Date : 19,04,2024, Time : 11:40:04 PM
3332 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الأحد 18 ذو القعدة 1440هـ - 21 يوليو 2019م 12:04 ص

بعد أرمسترونغ «الحرب الفضائية»

بعد أرمسترونغ «الحرب الفضائية»
سوسن الأبطح

مع أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أكد بمناسبة مرور 50 سنة على هبوط أول إنسان على سطح القمر، أن «رواد الفضاء الأميركيين سيزورون القمر قريباً من جديد، وسينطلقون إلى كوكب المريخ، ليرفعوا هناك العلم الأميركي»، فإن ذلك لن يكون غداً لأسباب كثيرة. فمنذ أكثر من 47 عاماً لم يعد إنسان إلى القمر، وتوقف برنامج «أبوللو»، وانصرفت «ناسا» إلى مهمات أخرى، دون أن يعلق البشر أحلامهم بالوصول إلى كل كوكب يستطيعونه.
ودفعت أميركا يومها ما اعتبر رقماً خيالياً لتمويل «أبوللو»، وكان حينذاك 25 مليار دولار، وجزء كبير من توقف المشروع يرجع لعدم شعبية هذا الصرف السخي على الفضاء فيما الناس على الأرض يتألمون، ولهم الأولوية في الميزانية لتحسين شؤون حياتهم. لكن من المحزن أن أميركا صرفت بعد ذلك، أكثر من 6 تريليونات دولار في حربها على الإرهاب، ما كان كفيلاً بإيصال البشرية إلى أبعد من المريخ.
وتتغير الأولويات بحسب الظروف السياسية والتحديات الأمنية. ولولا سباق التسلح والتنافس على السيطرة على الأرض والبحر وصولاً إلى الفضاء بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي بعد الحرب العالمية الثانية، لما رأينا نيل أرمسترونغ وزميله إدوين ألدرن يسيران على سطح القمر، ولربما لم تكن قدم الإنسان قد وطئت أرض ذاك الكوكب إلى اليوم. فقد ضحت أميركا بثلاثة من خيرة روادها على مركبة سابقة، ولقوا حتفهم قبل أن يؤدوا مهمتهم. وقيل إن الرئيس نيكسون كان قد أعد نعي الرواد الثلاثة في «أبوللو 11» لأن الخطر كان كبيراً، والعثرات قد حصلت بالفعل وتم تداركها، وفرح العالم ولم يقرأ النعي.
هذا للقول إنه لولا التحدي والتنافس وإطلاق الاتحاد السوفياتي لـ«سبوتنيك 1» ثم «سبوتنيك 2» وخوف أميركا من وصول السوفيات ورفع علمهم على القمر قبلهم لما اجتهدوا وجازفوا. ومتى أدرك الجميع أن السبق قد تحقق، فلم يعد أحد يرغب في الذهاب إلى هناك للملمة الصخور وعينات التربة، والعودة بها إلى الأرض، وتثبيت الأعلام التي يبدو أنها فقدت لونها مع الزمن.
ولا تختلف بواعث إرسال الناس إلى القمر - تمهيداً لاستعماره كما كان يؤمل - عن دوافع غزو الهند أو العراق أو فلسطين. فالأطماع دائماً متشابهة. فإن لم يكن من حياة وبشر لنشر الديمقراطية على القمر، فقد تحدث الرئيس كيندي يوم أطلق المشروع عام 1961 بما يشبه كثيراً ما سمعناه من جورج بوش جونيور قبل غزو العراق. فقد قال كيندي: «لن نترك الفضاء لتحكمه العدائية، بل الحرية والسلام. لقد تعهدنا بأننا لن نرى الفضاء مليئاً بأسلحة الدمار الشامل، بل بأدوات المعرفة والتفاهم». فبالنسبة لكيندي «فإن علوم الفضاء، مثلها مثل العلوم النووية والتكنولوجية، لا تمتلك قدرة اتخاذ القرار بحد ذاتها. ولهذا، فإن كونها قوة للخير أو للشر يعتمد على الإنسان».
لم يكن وصول أميركا إلى القمر خيراً بالمطلق، فقد استفادت من السبق بما يخدم استخباراتها وأبحاثها وخططها وتأكيد سطوتها، لكنها فتحت أيضاً بإنجازها أبواب الطموح لكثيرين، ولا تزال الأبحاث حول اكتشاف الفضاء شغفاً في دول كثيرة. فبلد فيه العوز من أكبر التحديات مثل الهند، على استعداد لدفع 150 مليون دولار على مهمة فضائية واحدة، تعثرت مؤخراً وتم إيقافها.
هبوط الإنسان على القمر بقي مسألة رمزية. والمشاهد المؤثرة للرواد يتطايرون بملابسهم البيضاء التي رآها 50 مليون إنسان، هي الإنجاز الأكبر. كانت الصورة أعظم من أن تصدّق، لدرجة أن التشكيك لا يزال حاراً، يزيد من حدته أن أميركا تتحدث عن ضياع الأشرطة التي سجلت للحدث الأعظم في تاريخها. وثمة من يقول إن هذا تحبه أميركا لأنه يعزز الحكايات ويشحذ الأخيلة.
تلك فترة، كان مشهد العالم فيها مختلفاً. دول كثيرة حلمت وعملت وسعت. ومن السريالي أن نتذكر اليوم لبنان الذي كان له عام 1960 مشروعه الصاروخي الواعد وقد أطلق بالفعل صواريخ «أرز» التجريبية واحتُفي بها، ولا يزال استذكارها مؤلماً، وصوَّر حول هذا الموضوع فيلماً جميلاً. لكن المشروع الذي كان رائداً، والأول من نوعه في المنطقة كلها، لم يدعم بالمليارات ولم يجد مساندة من الدولة، وانتهى بأصحابه إلى الهجرة أو الذبول. وكانت إسرائيل في العام نفسه قد أنشأت «اللجنة القومية لأبحاث الفضاء». استمر المشروع الإسرائيلي ونما، وانتهت الصواريخ اللبنانية إلى العدم مع الانكسار العربي عام 1967.
استعادة ذكرى خطوات أرمسترونغ اليوم، لا تخص الأميركيين وحدهم، ثمة أحلام كانت تتبرعم، في أنحاء الأرض والحروب على أشدها، منها ما انتصر ومنها ما خبا، لكنها ليست نهاية المحاولات، ولا آخر الطموحات.
بعد خمسين سنة، ليست العودة إلى القمر أولوية ولا الاكتشافات بحد ذاتها ما يخصص له المليارات. انشغلت الحكومات بإرسال أقمارها الصناعية إلى الفضاء، إما لتتجسس بعضها على بعض أو لتؤمن دعماً عسكرياً، أو تغذية برامج اتصالات. وأميركا نفسها تعد لـ«قوة فضائية» ستصبح الذراع السادسة في الجيش الأميركي، وتضمن لها الهيمنة، وهي تعمل إلى جانب القوة الجوية بالتوازي والتساوي.
وفي كل الأحوال المسافة شاسعة ومحزنة، بين رغبات العلماء البريئة وتحول حياة أرمسترونغ إثر رحلته واكتشافه كم أن كوكب الأرض هش من علٍ، ويحتاج إلى حنو وحكمة من ساكنيه، وبين الجفوة الانتهازية السياسية التي تريد الفضاء تفاحة شهية لتقضمه وتجهز عليه.

الشرق الاوسط 




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد