أحمد جبريل في «الميادين» رواية مزورة… النظام السوري مشغول بـ «التتريك»

ينوس حديث أحمد جبريل، الأمين العام لـ «الجبهة الشعبية – القيادة العامة»، في الحلقة الأولى من سلسلة مؤلفة من اثنتي عشرة حلقة على قناة «الميادين»، بين فترتين؛ بداياته في فترة الخمسينيات في مقارعة الاحتلال الإسرائيلي، ومقارعته، مع ثلّة من قياديي الجبهة، لجماهير مخيم اليرموك المحتشدة حول مجمع «الخالصة» في حزيران / يونيو العام 2011. الفكرة لا تخفى بالطبع، فمونتاج «الميادين» يرمي إلى القول إن أعداء «الجبهة» في المخيم هم أنفسهم أعداء جبريل، «الفدائي» على الحدود، وهذا ما قيل صراحة في الحلقة مراراً.
غضبة أهالي المخيم تجاه مقرّ «الجبهة» جاءت إثر تشييع شهداء فلسطينيين سقطوا على الحدود برصاص الإسرائيليين. اعتبر الغاضبون أن جماعة جبريل كانوا الرأس المدبّر للتعبئة على الحدود، وبأنهم تركوهم لمصيرهم من دون حماية أو ردّ. لكن جبريل، كما ضيوف الحلقة، أكد أنهم حذّروا من الذهاب نحو الحدود، لأنهم كانوا يعرفون بنوايا الإسرائيليين لإطلاق النار، بعكس ما حدث في التجربة الناجحة في ذكرى النكبة قبل أشهر، كما يؤكد طلال ناجي، نائب جبريل!

إنه تزوير فاضح لحكاية يعرفها، على الأقل، فلسطينيو المخيمات، ولا تحتاج حتى لنقاش. لكن التزوير المضحك أكثر جاء مع القول إن إسرائيل كانت المحرضة على مهاجمة المقرّ، وبأن المشيعين «غوغاء ومأجورون ومتعاطو حبوب دخلوا المسجد بأحذيتهم، حتى أن إمام الجامع صرخ عليهم بأن لا يفعلوا..». (كان لافتاً إصرار ناجي على أن غالبية المشيعين لم يكونوا من الفلسطينيين).
تصل الحلقة إلى ذروة الحدث بالنسبة لجبريل، فهو مع بندقيته على شباك، مع رفاقه يطلقون النار نحو الغاضبين حتى استنفدوا معظم الذخيرة التي كان خالد جبريل قد استقدمها. ومع ذلك، فإنهم حين يعترفون بقتلى من طرف المدنيين سيتّهمون طلقات غادرة جاءت من الخلف، من الحجر الأسود!
جبريل بدا متفاجئاً، رغم مرور سنين على الحدث، لا يعرف لماذا يَستهدف أهالي المخيم وحيّ الميدان، بحسب قوله، الجبهة. لكن لعله يجد شيئاً من الجواب في اعترافه، مع صحبه، بأن علي مملوك، المسؤول الأمني الكبير في النظام، هو من أرسل من يفك الحصار عنهم، الأمر الذي لم يفعله النظام «المقاوم» حينما قُتل سبعة وعشرون فلسطينياً على الحدود.

كانت هذه حلقة من سلسلة طويلة لا بد أن تمرّ على محطات من الحدث السوري، حيث كان لجبريل يد طولى في ذبح السوريين والفلسطينيين على السواء. ولا نحسب أن المنظمات والناشطين الحقوقيين بغافلين عن ضم هذه الاعترافات لملف محاكمات مقبل.
-معظم ضيوف الحلقة هم من «القيادة العامة»: فإلى جانب جبريل هناك طلال ناجي، الأمين العام المساعد، وخالد جبريل المسؤول العسكري والأمني لـ «الجبهة»، وبدر جبريل مسؤول منظمة الشبيبة في «الجبهة»، وأبو كفاح غازي القيادي فيها. إلى جانب ضيوف اخرين، كأحد حلفاء جبريل ماهر الطاهر، مسؤول الدائرة السياسية في «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، بالإضافة إلى مروان حبش، الذي يقدمه البرنامج كصديق طفولة، وكاتب وبعثي سابق. لا وجود إذاً لخصوم أو لمن له وجهة نظر مختلفة لما جرى تلك الأيام.
-لا يخفى بالطبع الظهور غير الخجول للعائلة المالكة لـ «الجبهة»، حيث الأب هو الزعيم، والولدان جناحاه في المسؤولية.

تتريك!

لم تعد مسألة «التهويد» و«الصهينة» ما يشغل بال النظام السوري هذه الأيام، فهو مشغول بـ «مقاومة التتريك»، هذا ما يفعله مثلاً باحثون يسلّطون «الضوء على مقاومة الغزو الثقافي في ظل الحرب الإرهابية التي تتعرض لها سوريا مختارين التتريك نموذجاً»، والخبر بحسب «سانا»، وكالة أنباء النظام السوري.
الأبرز في الخبر أن النظام يأتي بالناطق الرسمي والإعلامي باسم جبهة التحرير الفلسطينية علي عزيز، ساحباً إياه من قضيته المركزية فلسطين، ومن مقاومة العدو الصهيوني الغاشم، ليزجّه في «أولوية» أخرى. وعزيز لا يكّذب خبراً، يبدو أنه قد تفرّغ بالفعل للحديث عن تركيا كـ «واحدة من الأدوات التي اشتغلت ضمن الاستراتيجية الأمريكية منذ الحرب الباردة وحتى الآن».

باحث آخر سيتحدث عن «محاولات الغزو الثقافي التركي، ولا سيما عبر الدراما،.. لافتاً إلى أن كل ما يفعله النظام التركي ليس بالصدفة، إنما هو مدروس لإضعاف الدور السوري في المقاومة ومساندة الكيان الصهيوني ولأن سوريا كانت حجر الأساس في التحرير من النير العثماني»!
يذكر أن الدراما التركية شقّت طريقها إلى المشاهد العربي على يد إعلام النظام السوري خصوصاً، إلى حدّ أن اللهجة السورية باتت تحيل، عند بعض المشاهدين العرب، إلى شوارع ومدن تركية من فرط رواج تلك الأعمال وتخصص السوريين في أدائها.
كان ذلك أيام العسل، حيث باتت البضاعة التركية، لا الدراما وحسب، في كل بيت سوري.
لكنه النظام، يشيطن من يشاء، ساعة يشاء، من دون أن يصعب عليه العثور على الأدوات اللازمة.

مارسيل غانم

يسخر الإعلام الممانع من حلقة في برنامج «صار الوقت» خصّصها الإعلامي مارسيل غانم للحديث عن «صفقة القرن». لا يرضيهم ظهور الحضور بكوفيات فلسطينية، ولا برفقة أغنية «زهرة المدائن». قالوا إن كل ذلك  ما هو إلا «نوستالجيا»،»استعراض ومغالاة في دعم الشعب الفلسطيني، وإدانة الاحتلال الإسرائيلي» و«ركوب لموجة القضية الفلسطينية»!
يقول إعلامهم إن مارسيل «معاد في الدرجة الأولى للمقاومة، وما فتىء كل مرة يهاجمها أو يؤبلسها». يأخذون عليه اعتراضه على  «مضمون البيان الوزاري المزمع إنهاؤه في الأيام القليلة المقبلة، ووصفه صيغة «جيش، شعب، مقاومة» بـ «الإشكالية»…».
لا جديد في كل ذلك، فهم احتكروا ويحتكرون مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وكل مقاومة لا تمرّ بفلاترهم باطلة ومجرد استعراض، عليك أن تقدم الطاعة أولاً لنظام الممانعة ثم اذهب حيث تشاء؛ القصير، إدلب، حلب،.. تلك هي المقاومة!

القدس العربي