Date : 29,03,2024, Time : 08:16:47 AM
2639 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الاثنين 07 صفر 1441هـ - 07 أكتوبر 2019م 12:48 ص

الديمقراطية العراقية: انتخب من سيسرقك!

الديمقراطية العراقية: انتخب من سيسرقك!
عادل عبد المهدي

بعد موقف رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي الأول الذي امتشق سيف السلطة مهددا به المحتجين، والذي يمكن اعتباره مسؤولا عن حمام الدم الوحشي الذي أغرق العراق خلال الأيام القليلة الماضية، أظهرت الحكومة فجأة تراجعاً في طريقة التعاطي مع الاحتجاجات مصدرة عددا من القرارات لامتصاص الغضب الشعبي العارم.
تضمنت القرارات المعلنة توزيع أراض سكنية على ذوي الدخل المحدود، وخصوصا في محافظة البصرة التي كانت، العام الماضي، المبادرة إلى إشعال الاحتجاجات، وزيادة عدد القروض لبناء وحدات سكنية، ودعم الرعاية الاجتماعية لتشمل 600 ألف عائلة، وفتح باب التطوع للشباب في الجيش والشرطة، وهي قرارات «بعيدة المدى»، يمكن لو تم تطبيقها فعلا، أن تخفف بعض آثار الأزمة على الفئات الشعبية الأكثر تضررا.
اتخذت الحكومة أيضا بعض القرارات ذات الطابع المؤقت الأشبه بالمسكّنات، مثل منح 150 ألفا من العاطلين عن العمل أو لا يستطيعون العمل منحة قدرها 147 دولارا لمدة ثلاثة أشهر، وكذلك إنشاء أكشاك بيع في مناطق تجارية في بغداد والمحافظات للتوزيع على أولئك العاطلين عن العمل، إضافة إلى اعتبار الضحايا من المتظاهرين والأجهزة الأمنية «شهداء» ومنح عوائلهم الحقوق والامتيازات المترتبة، وتولي وزارة الصحة تقديم الخدمات العلاجية للجرحى على نفقة الحكومة.
بسبب الطبيعة الفاسدة للنظام العراقي فمن شبه المؤكد أن أغلب هذه القرارات سيتم التلاعب بها، وربما ستفتح أيضا مجالات التلاعب والاختلاس والابتزاز للمتنفذين والممسكين بقرارات الحياة والموت في العراق، من أجهزة أمنية وميليشيات مسلحة، تعتبر القرارات، على أي حال تعتبر شكلاً من الإقرار بالمسؤولية وتقبلا لضرورة العمل على حلّ الأزمات المستعصية التي تتناهب العراق، وهو أمر يفترض الترحيب به خصوصا حين يقارن بمواقف أنظمة عربية أخرى تتمسّك بالحلول الأمنية الوحشيّة حتى النهاية، كما ترفع الحجج البائسة حول «المؤامرات الخارجية» التي ترسمها أمريكا وإسرائيل (إذا كان النظام مصنّفا على المحور الإيراني كما هو حال النظام السوري)، أو «تخططها جماعة الإخوان»، إذا كان النظام منتظما في محور الإمارات والسعودية، كما هو حال نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي في مصر.
ينبع موقف المنظومة العراقية من كونها، على مستوى الدستور، مؤلفة من قوى سياسية يفترض أن تعبّر عن مصالح متعارضة للفئات التي تمثلها، على عكس منظومات عربية أخرى تكون فيها الحكومات والبرلمان والقضاء والإعلام كتلة صلدة متماسكة تحكمها الأجهزة الأمنية مباشرة، كما هو الحال في السعودية ومصر وسوريا.
هذه الطبيعة المختلفة للمنظومة العراقية يجعلها، خلال حصول أحداث خطيرة، كما هي الانتفاضة العراقية الراهنة، محكومة بالاختلافات بين القوى المشكلة لها، وهو ما أدى، على سبيل المثال، إلى فشل البرلمان العراقي في عقد جلسة لمناقشة الاحتجاجات بفعل مقاطعة كتل برلمانية، منها «سائرون»، التي تمثل اتجاه الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، و«التحالف الوطني»، التي هي كتلة تعبّر عن بعض الطيف السنّي في البلاد.

وإذا كان هذا الهامش «الديمقراطي» يسمح للضغط الشعبيّ الكبير بالتأثير على بعض القوى ويزحزح مواقعها في نظام «المحاصصة»، بحيث نسمع تصريحا من رئيس البرلمان محمد الحلبوسي يطالب بإعلان أسماء «حيتان الفساد»، فإنه، من جهة أخرى، لا يستطيع أن يزحزح الوقائع الراسخة التي تسيّر هذه المنظومة، ومنها واقعة الوجود الإيراني المقرّر في السياسة العراقية، وهو وجود يعطّل إرادة سياسية حقيقية لإخراج البلاد من أزماتها، ويستفيد من واقعة النهب والفساد المنظّم لموارد الدولة العراقية، والذي يقدّر بـ450 مليار دولار منذ 2003، والذي جعل العراق الذي يملك احتياطيات من النفط تقدر بـ112 مليار برميل، بلدا فقيرا، بموازنة عجز تزيد عن 30 مليار دولار، فيما يعاني الاقتصاد من أزمات بنيوية منها انهيار البنية التحتية وانعدام الصناعة وضعف قطاعات الزراعة والتجارة، مما جعل العراق في المرتبة 169 من أصل 180 دولة في ميزان الفساد العالمي.
بهذا المعنى، فإن الديمقراطية العراقية، هي حرية الفرد العراقي في انتخاب من سيسرقونه… وكذلك من سيقتلونه في حال ثار عليهم.

القدس العربي 




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد