لماذا يرفض اليمين واليسار الصهيونيان “خطة القرن”؟
بشكل عام، عندما تعرب محافل من على جانبي الطيف السياسي عن معارضتها لخطوة ما، فإن صاحب الخطوة يعمد إلى القول بأن هذا دليل على عدالة موقفه. أما في حالة خطة ترامب للشرق الأوسط، فهذا دليل واضح على خطأ الرئيس الأمريكي.
تستخدم الخطة اصطلاحات ظهرت في الاقتراحات الإسرائيلية وفي التفاهمات غير الرسمية بين الإسرائيليين والفلسطينيين في ربع القرن الأخير، في ظل تفريغها من محتواها. فهكذا مثلاً، أصبحت “الدولة الفلسطينية” حكماً ذاتياً محدوداً، جملة جيوب يرتبط الواحد بالآخر بروابط المواصلات؛ ويفترض بالطرفين أن يتبادلا الأراضي. ولكن تلك التي يفترض بإسرائيل أن تنقلها إلى الدولة الفلسطينية من سيادتها أصغر بكثير من تلك التي ستضمها من داخل الضفة: يفترض بسجناء فلسطينيين بالفعل أن يتحرروا مع حلول السلام، ولكن لن يكون بينهم من قتل أو من حاول القتل، وحتى الباقين سيتحررون وفقاً للاعتبارات الأمنية لإسرائيل؛ ويفترض بالعاصمة الفلسطينية أن تكون في القدس الشرقية، وبالفعل يدور الحديث عن أرض ضمتها إسرائيل في 1967، وهي جزء من الأرض البلدية للقدس، ولكن منذ بني السور الأمني وهي خلف السور. وأخيراً سيوجد ذلك الحل لمشكلة اللاجئين في الدولة الفلسطينية، ولن يستوعب أحد منهم في إسرائيل، بل وستقرر إسرائيل عددهم حتى في الدولة الفلسطينية.
يجد اليمين صعوبة كبيرة في أن يسلم بحقيقة أن مبادئ معسكر السلام في إسرائيل قد تبنتها الإدارة الأمريكية، التي يعتبرونها كعاطفة للغاية على إسرائيل. ومعسكر السلام يرفض الخطة لأن كل هذه المبادئ أفرغت من محتواها. ولكن يخيل إلي أن القاسم المشترك ينبع أيضاً من التوافق حول بضع نقاط جوهرية حيوية للمصلحة القومية الإسرائيلية.
عندما بادرت في 2001 لفكرة الاستعانة بمفاوضين سابقين، إسرائيليين وفلسطينيين، من تيارات أيديولوجية مختلفة كي نعد مخططاً مفصلاً لاتفاق سلام، توجهت إلى أمنون ليبكين شاحك وعرضت عليه الانضمام إلينا. استقبلني في بيته، وقال لي على الفور إن ذلك سيسره، ولكن ليس دون شروط. إذا ما أصررنا على إدراج “أريئيل” في الأرض السيادية الإسرائيلية، قال، فلن يتمكن من أن يكون جزءاً منا. كرجل عسكري، يعتقد أن مثل هذه الخطوة ستكون عديمة المسؤولية، لأنها ستكون جيباً في قلب الدولة الفلسطينية ومثابة بالون مع خيط رفيع إلى إسرائيل، لا يوجد سبيل ناجع للدفاع عنه. وقبل مطلب أمنون بعد جدال في المجموعة الإسرائيلية، فانضم إلينا. أما خطة ترامب فتقترح 16 جيباً كهذا.
الجانب الأمني الآخر هو طول الحدود. صديقاي دان روتم ود، وشاؤول ارئيلي، احتسبا فوجدا أنه بدلاً من حدود 1967، التي طولها 311 كيلومتراً، فإن خطة ترامب تعرض حدوداً من نحو 1.400 كيلومتر! فالصعوبة في الدفاع عن حدود طويلة كهذه جمة، ويحتمل أن يجد الجيش الإسرائيلي، في إطاره الحالي، صعوبة كبيرة في القيام بهذه المهمة.
وأخيراً – الديمغرافيا: خطة ترامب تقترح أن يتمكن عرب القدس من نيل المواطنة الإسرائيلية. نظرياً، هذا أمر صحيح اليوم، ولكن منذ سنين طويلة وهذا الحق يعطى لهم بتقنين. أما حسب الخطة، فكفيل نحو 350 ألف شخص (على الأقل نحو 200 ألف منهم ممن لا يسكنون خلف الجدار الأمني) أن يصبحوا مواطنين إسرائيليين. وإليهم ينبغي أن يضاف كل السكان الفلسطينيين الذين يعيشون في المنطقة “ج” التي ستضم إلى إسرائيل وفقاً للخطة، وهكذا تتحول إسرائيل إلى دولة ذات أغلبية عربية، ويتبدد الحلم الصهيوني.
لا، اليمين الصهيوني واليسار الصهيوني لا يعارضان الخطة فقط لأسباب متعارضة. لديهم أسباب مشتركة لمعارضة الخطة التي تعرض كمخطط لإسرائيل، وفي الواقع من شأنها أن تعرض وجودها كدولة يهودية وديمقراطية للخطر.
إسرائيل اليوم
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews