المصلحة الإسرائيلية… بدءاً من تبني خطة ترامب وصولاً إلى الدولتين
إن الخطوات السياسية والحملة الانتخابية خليط فتاك، ومن الصعب جداً على المرء أن يميز أحياناً بين المهم والتافه، أو بين الأحبولة والجوهر. وانطلاقاً من هذا الفهم ينبغي التوجه لأن نحلل بحذر عرض ترامب المرتقب لخطته السياسية لحل النزاع الإسرائيلي–الفلسطيني. من التطورات الأخيرة، ومع حلول الأسبوع الدراماتيكي في واشنطن، تثور عدة نقاط بارزة ينبغي التعاطي معها.
الأولى، هي المصلحة الإسرائيلية في الخطة. من حيث المبادئ الحيوية لإسرائيل، تجدر الإشارة بأن هذه هي أفضل الخطط التي تطرحها جهة دولية على الطاولة منذ الأزل. وبالتأكيد مقارنة بما اقترحته إدارات كلينتون وبوش وأوباما.
من المتوقع لخطة ترامب أن توفر جواباً جيداً للمسائل الجوهرية الأربعة (الحدود، القدس، اللاجئين، الأمن)، والتأكد من حفظ إسرائيل كدولة يهودية، ديمقراطية وآمنة، بالمبادئ المقبولة من معظم الإسرائيليين. فضلاً عن ذلك، ثمة قول واضح هنا: يجب أن يراعي الاتفاق الحقائق التي تقررت على الأرض منذ 1967. وبمناسبة ذلك، نقل رسالة حادة إلى الطرف الفلسطيني عن الثمن الذي يتحمله رفضهم التاريخي، وإن الزمن لا يلعب في صالحهم.
النقطة الثانية هي الفهم الواعي بأن الخطة لن تؤدي إلى السلام. فقد رفضها الفلسطينيون حتى قبل نشرها، ما يجعلها غير ذات صلة كأساس للمفاوضات للسبب ذاته. وفضلاً عن المعارضة الأساسية لمبادئ الخطة، والتي تتعارض مع الفرضيات التي قامت على أساسها المسيرة السياسية في العقود الثلاثة الأخيرة، فإن الساحة الفلسطينية اليوم غير قادرة على الإطلاق على أن تعرض موقفاً رسمياً واحداً بسبب الانقسام المتواصل بين فتح وحماس.
ثالثاً، ثمة عنصر جوهري في الخطة، وهو دور الدول العربية البراغماتية مع التشديد على دعمها السياسي والاقتصادي. فالخطة تفترض دعماً عربياً للخطوة دون صلة بقبولها المطلق من قبل الفلسطينيين. وحتى الآن لا يوجد تأكيد لهذه الفرضية في القاهرة، وأكثر إقلاقاً من ذلك – في عمان.
رغم الرفض الفلسطيني والسكوت العربي والتنديد (الهزيل) في أوروبا، فإن الأمر الصحيح بالنسبة إلى إسرائيل هو تبني الخطة من الحزبين الكبيرين. مع العلم بأنه لا يوجد هناك اتفاق في الأفق يسأل: ماذا بعد؟
واضح أن استمرار الوضع الراهن (الوهمي، فالواقع لا يتجمد) سيؤدي إلى دولة إسرائيل، بالضرورة غير يهودية أو غير ديمقراطية. اليمين، وحسب خطابه على الأقل، سيحاول استخدام رافعة الرفض الفلسطيني كي يضم الغور والمناطق “ج”. هذه خطوة خطيرة، من شأنها أن تدفع اتفاقات السلام مع الأردن ومصر إلى الانهيار، وتؤدي إلى انتهاء فترة الهدوء في الضفة الغربية، والتصعيد في قطاع غزة، وتؤدي بإسرائيل إلى مواجهة سياسية مع الأسرة الدولية.
علينا أن نفهم بأن رفع المسألة الفلسطينية إلى مقدمة المنصة ليس مصلحة إسرائيلية. بعد نشر الخطة ينبغي الاستعداد في الساحة الفلسطينية لإمكانية اضطرابات وخرق للنظام بمزايا مختلفة عن الماضي، وباحتمال عال.. المواجهة في الضفة وغزة في الوقت نفسه. إضافة إلى ذلك، يجب أن ينصب اهتمام إسرائيل على مواصلة التركيز على التهديدات الأمنية المركزية المحدقة بها، والتي مصدرها طهران: البرنامج النووي، والتموضع الإيراني في سوريا، ومشروع دقة الصواريخ في لبنان. محظور إعفاء الولايات المتحدة والأسرة الدولية من مسؤوليتهما. هذا هو الموضوع الأكثر أهمية وإلحاحاً على جدول الأعمال السياسي الأمني لإسرائيل.
في المدى البعيد، نقترح استخدام الرفض الفلسطيني كرافعة لخطوة تصميم واقع جديد وفقاً لمخطط معهد بحوث الأمن القومي. أساس الخطة هي خطوة ذاتية ومنسقة مع الولايات المتحدة والدول العربية ذات الصلة للإبقاء على إمكانية واقع الدولتين. بالتوازي، يجب محاولة حمل الفلسطينيين على المشاركة والتنسيق معهم قدر الإمكان، ولكن بالتوازي.. حرمانهم من حق الفيتو – النابع من رفضهم العنيد – على مستقبل إسرائيل، وتصميم الظروف الجغرافية والديمغرافية والأمنية التي تحافظ على إسرائيل يهودية وديمقراطية آمنة وأخلاقية.
في السطر الأخير.. فإن خطة ترامب فرصة تاريخية تشكل أساساً لإسرائيل كي تحدد كيف ستكون في المستقبل وفقاً للظروف والمبادئ المرغوب فيها بالنسبة لها. وإذا عرفنا كيف نحافظ على خيار الاتفاق الذي يؤدي إلى الدولتين فعندها سنخرج كاسبين منه.
معاريف
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews