هل كان على الفلسطينيين أن يقبلوا بـ”خطة ترامب”؟
يثبت الواقع بأن عرب إسرائيل لا يفوتون أي فرصة لأن يثيروا ضدهم حتى الإسرائيليين الذين يتضامنون ويؤيدون ادعاءاتهم المحقة ويقفون إلى جانبهم في المظاهرات والكفاح. ففي المظاهرة التي جرت، السبت في تل أبيب ضد خطة الضم، بمبادرة ومشاركة منظمات اليسار والمئات من عرب إسرائيل، رفعت أعلام فلسطين بينما هتف حاملوها هتافات لا تتوقف: “فلسطين، مئة في المئة من البحر حتى النهر”. الرسالة معروفة ومشهود لها وتشكل جزءاً لا يتجزأ من عقيدة كفاح منظمة الإرهاب.. حماس.
ثمة كثير من الحقيقة والحق في ادعاءات عرب إسرائيل ضد البند الوارد في خطة ترامب الذي يتحدث عن نقل جزء من بلدات وادي عاره إلى السلطة الفلسطينية المستقبلية. الواضح أن عرب إسرائيل لا يحتاجون دولة فلسطينية من البحر إلى النهر، وإذا كان هذا بالفعل هو حلمهم، فإن هذا البند بالذات في خطة ترامب سيساعدهم في تجسيد الحلم من خلال ضمهم إلى الدولة الفلسطينية.
لمَ يتظاهرون؟ فكل موضوع عن العلم الفلسطيني إلى جانب التطلع إلى دولة من البحر إلى النهر مكانه ليس هنا. بمعونة المظاهرات وهتافات كهذه، يقطع عرب إسرائيل الفرع اليهودي–الإسرائيلي الذي يدعمهم ويحملهم. كل يهودي في هذه الدولة يفهم ما معنى هتاف يدعو إلى دولة فلسطينية من البحر إلى النهر. بفضل هتافات كهذه، تطرأ على رأس كل يهودي صور قاسية تحت عنوان “لن تكون هناك مرة أخرى أبداً”.
وإذا لم يسارع عرب إسرائيل إلى الإصلاح والاعتذار عن هذا المشهد، فسيكتشفون في الأيام القريبة المقبلة الكثير من اليهود الذين يؤيدون تلك البنود التي تضمنتها خطة ترامب وتظاهروا واحتجوا ضدها. من غير المستبعد أن نسمع في الأيام المقبلة ادعاءات من اتجاهات مختلفة في الوسط العربي بأن هذا لا يعكس موقف كل عرب إسرائيل، وأن الأمور لم تفهم كما ينبغي وما شابه – التواءات مختلفة ومتنوعة ليس فيها ما يقلل من خطورة هذه الظاهرة. لقد حان الوقت لأن يفهم كل عربي يعيش هنا ويحمل بطاقة هوية زرقاء: من يتطلع ويحلم بدولة فلسطينية من البحر إلى النهر فمكانه ليس هنا، ليس في دولة اليهود.
إلى جانب هذا، على قيادة عرب إسرائيل، بكل تركيبتها، ولا سيما لجنة المتابعة ونوابهم في الكنيست، أن يستوعبوا بأن المسؤولية تقع عليهم. من يطلب من المؤسسة اليهودية المساواة الكاملة لعرب إسرائيل ملزم قبل كل شيء أن يكون موالياً وملتزماً بالدولة التي يطلبون منها مطالبهم وحقوقهم.
لو جرت هذا الأسبوع مظاهرة لرجال اليمين من حملة أعلام إسرائيل في بلدات وادي عاره ودعا المشاركون فيها بنقل جلجوليا، وباقة الغربية، وجت، وأم الفحم، وعرعرة، إلى الدولة الفلسطينية المستقبلية، لانطلقت هنا صرخة رهيبة مع ادعاءات بالعنصرية وما شابه.
في هذا الواقع، يختبئ أن الرئيس الفلسطيني وقع أيضاً على الخطيئة القديمة في عدم تفويت أي فرصة كي يثير العداء ضد الفلسطينيين. خطاب أبو مازن في اجتماع الجامعة العربية، الذي عرض فيه حقائق كاذبة ومثيرة للحفيظة عن يهود رابطة الشعوب وأثيوبيا، تعزز الرأي بأنه لا يوجد مع من، وعلى ماذا سيكون الحديث.
لو كانت هناك حكمة في الطرف الفلسطيني لكان بوسعهم أن يصدوا ويغيروا خطة ترامب بسهولة، كان عليهم ببساطة أن يقولوا “نعم” للخطة ويرفقونها بعدة تحفظات لديهم الاستعداد للبحث فيها. في اللحظة نفسها، فإن عرض هذه الخطة، كما عرضت، كان سيتوقف أو ينزل عن جدول الأعمال. وحتى نتنياهو بنفسه كان سيحرص على وقفها لمعرفته أن شركاءه من اليمين لن يكونوا مستعدين لسماع وقبول خطة مع بند يتحدث بشكل واضح وقاطع عن دولة فلسطينية، بل وعن دولة يستعد الفلسطينيون لقبولها. هكذا هي الحال حين يحرص الفلسطينيون دوماً على ألا يفوتوا أي فرصة ليفوتوها.
معاريف
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews