كيف تناول إعلام النظام السوري رفات الجندي الإسرائيلي… وممثل مصري للعب دور القذافي
يظهر السياسيون على شاشات التلفزيون كي يقولوا شيئاً، كي يصرّحوا، كي يدلوا برأي أو معلومات. يندر أن يخرج سياسي، خصوصاً إذا كان وزير إعلام، كي يقول إنه لا يعرف، أو إن «دولته» برمتها لا تعرف، تحديداً إذا كان ممثلاً لنظام شمولي تعوّد أن يمدّ يديه بكل مكان، بل هو قائم على أسطورة أن أجهزة أمنه تعرف عن المواطن ما لا يعرفه عن نفسه.
في بلد كهذا يخرج وزير الإعلام عماد سارة ليقول العبارة التالية: «يجب أن يعلم الجميع أن لا علم لسوريا بهذه القضية (قضية تسليم رفات الجندي الإسرائيلي) على الإطلاق، لا بتفاصيل العثور على الرفات ولا حتى الدفن. أساساً الدولة السورية لا علم لها بوجود رفات لأي جندي إسرائيلي في أي مكان في سوريا»!.
هذه المرة فقط، يستطيع النظام أن يتشدق بالجهل، بعبارة تعودنا سماعها في أوقات انتصار مزعوم، أو مع شعور فائض من القوة: «يجب أن يعلم الجميع.»!
في هذه الحالات يفضّل أن يختفي وزير الإعلام من المشهد، لأن لا شيء في جعبته يفيد الناس، ولا سيما أن التصريح التالي من رئيس دولة «عظمى»، وشريك أساسي في انتصارات النظام سيؤكد أن عملية تسليم رفات الجندي الإسرائيلي جاءت بالتنسيق مع «الشركاء» السوريين.
في هذه الحالة يجب أن يتوارى وزير الإعلام، ليس لأنه لا يعرف، بل لأن ما في جعبة نظامه يخجل قلب المؤيدين، قبل المعارضين.
كيس أنور رجا
تعليق أنور رجا، مسؤول الإعلام المركزي في «الجبهة الشعبية – القيادة العامة»، حول عملية تسليم رفات الجندي الإسرائيلي يجب أن يحفظ في أرشيف خاص مع بقية تصريحاته التي شهدتها شاشات العالم بعيد اغتيال رفيق الحريري، والتي كانت على الدوام صدى لما يردده إعلام النظام السوري.
يتفوق رجا، هذه المرة، على نفسه، حين يخترع، في تصريح لـ «الجديد»، تفسيره الخاص لحكاية الرفات: «لوحظ بين بعض الذين خرجوا من مخيم اليرموك امرأة معها كيس مليء بالتراب»، وهو يقصد طبعاً أن الجثة، المتحللة بحسبه، كانت في ذلك الكيس.
لوحظت المرأة، وتركت، مع ذلك، لحال سبيلها كي يصل الكيس/ الجثة بسلام إلى بنيامين نتنياهو، لأن مهمة حاجز «القيادة العامة» على بوابة المخيم كانت دقيقة للغاية: التفتيش في بقج الفلسطينين على ربطات الخبز، أو الأدوية والضمادات. وفي أوقات الفراغ كانوا يتسلون بالنظر إلى حاجز النظام «الشريك» القريب وهو يجبر عجوزاً فلسطينياً على العواء مقابل السماح له بالدخول إلى عائلته في المخيم.
أما عبور جثة في كيس فهذا أمر متروك للملاحظة عن بعد وحسب، ثم السماح له بالعبور.
محتجزون أم لاجئون!
فيديو جديد لـ «سانا»، وكالة أنباء النظام السوري، يتناول ما سموه «عودة مجموعة من عائلات المهجّرين» السوريين من مخيم الركبان، وفيه سنعثر على صيغة إخبارية جديدة في وصف اللاجئين: «..بعد سنوات من الاحتجاز من قبل القوات الأمريكية ومرتزقتها الإرهابيين». اللاجئون في مخيم الركبان هم محتجزون إذاً، ليسوا لاجئين أو نازحين!
لا ندري إن كانت «سانا» ستمضي طويلاً في هذه الكذبة المبتكرة، فإذا كان الحديث هنا عن عشرات العائدين إلى حضن الوطن فماذا بوسع الوكالة أن تقول عن ملايين اللاجئين السوريين! ملايين المحتجزين؟!
كذلك فإن عين المشاهد لا بد أن تتساءل، لماذا جلّ عائدي «الركبان» من الأطفال والنساء؟ أين آباؤهم؟ أين الشبان؟ ثم لماذا يتحدث الجياع، مغبرو الوجوه، باللغة ذاتها عن «حضن الوطن» وعن «الإرهابيين» كما لو أنهم عادوا من اجتماع بعثي؟
فيلم عن القذافي؟
يستعصي على المرء فهم سبب تكريم الممثل المصري محيي إسماعيل (أعرف أن الكثيرين سيسرعون إلى غوغل الآن لمعرفة من يكون) في مهرجان مسرحي في شرم الشيخ. ممثل كل مجده أن أحداً شبّهه بمعمر القذافي ونصحه بتطويل شعره كي يستحق لعب شخصيته في فيلم سينمائي، فمضى إلى الزعيم الليبي يتسوله في لعب الدور، وما زال ينتظر.
أثناء تكريمه في شرم الشيخ راح الممثل يقلّد ممثلين وزعماء عرباً، فبدا مهرجاً يستحق الإشفاق أكثر من التكريم، خصوصاً حينما تحدث عن رفضه عرضاً أمريكياً بتصوير فيلم عن القذافي، قال «كي لا يتم وضع مشاهد تسيء للقذافي بعد الانتهاء من التصوير»! (متى كان هذا العرض؟ ولماذا لم يظهر الفيلم مع ممثل آخر؟ أم أن الحياة لم تجد إلا بممثل واحد للعب الدور؟).
اسماعيل أكد أن «الفيلم (وهو من كتابته) جاهز للتصوير وجهة الإنتاج موجودة وابنة القذافي موافقة، وينتظر فقط عودة ليبيا مرة أخرى»، أي أنه سيؤدي الدور من وجهة نظر ابنة القذافي، لا برؤية موضوعية.
حسناً أن أحداً لن يتنطّح للعب قذافي كهذا إلا كاراكوزاتي منتهي الصلاحية من هذا النوع. لننتظر إذاً الفيلم المهزلة.
القدس العربي
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews