الإسرائيليون وأحزابهم: العرب وقائمتهم المشتركة عدو يوحدنا
من دون عرب إسرائيل لا يوجد للدولة اليهودية هوية قومية مشتركة. مثلاً، “أزرق أبيض”، وهو الحزب المتردد دائماً، والذي يغير في كل أسبوع موقفه من الشراكة مع القائمة المشتركة. ويبدو أنه حزب يرسم الحدود المسموحة بين الصهيونية العقلانية والمسيحانية المتعصبة، وبين السياسة النقية وأكوام من القذارة والفساد، وبين إمكانية السلام والاحتلال الأبدي. ولكنه حزب لا يعرف نفسه عندما تتعلق الأمور بـ “عملية سلام” مع عرب إسرائيل؛ فإما طلب دعم القائمة المشتركة والتجول في أوساط الجمهور مع وصمة الخيانة، وإما إبعاد عرب إسرائيل وكأنهم مصابون بفيروس كورونا.
في استطلاع نشر أول أمس في “القناة 13″، طرح سؤال لا يثير إلا الاشمئزاز: هل يمكن لحكومة مدعومة من العرب أن تكون حكومة شرعية. “الفرح الكبير” هو أن 44 في المئة اعتقدوا بأنها ستكون حكومة شرعية، مقابل 33 في المئة اعتقدوا عكس ذلك. أي جمهور ليبرالي هذا! والمستطلعون الآخرون لم يكن لهم رأي، كالعادة. ولنفترض أن نصفهم اقتنعوا بأن حكومة “مع العرب” لن تكون شرعية، عندها كانت ستجسر الفجوة بين “الليبراليين” و”الوطنيين”.
يمكن تقدير حجم الضجة التي كانت ستثور لو سئل هذا السؤال في الولايات المتحدة بالنسبة للسود، وفي فرنسا بالنسبة للمهاجرين من المغرب، وفي بريطانيا بالنسبة لليهود. ولكن هذا السؤال يعتبر مشروعاً في إسرائيل، لأنه مسألة سياسية وليست قيمية. وقد وُلد في إطار حملة التحريض الوحشية والمقيتة ضد العرب التي ترأسها نتنياهو وعصابته في الصراع ضد حزب “أزرق أبيض” الذي يسمى الآن “غانتس”. ولكن التمسك بإقصاء العرب عن النسيج السياسي في إسرائيل نابع من رؤية، ويشكل استمراراً مباشراً للتشريع العنصري الذي يشكل صورة دولة إسرائيل كدولة يهودية، ويعكس المواقف والآراء التي تجذرت خلال عشرات السنين في أوساط الجمهور.
السنوات العشر التي كانت فيها إسرائيل مسجونة في حكم يميني، الذي ازداد تطرفه ووصل إلى شفا المسيحانية الهستيرية، أوجدت القالب الذي ستصب الحكومة في داخله الهوية القومية اليهودية. ولكن هذه الهوية لم تساعد في جهود العثور على القاسم المشترك الضروري لكل تجمع قومي. واليهودية، التي كان يبدو أنها قادرة على أن تستخدم كرزمة واحدة، فقدت معناها. اليهود في إسرائيل منقسمون بين من يخدمون في الجيش والمتهربين منه، وبين الأصوليين والأصوليين الوطنيين، وبين الصهاينة المتدينين والصهاينة العلمانيين، والمستوطنين ومواطني الدولة، و”الروس” و”الأثيوبيين”، وبين يهود تل أبيب وباقي الدولة.
العدو الخارجي أيضاً، الذي هو أداة معترف بها لبناء هوية وطنية، لم ينجح في إلغاء الانقسامات الداخلية، حيث إن حكم اليهودي في غلاف غزة ليس مثل حكم اليهودي في حيفا أو في “موديعين”. وحتى إيران التي تعتبر تهديداً وجودياً للدولة لم تنجح في تشكيل حكومة وحدة.
ولكن حدثت معجزة في إسرائيل؛ فهي تملك ذخراً وطنياً لا مثيل له لخلق هوية وطنية. أقلية عربية، 20 في المئة، تجسر جميع الفجوات وتغلق نقاط الخلاف وتُحدث الأخوة بين الخصوم السياسيين وتحدد لكل مواطن يهودي مستوى وطنيته. وكلما ترسخت السياسة الإسرائيلية في أوساط سكان الحزبين الكبيرين، ولأنه لا يوجد أي فرق بين “أزرق أبيض” والليكود في المسائل الأساسية، فإنهما يعلقان شرعيتهما بمدى الابتعاد عن العدو الداخلي.
هذا القاسم المشترك سيواصل كونه القاعدة التي ستستند إليها أي حكومة مستقبلية، سواء أدارها الليكود أم “أزرق أبيض”. ولا توجد حاجة لتبرير عدم قدرة العرب على أن يكونوا شركاء، ويجب عليهم أن يكونوا خارج النظام ومواصلة كونهم لوحة الأهداف، “تمثيل العدو”، لأنهم هم فقط يستطيعون توحيد يهود إسرائيل.
هارتس
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews