كيف تحافظ إسرائيل على استقرار الضفة إلى حين انتخابات الكنيست؟
على مدى نحو عقد، تصدر في إسرائيل إخطارات متواترة حول انفجارات عنيفة وواسعة في الساحة الفلسطينية. ويطرح التهديد أساساً، في ضوء الأزمة السياسية أو الأمنية الحادة، من جانب السياسيين (من الجناحين)، محافل التقدير الأمنية وكذا رجال إعلام وأكاديميين. كما أن مثل هذا الإخطار طرح أيضاً، الأسبوع الماضي، على خلفية سلسلة الأحداث العنيفة في يهودا والسامرة.
عملياً، رغم الأزمات الشديدة، وعلى رأسها “انتفاضة السكاكين”، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والتصعيد في غزة، بقيت يهودا والسامرة هادئة نسبياً. وذلك بسبب جملة من ثلاثة عوامل مركزية: تعب الشارع الفلسطيني من الصراعات والشعارات التي تتصدرها قيادة ذات علاقة مشحونة معه؛ ونسيج الحياة المستقر الذي تتمتع به أغلبية الجمهور في المناطق، وهو ليس أمراً مسلماً به في الشرق الأوسط في 2020؛ وجهود السلطة نفسها لمنع أي تصعيد يؤدي إلى نهايتها.
إن موجة التصعيد الأخيرة التي تطورت بعد نشر صفقة القرن توّجها كثيرون كـ “شيطان خرج من القمقم، ومن الصعب إعادته هذه المرة “. ودون الاستخفاف بخطورة الأزمة الحالية، ينبغي التشديد أيضاً على ما ليس فيها، حتى الآن على الأقل: معظم الجمهور يفضل نسيج الحياة على المواجهة؛ فحجم المشاركة في أعمال الإخلال بالنظام متدن نسبياً، والسلطة -رغم لغتها الحادة- تواصل الحفاظ بهيبة مقدسة على التنسيق الأمني الذي يشكل أساساً وجودياً لها.
لا يفترض بهذا كله أن يهدئ إسرائيل، فثمة ظاهرتان تتطوران في ظل الأزمة الحالية، وقد تؤديان إلى تدهور سريع في الوضع السائد حالياً في يهودا والسامرة: الأولى، مقاطعة اقتصادية متبادلة ذات حجوم محدودة حالياً، ولكنها قد تمس بتواصل نسيج حياة الفلسطينيين وتوسيع مشاركتهم في الصراع؛ والثانية، المس برجال الأمن الفلسطينيين كما في حادثة جنين الأسبوع الماضي، وهذا من شأنه أن يشجع مبادرات ذاتية وتفسيرات متطرفة لمحافل ميدانية في السلطة، ولا سيما اتخاذ جانب العنف الذي يؤدي إلى تصعيد لا يمكن التحكم به.
رغم الأزمة السياسية الحادة، لا تزال إسرائيل تحافظ على استقرار نسبي في يهودا والسامرة، ولاسيما من خلال سياسة مدنية واقتصادية فهيمة. نوصي الحكومة بأن تعترف بذلك وتقرر خطواتها في ضوء ذلك. السلام الاقتصادي ليس تسوية سياسية، ولكنه كفيل بأن يسمح باجتياز الفترة الانتقالية حتى الانتخابات دون انتفاضة ثالثة وانحلال السلطة، والحفاظ على أساس للحوار بين الطرفين في المستقبل.
معاريف
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews