Date : 29,03,2024, Time : 10:04:25 AM
3825 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الخميس 06 ذو الحجة 1440هـ - 08 أغسطس 2019م 01:20 ص

الحاجة إلى بناء سياسة خارجية استقلالية في تونس

الحاجة إلى بناء سياسة خارجية استقلالية في تونس
نور الدين العلوي

سيكون لتونس رئيس جديد، ولكن هل ستكون للرئيس خطة سياسية جديدة، وخاصة في مجال العلاقات الخارجية؟ حتى اللحظة، والمترشحون يتوافدون على الهيئة الوطنية للانتخابات، لم نسمع خطابا جديدا، بل نسمع حديث المحافظة على الثوابت والانتماء إلى دبلوماسية بورقيبة القائمة على "صفر مشاكل" مع الجيران والأصدقاء، وهذا مؤشر سلبي لا يمكن الاطمئنان إليه، بل نقرأ من خلاله فقر المخيال السياسي وغياب الشجاعة السياسة في إعادة بناء العلاقات الخارجية للبلد على ضوء الحاجة إلى تحقيق استقلال كامل.

بورقيبة المتحذلق

الثوابت والمحددات البورقيبية سقطت بالتقادم، فوضع تونس في 2020 ليس وضعها سنة 1956، سنة إعلان الاستقلال عن فرنسا.

ربط بورقيبة (زعيم الاستقلال) البلد باتفاقيات تعاون مع البلد المحتل فرنسا بزعم الحاجة إلى خبرتها في بناء الإدارة الجديدة، فبنت فرنسا بواسطة لغتها وثقافتها وتقاليدها القانونية نخبة إدارية تونسية تعود لها في الصغيرة والكبيرة، فجاءت الدولة التونسية وإدارتها نسخة قاصرة من الإدارة الفرنسية. وكان لفرض اللغة الفرنسية في التعليم القانوني والاقتصادي الدور المركزي في هذا الاستنساخ الإداري.

هذه النخبة تعيش من هذا الدور، ولذلك تحرص على تأبيده وتخشى كل مطالب التغيير في اتجاه الاستقلال عن التفكير الإداري الفرنسي، رغم تبلور وعي عام وعالمي بأن نموذج التسيير الفرنسي ليس هو النموذج الأنجع، بل إن نخبة تونس تشاهد وتتابع تحول الإدارة الفرنسية إلى نموذج التسيير الأسكندنافي والأنجلو- سكسوني، بينما تعيد تصدير نموذجها المتهالك إلى بلدان مثل تونس؛ تماما كما تعيد تصدير الملابس القديمة ليلبسها فقراء المستعمرات.

العلاقات الدبلوماسية للبلد ومن خلفها العلاقات الاقتصادية؛ تدخل ضمن هذا المخيال المنسوخ. ففي الخمسينيات كانت البلدان الحديثة الاستقلال تبحث عن حام بين المعسكرين، فاختار بورقيبة أن يحتمي بفرنسا المحتلة.. سقط المعسكران وتغيرت الأحلاف الدولية، ولكن الدبلوماسية التونسية لم تغير مراجعها، وكلما طرح هذا الموضوع للجدال السياسي عاد البورقيبيون إلى حكمة الزعيم، وقالوا بالثوابت والصفر مشاكل، وبقية المعزوفة المذلة؛ من قبيل أن تونس بلد ضعيف اقتصاديا وفي حاجة إلى أوروبا، وبالتحديد إلى فرنسا، لحماية مصالحنا هناك.

في سياسة الصفر مشاكل لم تفلح تونس بربع خطوة في توحيد المغرب العربي، باعتبار الزعيم أحد أقطاب مؤتمر طنجة التوحيدي (1952). فلم تفكك موضوع الأزمة بين المغرب والجزائر بخصوص قضية الصحراء، وهرب بورقيبة أمام بومدين وتخلى عن جزء من التراب الوطني الغني بالنفط لكي لا يصطدم بالجزائر، وقضى ردحا من الزمن يهادن القذافي ويجتنب أذاه؛ حتى وصلت الجرأة بالقذافي إلى أن استقطب زوجة بورقيبة تتجسس عليه في غرفة نومه.

في اتفاقيات "كامب ديفيد" الذليلة، اكتفت الدبلوماسية التونسية بالفرح لنقل مقر الجامعة وتدبير وظائف مجزية في كواليسها لبعض الحاشية. ويمكن تعداد الأمثلة المشابهة من زمن بن علي الذي دخل مرحلة التطبيع بفتح سفارة له في تل أبيب.. والنتيجة حتى الآن دبلوماسية بلا لون ولا طعم ولا رائحة ولا شخصية ولا موقف. وكان الباجي علما في إعادة إنتاج هذه السياسة، فمد في أنفاسها خمس سنوات. وليس صدفة أن يكون وزير خارجيته هو سفير بن علي لدى الكيان الصهيوني.

التغيير ضرورة تاريخية

منذ 1956 تغير العالم، فقد سقطت قوى سياسية وصعدت أخرى، وتغيرت الأحلاف والقوى، وتغير الاقتصاد، لذلك فإن إعادة تتريب علاقات البلد الخارجية صار حتمية لا مناص منها. فكيف تكون وإلى أين تتجه؟

الثورة أجابت تقريبا على هذا المطلب بإعادة ملف الاستقلال والسيادة ومناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني إلى الطاولة، بعد طول تجاهل ومحاولات تطبيع سرية ومفضوحة. والمطلوب من الرئيس المنتخب أن يبدأ من حيث أمرت الثورة، ليقطع ويؤسس.

أول أركان الاستقلال هو أن فرنسا ليست بوابة العالم، وأنه يمكن الدخول في الاقتصاد العالمي من بوابات أخرى أكثر فائدة وأقل كلفة. ومطلوب من الرئيس الجديد أن لا يفكر في مصلحة فرنسا قبل مصلحة بلده، فليست الوكالات السياحية الفرنسية هي الوحيدة التي يمكن أن تجلب سياحا لنُزل تونس، وليست التقنية الفرنسية هي الوحيدة الموجودة في السوق في مختلف المجالات، فيكفي أن يتعلم التقني التونسي تهجئة اللافتات التعليمية بالإنجليزية ليجد أن هناك في العالم تقنيات أخرى ومنتجين آخرين أكثر تعاونا. وقد عرف الفلاح التونسي أن الشاحنة الهندية أكثر تحملا من الشاحنة الفرنسية، وأن معاصر الزيت التركية أفضل مردودا وأقل كلفة وأيسر في التسيير من المعصرة الفرنسية.. والأمثلة لا تحصى.

بثت فرنسا رهبة في نفوس النخبة التونسية بأنه إذا انقطع حبل الود مع فرنسا فتسقط السماء على رأس تونس. وهذا وهم يعيش منه البعض ويجد له فيه رزقا، ولكنه وهم ضيّع بلدا وضيّع شعبا وأذله، وفوت عليه كل فرص التطور والنمو المستقل. وهنا يمكن للرئيس أن يتدخل، ولكن هل نسمع حديثا في هذا المعنى؟

سِيَر المترشحين لا تشير إلى ذلك، بل إن خطاباتهم (وهي قليلة بعد) تؤكد الاستمرار. ولدى الجميع الرهبة من نقد البورقيبية، بل التنافس على تبنيها كما هي، رغم التغيير الحاصل من حول تونس.

في زيارة لزعيم حركة النهضة لفرنسا؛ صرح بأن اللغة الفرنسية لن تضار في تونس، بما يعني المشاركة في الحفاظ على وضع الهيمنة الثقافية (عبر اللغة) على الإدارة والتصرف. الرئيس المرزوقي بدأ حملته الانتخابية سنة 2014 بخطاب الاستقلال، ثم ركز فقط على مناصرة المقاومة الفلسطينية، مغفلا كل ما عداها، وخاصة إعادة ترتيب العلاقات مع أوروبا دون المرور بالبوابة الفرنسية، رغم أن كل أوروبا استقبلته كزعيم ثورة، مع خطاب في البرلمان الأوروبي بنخوة ثائر. وهاتان شخصيتان كان المعول عليهما في تحديد مستقبل البلد.

لسنا في موضع الأمر لأحد، ولكننا في موضع التذكير بأنه ما لم تتغير السياسات الخارجية التونسية في اتجاه تكريس السيادة والاستقلال عن فرنسا بالخصوص، بتجديد الأحلاف والوجهات الاقتصادية، فإن الوضع لن يظل فقط على ما هو عليه بل سينهار أكثر، فالعالم من حول تونس لا يتوقف عن التقدم، وليس لفرنسا أي تقدير في العالم الاقتصادي يجعل منها هذه القوة المخيفة.

عربي 21




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد