Date : 18,04,2024, Time : 10:48:23 PM
2111 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الأحد 02 جمادي الاول 1441هـ - 29 ديسمبر 2019م 11:55 م

«رأس السنة» في إدلب!

«رأس السنة» في إدلب!
حازم صاغية

منذ أربع سنوات لا يمرّ «رأس السنة الجديدة» على إدلب السورية. هناك لا تتغيّر السنوات. «الرأس» لا يتميّز عن سواه من مفاصل الزمن، وليس من «عيد» يميّز يوم إدلب عن سواه في الأيّام. الجديد هو القديم مُضاعفاً. «نعم، لقد سبق أن رأينا ذلك قبلاً، لكنّه اليوم أفظع»: هذه هي الحكمة هناك وهذا هو الاكتشاف الأوحد. إنّ تكرار المقتلة المقرونة بالخديعة والتجاهل هو سيّد الأشكال والمعاني، وهو تاج الأزمنة.
مليونان ونصف مليون إنسان في محافظة إدلب، يتعرّضون لما يقارب الإبادة. يحصل هذا بالتقسيط، ويحصل مرّة بعد مرّة، لكنّ دلالته الرمزيّة ذات طاقة باهرة: فالذين يموتون والذين أعارَهم الموت مؤقّتاً للجوع والنزوح والصقيع ينتمون إلى عموم سوريّا. إذن، في إدلب يُقتل السوريّون كلّهم، ولا فضل لضيف على مضيف. لقد دُفعوا، على مرّ السنوات القليلة الماضية، إلى تلك المحافظة الشماليّة، كي لا يموتوا ولا يجوعوا ولا يُنتهكوا. ما فاتَهم هو أنّهم سوف يُستخدمون لتسمين الطريدة، وبأجسادهم سوف تُختَصر المهمّات الكثيرة إلى مهمّة واحدة يحبّها عادة بيروقراطيّون يستعجلون التنفيذ.
وهذا الذي يحصل إنّما يحصل تحت بصر العالم وسمعه، وتحت بصرنا وسمعنا أيضاً. صحيحٌ أنّ أجزاء الكون قصّرت المسافات فيما بينها وتقاربت، إلاّ أنّ إدلب وحدها نُفيت إلى البعيد، بعيداً عن أجسامنا وعن حساسياتنا معاً. فهي وحدها تُترك للحجج السياسيّة العارية التي يردّدها تقنيّو الموت «الواقعيّون»: ألم يحن وقت التخلّص من الإرهاب و«النصرة»؟ ألم يحن الوقت كي يمدّ بشّار الأسد سلطته الوطنيّة على كامل التراب السوريّ؟ وطبعاً، أليس من العدل، بل التقدّميّة، أن يحظى الحليفان، فلاديمير بوتين وعلي خامنئي، بالمواقع المؤثّرة في مواجهة دونالد ترمب؟
المرضى في إدلب تُقصف مشافيهم. التلاميذ تُقصف مدارسهم. الأفراد والعائلات تُدمّر بيوتهم. الهاربون من الموت الذين ينزحون هائمين لا يحملون معهم إلاّ القليل من أشياء متداعية هي جنى أعمار الفقراء. وهل يجني الفقراء إلاّ الخردة التي تنكسر في الطريق فتعجز عن إكمال المسيرة؟ القصف يطارد حركتهم في البرّ، والطائرات والبراميل، الروسيّة والسورية، تمارس هوايتها في الاصطياد من الجوّ. والعالم؟ منذ اندلاع الثورة السورية حتّى الآن مارست روسيا حقّ الفيتو 14 مرّة في مجلس الأمن، بعضها وآخرها لمنع الإغاثة عن إدلب.
الفارّون بمئات آلافهم نحو شمال الشمال تواجههم بوّابة تركيّة موصدة. رجب طيّب إردوغان لا يهمّه من «الإخوة» العرب إلاّ ما يفاوض به لسحق «الإخوة» الكرد. ولاستكمال «نبع السلام»، يُترك لـ«الساحة الليبيّة» أن تقرّر مصير «الساحة السورية» خفضاً للتصعيد أو تصعيداً للتصعيد، هدناتٍ يعقبها قتال أو قتالاً تعقبه هدنات! وفي هذه الغضون، لا بأس بابتزاز الأوروبيين عبر التلويح باللاجئين: إنّ البرابرة على الأبواب.
هذه المرّة، كانت البداية في معرّة النعمان، جنوب شرقي المحافظة. أهلها كانوا البادئين بالنزوح لأنّ الهجوم بدأ بهم. حين وصلتهم دعوة «العودة إلى حضن الوطن» كانوا مائة ألف. الآن هم آلاف قليلة. الصحافي السوري أحمد الأحمد ينقل عن «سهام»، وهي صحافيّة عاشت حتّى الأمس القريب في معرّة النعمان: «إن النزوح بات يمثّل رفاهية بالنسبة إلى المدنيين هناك، فمن يستطيع النزوح ولديه مركبة لنقل عائلته يُعتبر شخصاً محظوظاً». وتمضي سهام: «هناك عائلات ما زالت تسعى بكل جهدها للخروج لكنّها لم تتمكّن من ذلك، بسبب عدم توفّر وسائل نقلٍ وخوف أصحاب السيارات الخاصة من العودة والدخول إلى المدينة التي باتت شبه مدمّرة».
وفي استعادة لتجارب سابقة في اللعب الدموي بالبشر، يلاحظ الكاتب السوري بكر صدقي «أن شرقي حلب أو الغوطة الشرقية، على سبيل المثال، لم تشهدا عودة للنازحين عنها إلا بنسب منخفضة جداً، وذلك بفعل التضييق الذي تمارسه أجهزة النظام على عمليات العودة، إضافة إلى عدم رغبة النازحين في العودة إلى جحيم (الوطن الأسدي). قد يكون البديل عن السكان الأصليين لتلك المناطق المدمرة سكاناً جدداً تنطبق عليهم مواصفات (التجانس) المطلوبة بمعانيها السياسية والأهلية والمذهبية، لكن إمكانية تطبيق ذلك تتوقف على إعادة تأهيل تلك المناطق لتكون صالحة للحياة، وهو ما يتطلب موارد كبيرة تعجز عنها إمكانات النظام المختنق في أزمته، وكذا بالنسبة لإمكانات حليفيه الروسي والإيراني». ومن يدري، فقد تسفر أطوار جيولوجيّة مقبلة يصنعها بشر أشرار عمّا قصّرت عنه أفعال الطبيعة. قد يُنقل مثلاً أطنان من العرب إلى حيث يعيش أطنان من الكرد، فنتسلّى كثيراً بمشهد أوزان تتقاتل، أوزانٍ تُحسب بالأرقام الباردة التي هجرتها الأسماء والملامح.
إنّ إدلب اليوم إعلان عن استحالة الأوطان واستحالة الشعوب، لكنّها أيضاً، قبل هذا وبعده، مرادف لعجز الأخلاق وتبلّد النفوس واليأس من كلّ شيء، كلّ شيء تقريباً. مع هذه المقتلة، يغدو كلّ واحد منّا أقصر طولاً وأضعف صوتاً وأقلّ إقبالاً على عالم يحتفل برأس السنة الجديدة.

الشرق الاوسط




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد