رداً على لقاء فراس طلاس على قناة «روسيا اليوم»
شاهدت لقاء تليفزيونيا لفراس طلاس نجل وزير الدفاع السوري في عهد حافظ الأسد «مصطفى طلاس» على قناة «روسيا اليوم RT».
تحدث في لقائه المتلفز عن حقبة زمنية كان والده فيها من رجالات حافظ الأسد الأوفياء، بدليل أنه كان أول من اتصل بهم حافظ الأسد بعد تسرب أنباء انقلاب شقيقه رفعت على الحكم في سوريا عام 1984.
معمل الإسمنت
وكيف تم معالجة الموضوع من قبل وزارة الدفاع الروسية بنقل رفعت إلى موسكو مع ضباط محسوبين على حافظ الأسد ليتم فيما بعد رضوخ حافظ لمطالب رفعت وتحويل شيكات له بقيمة 200 مليون دولار مقابل عدم عودته إلى سوريا. وحسب حديث فراس طلاس المبلغ المرسل لرفعت تم تقديمه كمنحة من معمر القذافي لآن خزينة الدولة السورية لم يكن فيها سوى 6 ملايين دولار في حينها.
طلاس الأبن بدأ حديثه بتشبيه الوضع السوري قبل ثورة آذار/مارس 2011، بالحقل اليابس الذي لا يحتمل سوى شرارة ويكون مشتعلا بأكمله. «رُب شرارة تضرم الحقل كله».
على ما يبدو ومن وجهة نظري أن الأسئلة التي طُرحت على فراس طلاس في برنامج (قصارى القول) لمقدمه «سلام مسافر» كان على علم مسبق فيها.
ثم أن ظهور رجل الأعمال السوري فراس طلاس من المكان الذي يتحدث منه لا يوحي بوجوده في مكتب لقناة روسيا اليوم، ولا حتى من مكتب يعود لرجل اعمال-لا سيما أن نجل وزير الدفاع طلاس، مؤسس شركة «ماس» والشريك المحلي الكبير في معمل لافارج للإسمنت في الشمال السوري، متحدثا بالعامية غير آبهً لردود الأفعال لمتابعي لقائه التلفزيوني أو أراد لكلماته أن تصل لجميع فئات المجتمع المتعلم وغير المتعلم.
ما أجاب به طلاس الابن على محاوره «سلام مسافر» يكاد معظم السوريين يعرفونه ولكنهم ينتظرونه من شخصية كانت مقربة من مراكز صنع القرار في سوريا لثلاثة عقود ونيف.
لم يخف نجل وزير الدفاع الراحل، وصية حافظ الأسد عام 1998 لوالده، في توريث الحكم لبشار.
عملية التوريث
كيف تمت عملية التوريث الشرعية، حين طلب طلاس الأب من المجلس العسكري ترفيع بشار لرتبة فريق ركن قائدا للجيش والقوات المسلحة، بعد أن كان برتبة عقيد ركن وطلب انعقاد البرلمان لتسليم بشار السلطة بالرغم من معارضة رئيس مجلس الشعب عبد القادر قدورة، جزئية التوقيت، وطلبه تأجيل انعقاد المجلس لما بعد انتهاء مراسم العزاء- ثلاثة أيام.
يقابلها رفض عائلة الأسد والاستعجال في عملية شرعنه بشار رئيسا للبلاد. علما لم يكن قد أتم السن القانوني حسب الدستور السوري.
ليتم تعديل الدستور خلال أربعين دقيقة في الجلسة الشهيرة لمجلس التصفيق السوري (مجلس الشعب) بتاريخ 27/06/2000.
«مصرحا، رئيس المجلس في حينها أن مجلس الشعب السوري يقر بالإجماع جعل سن المرشح للرئاسة 34 عاماً بعد تعديل المادة 83 لتصبح على الشكل التالي يشترط فيمن يرشح لرئاسة الجمهورية أن يكون عربيا سوريا متمتعا بحقوقه المدنية والسياسية متمما الرابعة والثلاثين من عمره.
والفارق الوحيد بين المادتين هو في جعل سن المرشح الرابعة والثلاثين بدلا من الأربعين».
المستغرب بالنسبة لشريحة واسعة من السوريين أن مصطفى طلاس لم يظهر إعلاميا طيلة سنوات الثورة السورية أو يدل بأي تصريح من شأنه إظهار موقف له مما يحصل في سوريا أو حتى يتحدث عن بنية النظام وكيف تعمل وتوزع الأدوار فيما بينها.
ليظهر علينا أبنه ويتحفنا بأقوال لوالده يعتبرها تاريخية، حسب قوله، سمعها منه أثناء لقاء عائلي جمعهم بغية إعلام أبناء وزير الدفاع الراحل، «فراس ومناف» أباهم أنهما سيغادران البلد.
إذ قال الوزير المتقاعد آنئذ «لن يسقط هذا النظام ولن تروا حجرا على حجر في سوريا ولن يسلم هذا النظام الحكم».
وقال أيضا لأبنائه « لا أنتم ولا الدول العربية تستطيعون أن تسقطوا النظام، هذا النظام سقوطه يعني تغييرا للنظام العالمي، لأنه نسجوا حافظ الأسد بالنظام العالمي».
وفي مقولة أخرى « قوة النظام السوري في التشبيك الأمني والقدرة المالية والتشبيك السياسي».
ولكن السؤال، بعد كل الذي سمعناه وشاهدناه من قبل فراس طلاس على لسانه ولسان والده: لماذا دعمت الدول الغربية والعربية المعارضة والثوار السوريين إذا كانوا يعلمون أن النظام السوري جزء لا يتجزأ من المنظومة الأمنية العالمية وأن لديه ملفات مرتبطة في استقرار النظام العالمي؟
ثم أن فراس طلاس ذاته دعم بعض القوى العسكرية والسياسية بالمال، فهل كان حينها ناسيا مقولات أبيه الخالدة بذهنه، أم أن السيطرة الميدانية تغيرت وبالتالي بدأت ذاكرته تعيده لأقوال المرحوم!
من يؤمن بالثورة والتغيير لن تثنيه كلمات وعبارات طلاس أو غيره من المهزومين في العودة إلى ما قبل آذار/ مارس2011 لأن حركة التاريخ تعتمد على ما تنتجه الشعوب والطبيعة وليس على الأقاويل، والتي تتغير زمنيا، وبالذات في الحالة السورية ذات الرمال المتحركة عندما تهب رياح الفاعلين السياسيين.
القدس العربي
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews