إسرائيل… بين “لعبة الدجاجة” وخيار السنوار الأخير
لا بد أن رئيس المخابرات “الشاباك” يمسك اليوم رأسه ويسأل كيف وقع في الفخ حين أخذ على محمل الجد طلب نتنياهو توجيه ضربة نارية جارفة في قطاع غزة عشية الانتخابات. لعل قادة الجيش سذجاً، سياسياً، أما هو –الذي رأى الكثير من وزراء الدفاع ورؤساء الوزراء ممن ينفثون النار وينتظرون أن يصب أحد ما الماء البارد– كان ينبغي له أن يفهم على الفور أن نتنياهو يلعب لعبة “الدجاجة”: من يفزع أولاً ويخرج عن الطريق هو الجبان، الدجاجة، ومن يواصل الاندفاع نحو الصدام هو الرجل الرجل. نتنياهو ليس السياسي الأول الذي يلعب مع الجيش هذه اللعبة. رئيس الوزراء المقبل لن يتمكن من اللعب بعد اليوم. فواضح لقادة جهاز الأمن بأننا منذ الآن في منزلق يؤدي إلى مواجهة عسكرية في غزة، ليست متعلقة بالضرورة بفعل أو قصور إسرائيلي.
إن استئناف العنف الفلسطيني من القطاع يستهدف الحفاظ على حكم حماس الذي اهتز في ضوء العقوبات الاقتصادية للسلطة. تشعر حماس بأن الشارع يفقد الصبر، فوجهت التنفيس نحو الجدار بهدف تحقيق إنجازات اقتصادية. وبالفعل، في أيلول الماضي سجلت حماس ارتفاعاً بنسبة 1.8 في المئة في مستوى معيشة سكان القطاع. غير أن هذا لا يكفي لغرض لجم اللهيب الداخلي. فاستطلاع أجراه، هذا الأسبوع، معهد الاستطلاعات لخليل الشقاقي، يبين أن أكثر من ثلثي سكان القطاع يعتقدون أن حكم حماس فاسد. لا غرو إذن أن نحو نصف سكان القطاع يريدون تركه إلى الأبد. في 2006، على خلفية أجواء جماهيرية مشابهة، طردت حماس بسهولة السلطة الفلسطينية من القطاع.
على هذا الاستطلاع أن يشعل ضوءاً أحمر في الكريا بتل أبيب، إذ ليس للسنوار ذخيرة أخرى غير الانفجارات على إسرائيل. لقد كان يحيى السنوار ولا يزال بروحه زعيم سجناء حماس، الذي يدير ألعاب القوة مع سجانيه كي يحقق المزيد فالمزيد من الامتيازات. سجنه اليوم هو قطاع غزة، والسجناء هم السكان، وهو مستعد أن يستخدم العنف المدروس ويدفع الأثمان على أن يحقق هدفه. إذا ضغط إلى الزاوية وشعر أنه يفقد “السجناء” فقد يحطم الأواني ويعلن عن تمرد دموي في السجن معناه مواجهة عسكرية مع إسرائيل. وهو ليس بعيداً عن هناك، مع أو بدون انتخابات في إسرائيل.
إلى جانب فقدان ثقة الجمهور بحكم حماس، يعلو فوق رأس السنوار تهديد لا يقل أهمية: فالقطريون يلمحون بنيتهم وقف الدعم لغزة. منذ 2012 استثمرت قطر في القطاع 400 مليون دولار في صالح بناء بنى تحتية. في 2018 اتفق على أن يضيف القطريون 15 – 30 مليون دولار في كل شهر لتمويل الوقود والإغاثة والرواتب. في نهاية 2019 توشك هاتان القناتان على الانتهاء – وفقاً للاتفاقات – وليس لهما بديل حالياً. فالقطريون لا يضخون المال لحماس لاعتبارات إيثارية. فلقطر سياسة واعية من العلاقات مع الأحزاب والحركات المرتبطة، أيديولوجيا، مع الإخوان المسلمين. وبالمقابل، تسعى قطر لأن تدق وتداً وتشكل مصدر قوة وتأثير في تلك المنطقة. في الأماكن التي يحقق فيها المال هذا الهدف – فإنها تنقطع. غزة لا توفر لقطر البضاعة السياسية: لم ينجح المال القطري في دحر “العدو” المصري من القطاع، ولم تقلل حماس الاحتكاك مع إسرائيل، وتقترب من إيران، وتتزلف للأسد. وإذا لم يكن هذا بكاف، فهي تحقق المكاسب الخاصة من الاستثمارات الاقتصادية القطرية في القطاع.
لقد أحرق يحيى السنوار الجدار بسبب التأخير في تحويل الأموال القطرية. أما الوقف التام لتوريد الأموال القطرية قد يدفعه إلى خطوة متطرفة تمسك بإسرائيل وهي غافية، منشغلة بالألعاب الائتلافية، ممزقة بعد سنة كاملة من حملات التحريض، وغير جاهزة نفسياً للحرب.
يديعوت
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews