الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي يتحول إلى حرب تجارية

في تقرير لها تحت عنوان “الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي يتحول إلى حرب تجارية”، قالت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية إن الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين، الذي يشكل إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لخطته للسلام بشأنه، المعروفة بصفقة القرن، أحدث حلقاته- بات اليوم يأخذ أيضاً شكل حرب تجارية بين الطرفين، اعتبرت الصحيفة أنها ستنعكس سلباً على الطّرفين. فبعد مقاطعة لحمها، حظرت إسرائيل تصدير الفواكه والخضروات الفلسطينية إلى الأردن.

وتوقفت الصحيفة الفرنسية عند إعلان الدولة العبرية الأخير بأنها بصدد منع عبور الشاحنات الفلسطينية التي تنقل الفواكه والخضراوات وزيت الزيتون والتمر إلى الأردن المجاورة “حتى إشعار آخر”، موضحة أنه يمثل تصعيدًا جديدًا في مواجهة بدأت منذ نهاية العام الماضي 2019 بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، التي سبق لوزير جيشها نفتالي بينيت، الذي يتزعم حزباً قوميًا مؤيدًا ومتحمسًا للاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، أن قام مؤخراً بحظر مبيعات الفواكه والخضروات الفلسطينية في السوق الإسرائيلية، قائلاً إن هذه العقوبة الإسرائيلية أتت رداً على القرار الذي اتخذته السلطة الفلسطينية قبل عدة أشهر بوقف استيراد الأبقار (العجول) من إسرائيل أو عبر تجار إسرائيليين. وهو إجراء يندرج ضمن خطة السلطة الفلسطينية للانفكاك الاقتصادي والتجاري عن إسرائيل، في عديد من القطاعات، وكان رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية يأمل من ورائه في إيجاد موردين أرخص في الخارج.

وتابعت «لوفيغارو» التوضيح أن محاولة التنويع الفلسطينية هذه أثارت غضب مربي المواشي الإسرائيليين؛ لأن رهاناتها كبيرة بالنسبة لهم، لكونهم يزودون السوق الفلسطيني بـنحو 140 ألف رأس من الماشية سنويًا، وهو دخل يقدر بأكثر من 250 مليون يورو. يقول هؤلاء المربون إن مزارعهم مهددة بالإضافة إلى أكثر من 2000 وظيفة. وقد تظاهروا مع بعض حيواناتهم خارج منزل وزير الجيش الإسرائيلي نفتالي بينيت، الذي يميل أكثر إلى مراضاتهم مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية الإسرائيلية في يوم الثاني من مارس/آذار المقبل.

وعلى الجانب الفلسطيني –تضيف الصحيفة الفرنسية– فقد تسبب رفض استيراد لحوم العجول الإسرائيلية في تسريب الملصقات على أكشاك الجزارين بمعدل حوالي 30 في المئة، موضحة أن إسرائيل تستورد ما يقرب من ثلاثة أرباع إنتاجها، والتي لا يمكنها تسويقها إلا في أسواقها المحلية. وعلى الرغم من كل شيء، يبدو رياض عطاري، وزير الزراعة الفلسطيني، واثقاً من أن هذه المواجهة التجارية ستؤثر أيضا على الاقتصاد الإسرائيلي.

غير أن الفلسطينيين يجدون أنفسهم في وضع التبعية، بحيث إنهم مضطرون لاستخدام الشيكل الإسرائيلي في ظل عدم امتلاكهم لعملة خاصة بهم. وما يقرب من 80 في المئة من صادراتهم تذهب إلى إسرائيل.

ومع ذلك، أوضحت صحيفة «لوفيغارو» أن الدولة العبرية ليس من مصلحتها التضييق بشدة على الفلسطينيين، لأنهم يعدون زبائن مهمين لها، بحيث إن مبادلاتها التجارية معهم أهم من مبادلاتها مع دول كفرنسا أو ألمانيا. باختصار –تؤكد الصحيفة الفرنسية– فإن كلا من الطرفين سيتضرر من الحرب التجارية المشتعلة بينهما منذ نهاية العام الماضي.

ولفتت الصحيفة الفرنسية إلى أن مسؤولين عسكريين وأمنيين إسرائيليين يعتقدون أن التدابير الاقتصادية هذه، المتخذة ضد الفلسطينيين، يمكن أن تأتي بنتائج عكسية وتؤدي إلى تجدد العنف. وتأتي هذه الدعوة لتوخي الحذر في الوقت الذي تصاعد فيه التوتر عدة مرات منذ تقديم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في يوم 28 من شهر يناير/ كانون الثاني المنصرم لخطته للسلام، والتي اعتبرها الفلسطينيون أحادية الجانب ومؤيدة بشكل مخز لبنيامين نتنياهو والمستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية والجزء العربي من القدس. كما لاقت رفضاً من الاتحادين الأوروبي والإفريقي وعدد من الدول من حول العالم.

وقد حدث تنبيه خطير في أواخر الأسبوع الماضي –تقول «لوفيغارو»- متمثلًا في قتل أربعة فلسطينيين، بينهم عضوان في أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، وإصابة عدد من الجنود الإسرائيليين في هجوم بسيارة ملغومة في القدس، كما وقعت هجمات أخرى ضد الجنود. لكن صلاة الجمعة في باحة الأقصى، التي قُدمت على أنها «من المحتمل أن تكون متفجرة»، انتهت في النهاية وسط الهدوء دون حدوث أي تجاوزات.

لوفيغارو