الأردن يتغير… وهذا هو المطلوب الآن
يعيشُ الأردن أياماً شداداً أدت به إلى الأزمة الاقتصادية الراهنة، في ظل غياب أي دعم عربي، إذ تحترق دولارات العرب في حروب طاحنة هنا وهناك، هذا بالإضافة إلى أن العرب وإسرائيل يقفون في خندق واحد من أجل الضغط على الأردن ليقبل بـ»صفقة القرن»، إذ في الوقت الذي تغيب فيه المساعدات العربية فإن التبادل التجاري بين الأردن وإسرائيل ينخفض بنسبة 65% عما كان عليه قبل 10 سنوات.
بات معروفاً أن الأيام الشداد التي يعيشها الأردن سببها رفضه لصفقة القرن، وهي مشروع السلام الأمريكي الإسرائيلي، الذي يُراد له أن يُنهي جملة قضايا من بينها القدس واللاجئين، وأن يتم حسم هذه القضايا على حساب الهوية الأردنية والمصلحة الأردنية، وبالطبع وبكل تأكيد على حساب الشعب الفلسطيني.
يُدرك الأردن أنه يخوض المواجهة الأصعب والأهم منذ عام 1967، ولذلك رفض كل العروض السخية التي تلقاها، ومن بينها عرض بسداد دينه العام كاملاً والبالغ 28.6 مليار دينار (40 مليار دولار أمريكي) مقابل الموافقة على «صفقة القرن»، لأنَّ هذا يعني في نهاية المطاف بيع مدينة القدس ومعها الأردن مقابل هذا المبلغ، لتصبح القدس مدينة اسرائيلية، ويُصبح الأردن موطناً للاجئين، وتنتهي القضية الفلسطينية على ذلك. أمام هذه الضغوط العربية والاسرائيلية والأمريكية، التي لا يجد الأردن مفراً من مواجهتها بدأ يتغير، وبدا هذا التغير واضحاً في جملة تحركات أردنية خلال الأيام القليلة الماضية، كان أهمها توقيع عدد من الاتفاقات مع دولة قطر في المجال العسكري والاقتصادي، خلال زيارة وفد قطري رفيع المستوى، بما يعني أن الأردن بدأ بالفعل يبحث عن حلفاء جدد في المنطقة. كما أن الملك عبد الله الثاني ومنذ بداية العام الحالي 2019 زار تركيا والتقى فيها مع أردوغان، وزار تونس (مهد الربيع العربي) والتقى فيها مع الرئيس السبسي، وبعث ببرقية تهنئة نادرة إلى الرئيس الإيراني حسن روحاني، كما بدأ عامه الحالي بزيارة إلى العراق هي الأولى من نوعها منذ 10 سنوات. التحرك الأردني الآخر الذي كان لافتاً، حدث على المستوى الداخلي، حيث استقبل الملك عبد الله الثاني أعضاء البرلمان من كتلة الإخوان المسلمين، وهو أول لقاء يجمع قيادات من الإخوان مع الملك، منذ أكثر من سبع سنوات، وهو تحرك له دلالاته بالنسبة للدول التي تمارس الضغوط على الأردن. ثمة تحولات كبيرة يشهدها الأردن الذي يعيش منعطفاً تاريخياً بالغ الأهمية، لكن التحول الأهم لم يحدث بعد، وهو إلغاء اتفاقية السلام مع إسرائيل (معاهدة وادي عربة) بشكل كامل والانسحاب منها، إذ في حال أراد الاسرائيليون ومعهم الأمريكيون (وسيط السلام والضامن للمعاهدة) تغيير واقع مدينة القدس، وتغيير وضع اللاجئين، فهذا يعني انتهاك البنود الأهم في هذه المعاهدة، التي تنص بشكل واضح، وفي مادة خاصة على أن «المقدسات في القدس تظل تحت الوصاية الأردنية الهاشمية، لحين التوصل إلى حل نهائي عبر المفاوضات التي يتوجب أن يكون الأردن طرفاً فيها»، وكذا تنص المعاهدة بوضوح على أن «الأردن يجب أن يكون طرفاً في أي حل يتعلق بقضية اللاجئين»، على اعتبار أنه أكبر مضيف لهم منذ نكبة فلسطين في عام 1948.
الرد الأردني على «صفقة القرن» يجب أن لا يكون أقل من إلغاء معاهدة السلام مع اسرائيل بشكل كامل، إذ لا يمكن أن يستمر التمسك بمعاهدة لا تحفظ للأردن أهم مصالحه، هذا فضلاً عن التآكل المستمر للفوائد الاقتصادية المتأتية من هذه المعاهدة، ما يعني أنها تصبح تدريجياً بدون أي فائدة لا سياسياً ولا اقتصادياً.
القدس العربي
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews