم وثبات.

هذا الأمر كان مجدياً في المستوطنات، وقد ينجح في الحرم أيضاً، وتحديداً بمساعدة الدعم من لوبي الافنجلستيين في الولايات المتحدة وأموال شلدون ادلسون. ولن توقفهم أي سلطة قانون. أمناء جبل الهيكل يعتبرون أنفسهم مبعوثي الإله. وإذا تبين لمعارضيهم بأن الكابوس الأكبر الذي يمكن أن يخلقوه في البلاد هو دولة أبرتهايد ثنائية القومية، فقد حان الوقت لإدخال الحرم في المعادلة. وطالما أنه موجود في أيدي المسلمين فلا توجد لليهود كرامة. ومن دون “كرامة” لن يتم إشباع رغباتهم الفاشية. دولة الأبرتهايد ثنائية القومية هي علامة فارقة في الطريق إلى إقامة الهيكل. هذا هو الهدف الأكبر القادم. وإليه انطلق القطار من المحطة.

هارتس