Date : 28,03,2024, Time : 03:24:33 PM
5572 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الاثنين 24 جمادي الاول 1441هـ - 20 يناير 2020م 12:58 ص

ليبيا... العيادة في برلين والطبيب روسي

ليبيا... العيادة في برلين والطبيب روسي
غسان شربل

لا ثروة ليبيا النفطيَّة تسمحُ بتجاهلِها، ولا موقعها الجغرافي يسمحُ، خصوصاً في زمن «قوارب الموت» والهجرات الواسعة. وكانَ يمكنُ تركُ ليبيا لمصيرها لو أنَّ خطرَها يقتصر على خريطتها. لكن الواضح هو أنَّ التشرذم المسلح في ليبيا ينذر بتحويلها مصدرَ خطرٍ دائمٍ على جيرانها، وربما على بلدان أبعد.
ولا مبالغة في القول إنَّ ليبيا بلاد سيئة الحظ. ما إن استراحت من المستبد المريض الذي جَثَمَ 4 عقودٍ على صدرها حتى وقعتْ في قبضة الميليشيات. وأظهرتِ التجارب أنَّ وجودَ الميليشيات هو البوابة الذهبية إلى حروب لا تنتهي تستورد التدخلات والوصايات. وأدَّت بعض الوصايات المبكرة إلى تعثُّرِ مشروع طُرح في 2012، وكان يدعو إلى جمع سلاح الميليشيات. وقد تذرَّع رعاة المجموعات المسلحة بعبارات من نوع أن «الثوار لا يلقون السلاح». وأدَّى التمزق الليبي أحياناً إلى ابتعاد بعض الدول عنه كما حدث مع الولايات المتحدة بعد مقتل سفيرها هناك في 2012، وراح الاهتمام الأميركي يختصر بغارات عند الضرورة على مواقع لـ«القاعدة» أو «داعش» في هذا البلد.
تفكُّكُ الدولة الليبية لا يعنيها وحدها. يقلق بالتأكيد الدول المحيطة بها، وهي مصر والجزائر والسودان وتونس وتشاد والنيجر. يضاعف من القلق أنَّ غياب الرقابة على الحدود يتيح تحرك الإرهابيين والعصابات. ويمكن أنْ نضيفَ إلى ذلك أنَّ لليبيا سواحلَ على المتوسط يبلغ طولها 1850 كيلومتراً ما يقلق أوروبا القريبة، خصوصاً في خاصرتها الإيطالية. وأظهرت السنوات القليلة الماضية أن السواحل الليبية هي البوابة الثانية التي يعبرها المهاجرون الأفارقة إضافة إلى تركيا. وهكذا يصبح الاستقرار الليبي حاجة ليبية وإقليمية ودولية، خصوصاً بعد المعلومات عن مقاتلين جوَّالين يرون في الساحة الليبية بديلاً للساحة السورية التي يكاد التدخل الروسي يستكمل إقفالها في وجوههم.
في هذا السياق يرتدي انعقاد مؤتمر برلين حول ليبيا أمس أهمية استثنائية، لا سيما بعدما بَدَتِ الساحة الليبية مرشحة للانزلاق إلى وضع شبيهٍ بما كانت عليه الساحة السورية، أي الغرق في تمزُّقات داخلية عنيفة تواكبها تدخلات عسكرية وسياسية خارجية تزيدها اضطراماً. وليس ثمة شك في أنَّ التدخل التركي الأخير السافر في ليبيا دقَّ جرس الإنذار في أكثر من عاصمة أوروبية. فقبل أسابيع فقط لم يتردد سياسيون وخبراء في اعتبار الوضع الليبي دليلاً على انحسار الدور الأوروبي، وعجز الدول البارزة في القارة القديمة عن التفاهم على تصور موحد لطريقة التعامل مع هذا الملف الذي يعنيها سياسياً واقتصادياً وأمنياً وسكانياً.
ذهب رجب طيب إردوغان بعيداً في تدخله في ليبيا. تفاهمٌ أمنيٌّ مع حكومة فايز السراج المقيمة في طرابلس، واتفاقٌ لتحديد الحدود البحرية سينطلق منه للمنافسة على ثروات المتوسط النفطية والغازية. لم يكتفِ إردوغان بنبش التاريخ «العثماني» لليبيا والدول المجاورة والتعهد بالدفاع عن «أحفاد الفاتحين العثمانيين» بل وجَّه تهديدات مباشرة إلى المشير خليفة حفتر الذي حرَّك قواته لاستعادة طرابلس من الميليشيات متسلحاً بتعاطف مصري مُعلَن وتعاطف فرنسي خجول. ولأنَّ التدخل العسكري باتَ من قواعد التخاطب في هذا الجزء من العالم أرسلَ إردوغان إلى ليبيا ضباطاً ومستشارين ومدربين .
رجل آخر لم ينسَ ليبيا. إنَّه فلاديمير بوتين. كان في موقع رئيس الوزراء حين سمحت روسيا بتمرير قرار مجلس الأمن الذي استخدمه حلف «الناتو» لشنَّ عملية عسكرية أدَّت عملياً إلى إسقاطِ معمر القذافي وبشراكة فرنسية - بريطانية. وفي تلك العملية أُهين السلاح السوفياتي والروسي كما أُهين سابقاً في عراق صدام حسين. لقد حرك «الناتو» بيادقَه إلى موقع كان صديقاً لموسكو، وليس من عادة بوتين أن ينسى.
مستفيداً من الابتعاد الأميركي الذي ضاعفه الانشغال بالأزمة المتصاعدة مع إيران، ومن افتراق الحسابات بين فرنسا وإيطاليا وألمانيا، ومن التدخل التركي الذي يعطيه قدرة التأثير على موقف حكومة السراج، تقدَّم بوتين للعب دور راعي السلام في ليبيا. هكذا استدعت موسكو السراج وحفتر لتوقيع اتفاق وقف النار. مغادرة حفتر من دون توقيع لم تحلْ دون مخاطبته بوتين بـ«الصديق العزيز» وإبداء الاستعداد لمواصلة الرحلة معه. ولأنَّ أسلوب روسيا الحالية في حل الأزمات يقوم على إطلاق عملية على مراحل، ووفق مسارات سياسية وعسكرية وأمنية واقتصادية وإنسانية، حاول بوتين نقلَ خبرته السورية إلى الملعب الليبي.
في هذا الوقت كان الدكتور غسان سلامة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثة المنظمة الدولية إلى ليبيا يقلِّب بين يديه جمر الميليشيات والتدخلات حالماً بالتوصل إلى «ترميم للموقف الدولي من المسألة الليبية»، كما قال لصحيفتنا أولَ من أمس. واضح أنَّ سلامة يراهن على أنَّ حضور المتدخلين تحت سقف واحد في برلين قد يساعد على ترميم مظلة دولية لضبط التدخلات على أن يستمر في موازاتها حوار ليبي - ليبي على المسارات الاقتصادية والسياسية والعسكرية. وهكذا أدخل سلامة ليبيا إلى غرفة «العناية الفائقة» في برلين آملاً في استجماع إرادة أوروبية ودولية لإنقاذها من الميليشيات والتدخلات والويلات.
إنَّه أسلوب بوتين الذي نقل الأزمة السورية من بيان جنيف وهيئة حكم انتقالي إلى اجتماعات فيينا وتغيير المرجعيات وإطلاق عملية سياسية. وقد حملت الصيغ المتداولة في مؤتمر برلين الكثير من هذه التوجهات. واضح أنَّ الطبيب الروسي يملك القدرة على التحدُّث إلى جميع المعنيين بالمريض الليبي الذي اقتيد إلى العيادة في برلين. وهو طبيبٌ مستعدٌّ لتطويع أدوار الآخرين وإشراكهم من دون أنْ ينسى الأمم المتحدة. والسؤال هو هل يستيقظ الليبيون قبل فوات الأوان؟

الشرق الاوسط 




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد