Date : 29,03,2024, Time : 03:30:52 AM
3214 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الأربعاء 12 جمادي الاول 1441هـ - 08 يناير 2020م 01:07 ص

إيران تخسر حارسها

إيران تخسر حارسها
مصطفى فحص

تاريخياً؛ لجأ الشاعر القومي الفارسي فردوسي (940 - 1020) في كتابه الشهير «الشاهنامه» إلى الاستعانة بالأساطير الشعبية في بناء الهوية الوطنية الإيرانية، فدَوَّن مآثر وبطولات أسطورية رواها سكان الهضبة الإيرانية، بعد انتقالهم إليها من موطنهم الأصلي في آسيا الوسطى وجبال القوقاز، حيث تغنى فردوسي ببطولات الفارس الأسطوري رستم ابن زال، الذي أفرد له صاحب كتاب «الأساطير الفارسية» الحسيني معدي جزءاً مستقلاً بعنوان: «رستم وملك الجن»، يقول فيه: «كان الفُرس يتغنون ببطولة رستم بطل الأبطال حتى لقد سموا قوس قزح بـ(قوس رستم)، وكانوا يبالغون في بطولاته حتى نسبوا إليه الخوارق، ولم يكتفوا بانتصاراته الرائعة على جيوش الإنس، بل نسبوا إليه حروباً أخرى ينتصر (فيها) على الجن والشياطين والسحرة أيضاً».
ولكن بين الخيال والواقع، يتسع القلق الإيراني الدائم في الدفاع عن الهوية والمكان، ويزداد عندما تصبح الهوية أوسع من مكانها، فتفرض على معتنقيها الذهاب خارج حدود مكانهم لنشرها، وغالباً ما تحولت إلى سد يحمي المكان الذي جاءت منه، فيرتبط بقاؤها بسلامته. وعلى أبواب المكان، وقف «رُستُمَان»: الأول أسطوري، والثاني حقيقي قُتل دفاعاً عن هوية إمبراطورية تجاوز عمرها 2500 عاماً، فقد سقط قائد جيوش الساسانية رستم فرخزاد في معركة القادسية، دفاعاً عن إمبراطورية كانت تمر بأسوأ مراحلها، وجرت المعركة في بلاد ما بين النهرين قرب مدينة الديوانية جنوب العراق، البلد الذي قتل فيه حارس الجمهورية الإيرانية وحامل عقيدتها إلى خارج حدودها الجنرال قاسم سليماني.
لا تختلف إيران الساسانية المضطربة حينها عن إيران الثورة الإسلامية المتصدّعة داخلياً الآن، والتي يمر فيها الداخل والخارج؛ العقيدة والمجتمع، بمرحلة عدم توازن أفرزت انقسامات عمودية بين أركان الحكم، وأفقية بين مكوناتها العرقية، مما يهدد وحدة المجتمعات الإيرانية وتماسكها الجغرافي.
عملياً؛ لا يمكن حصر تداعيات مقتل الجنرال قاسم سليماني في مشروع إيران الخارجي فقط، فمنذ أكثر من عقد أصبح الرجل الأسطوري بالنسبة لمُريديه مهندس النظام وحارسه، فالرجل الذي انتمى منذ نشأته إلى «الحرس الثوري» انتقلت معه هذه المنظمة من مهمة حماية النظام الثوري إلى قيادته، خصوصاً في مرحلة حساسة من تاريخ الجمهورية الإسلامية بدأ فيها الحديث علانية عن مرحلة ما بعد المرشد والرئيس، وكان من المفترض أن يلعب سليماني دوراً مركزياً في اختيار المرشد المقبل وهندسة انتخابه ومنحة شرعية ثورية وشعبية تمكّنه من القيام بدوره، خصوصاً أن أغلب المرشحين لهذا المنصب من جيل الثورة الثاني، لا يمتلكون شرعية ثورية تاريخية على غرار خامنئي أو الراحل رفسنجاني أو خاتمي. كما كانت الأنظار متجهة نحو سليماني لإخراج النظام من مأزق غياب وجوه تمتلك حضوراً شعبياً في معركة رئاسة الجمهورية، فالنظام العاجز عن إعادة إنتاج نفسه بعد 40 سنة على تأسيسه، أصبح أسيراً لعسكريتارية عقائدية تطمح للسيطرة مباشرة على منصب رئيس الجمهورية هذه المرة، وكان من المرجح أن يكون سليماني أو واحد من رفاق دربه أحد أبرز المرشحين لهذا المنصب.
مما لا شك فيه أن غياب الرجل الثاني في النظام، الذي امتلك صلاحيات استثنائية خوّلته صُنع القرار منفرداً وتنفيذه، سينتج فراغاً كبيراً في إدارة السلطة، وسيفتح الباب أمام صراع قاسٍ بين أركان النظام، ممَّا قد يمنح التيار المعتدل هامشاً إضافياً للمناورة، والتيار الإصلاحي الذي لا يزال يمتلك زخم الشارع، للعودة إلى الواجهة بقوة، مستفيداً من عمليات القمع الأخيرة التي كشفت عن حجم الهوة بين النظام والشعب، الذي عادة ما يلجأ إلى خيارات عقابية عبر صناديق الاقتراع ليعبر عن موقفه الرافض لخيارات الطبقة الحاكمة. ومن المرجح أن يكشف غياب سليماني عن حجم التباين بين العسكر والمدنيين داخل معسكر المحافظين، خصوصاً أن سليماني و«الحرس» قاما منذ مدة بتحجيم كثير من مراكز القوة، وأبرز مثال على ذلك لاريجاني، ووضع حد لطموحات بعض الجنرالات ضمن معركة تصفية حسابات داخلية، وبغيابه سيحاول كثير من هذه الأطراف استعادة دوره أو تعزيز نفوذه، ولكن أغلب الظنون أن الطبقة الحاكمة ستفشل في العثور على ضابط إيقاع يضبط مستوى صراعاتها، وهذا ما سيزيد الأعباء على المجموعة المعروفة بـ«بيت المرشد»، التي باتت تتحمل مسؤولية تنظيم العلاقة بين الأطراف المتنافسة، إلا أنها قد تتعرض للانتقادات بسبب ما يشاع عن طموحات الرجل الأقوى نفوذاً في إيران الآن بعد مقتل سليماني؛ السيد مجتبى خامنئي ابن المرشد وأمين أسراره.
وعليه؛ من رستم فرخزاد إلى قاسم سليماني شاءت الأقدار أن تخسر إيران القلقة على أرض الرافدين حراسها.

الشرق الاوسط 




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد