صيغة حكومة نتنياهو الخامسة: السيادة مقابل الحصانة
الانتخابات الحالية كانت استفتاء شعبياً على استمرار ولاية بنيامين نتنياهو في رئاسة حكومة إسرائيل. وقد فاز فيها بصورة كبيرة، حيث تقف من خلفه قائمة ليكود كبيرة. الجمهور الإسرائيلي أعطى أغلبية واضحة لليمين، ونتنياهو يمكنه أن يشكل بسهولة حكومة مع «الشركاء الطبيعيين» مثلما وعد خلال الحملة.
سيكون لحكومة نتنياهو الجديدة هدفان رئيسيان. الأول، إزاحة لوائح الاتهام التي تهدده من الطريق. والثاني ضم المستوطنات لإسرائيل بالتنسيق مع إدارة ترامب. يمكن إجمال هذين الهدفين بصيغة بسيطة مع نغمة. «الحصانة مقابل السيادة». الاتجاه حدده رئيس الاتحاد القومي بتسلئيل سموتريتش الذي سيكون زعيم اليمين المتطرف في الكنيست وفي الائتلاف القادم.
مقابل التشريع الذي تحفظ فيه بهذه الطريقة أو تلك لوائح الاتهام ضده، سيحتاج نتنياهو إلى تنسيق صفقة القرن المترددة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بصورة تمكن إسرائيل من الإعلان عن سيادتها على المستوطنات وضمان ألا يتم إخلاء أي مستوطنة. في الشائعات المتسربة من واشنطن حول الخطة جاء أن إسرائيل يمكنها الاحتفاظ بمناطق ج التي تضم معظم الضفة الغربية وفيها جميع المستوطنات ومناطق التدريب للجيش ومناطق مفتوحة. الفلسطينيون الذين مكانتهم السياسية في الخطة غير واضحة سيتم تعويضهم بمساعدات اقتصادية. إذا رفضوا الخطة، كما هو متوقع، فسيكون من الأسهل تأييد الضم الإسرائيلي لـ «المناطق التي تم احتلالها في حرب وقائية»، كما بررت الإدارة الأمريكية اعترافها بضم هضبة الجولان. على كل الأحوال، اختارت إسرائيل دولة واحدة وتنازلت عن حل الدولتين على أساس تقاسم البلاد مع دولة فلسطينية.
في الجبهة الداخلية، ستعمل الحكومة الجديدة على تصفية «الثورة القضائية»، وتحويل المحكمة العليا من سلطة مهمتها انتقاد وتقييد السلطة إلى ذراع دعاية يمنح الدعم القانوني لقرارات الحكومة على شكل قرارات حكم من المحكمة العليا تعمل على شرعنة خطوات الاحتلال في المناطق منذ 1967. هذه السياسة القانونية ببساطة سيتم استيرادها من المناطق إلى داخل الخط الأخضر. رئيسة حزب اليمين الجديد، اييلت شكيد، يتوقع أن تخلي مكتبها في وزارة العدل، ولكن المواقف التي طرحتها في الحملة ـ تعيين سياسي للقضاة وإخضاع المستشار القانوني للحكومة للوزراء ـ تحظى بتأييد كبير في أوساط اليمين. وسيتم دفعها قدماً من قبل وزير آخر.
قانون القومية، وهو الأهم في قرارات الكنيست السابقة، سيكون القاعدة الأيديولوجية لحكومة اليمين الجديدة: تفوق يهودي ومكانة متدنية لغير اليهود. ما زال من الصعب تخيل الخطوة القادمة في قوانين التمييز، لكن تشكيلة الائتلاف الظاهرة تضمن قدوم هذا. وشرط إعلان الولاء لإسرائيل كدولة يهودية هو للمواطنة أو الحصول على مخصصات التأمين الوطني. الامتحان الأول آخذ في الاقتراب، حيث المحكمة العليا ما زالت بتركيبتها الحالية، ستقرر هل سيتم البحث في التماسات لإلغاء قانون القومية وضد المواقف الموحدة لأحزاب اليمين التي ترفض صلاحيات المحكمة في إلغاء قوانين الأساس.
الانتخابات بددت، ربما مرة واحدة وإلى الأبد، وهم «الوسط ـ يسار»، أنه أمام اليمين يجب وضع جنرال يتفاخر بقتل العرب، وبذلك يجذب مصوتين من الكتلة المقابلة. هذه المرة وقف أمام نتنياهو جميع رؤساء الأركان السابقين الذين ما زالوا على قيد الحياة. وعدد من الجنرالات الآخرين للتحلية. وحتى هذا لم يساعد. طلب هذه السلعة لا يكفي لاستبدال الحكم. في أوساط الجمهور اليهودي أغلبية واضحة لمواقف اليمين. ومرة أخرى تبين أن الطريقة الوحيدة لهزيمتها هي بناء بديل فكري من الأسفل، وعدم الأمل بأن يكون ذلك لقمة سائغة وانقضاضاً ناجحاً على الكنيست ومقر الحكومة. هذا ما فعلته الصهيونية الدينية التي كانت وما زالت أقلية، لكنها أخذت بأيديها الباكورة الأيديولوجية لمعسكر اليمين وطريقه في كل الدولة.
الدرس الذي يجب أن يتعلمه اليسار من هزيمته المتكررة هو أن احتمال عودته في أي يوم إلى الحكم يكمن في التعاون مع الوسط العربي في إسرائيل وتشجيع نموذج المواطنة المتساوية التي ستحرك الناخبين العرب نحو صناديق الاقتراع. لا يوجد مخزون آخر من الناخبين يمكنه أن يشكل قاعدة لعملية انقلاب مضاد. بني غانتس وأصدقاؤه في حزب أزرق أبيض ساروا في أعقاب أسلافهم، وخافوا من كل اتصال مع العرب. هكذا برروا سياسة اليمين، وتنازلوا عن الورقة الوحيدة التي كان يمكن أن ترجح الكفة لصالحهم. ولكن ليعرف من سيأتي بعدهم أن هذه الورقة ما زالت على الطاولة إلى حين يأتي شخص ما تكون لديه الشجاعة لرفعها قبل أن يصبح الوقت متأخراً جداً.
هآرتس
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews