آسيا وصناعة كرة القدم

تلعب الصين، اليوم، أمام إيران، وتواجه اليابان فيتنام فى دور الثمانية لكأس أمم آسيا المقامة فى الإمارات.. وقد لا تلقى المباراتان اهتمام مصريين كثيرين؛ سيتابعون مباراتى الأهلى ومصر المقاصة والزمالك وبيراميدز.. ثم ينشغلون، غدًا، باستكمال دور الثمانية لكأس آسيا بمباراتى العرب؛ حيث ستواجه قطر كوريا الجنوبية، وتلعب الإمارات أمام أستراليا. ولست أطالب الآن أى أحد بالاهتمام بمواجهة فنية حقيقية بين اثنين من المدربين الكبار جدًا.. الإيطالى مارشيللو ليبى، مدرب الصين، أمام البرتغالى كارلوس كيروش، مدرب إيران.. إنما أتمنى فقط أن ننتبه إلى التطور الهائل الذى عاشته الكرة الآسيوية، ولا تزال تواصل التطوير والتغيير.. أتمنى أيضا التخلى عن قناعاتنا القديمة بأن أفريقيا أقوى كرويًا من آسيا إلى حد إحساس الأفارقة بالإهانة، حين قرر «فيفا» مساواة القارتين فى عدد المنتخبات التى ستشارك فى المونديال، بعد زيادة العدد إلى ثمانية وأربعين منتخبًا.. فالكرة الآسيوية لم تعد هى التى كانت منذ عشرة أو عشرين عامًا. وإذا كانت أفريقيا لا تزال تملك مواهب كروية فردية رائعة المستوى تتألق وتلمع فى أوروبا، فإننى لا أتحدث هنا عن نجوم ومحترفين، إنما عن المستوى الكروى بشكل عام فى مختلف البلدان الآسيوية التى كانت نتائجها فى المونديال الروسى الأخير أفضل وأجمل من بلدان أفريقيا.

وإذا كان المال يصلح أحيانا لالتماس العذر لـ«أفريقيا» التى لا تملك بلدانها ثروات آسيا؛ حيث أنفقت البلدان الآسيوية قرابة المليارى دولار كدعم حكومى لاتحاداتها وأنديتها.. وكانت الإمارات هى الأكثر إنفاقا، ثم الصين ثم كوريا الجنوبية، ثم ماليزيا، ثم السعودية، ثم فيتنام، ثم سنغافورة، ثم أستراليا، ثم الأردن، وتبقى اليابان هى الدولة الآسيوية الوحيدة التى لا تنفق فيها الحكومة على كرة القدم.. لكن المال ليس هو الحكاية كلها.. ففى آسيا هناك ست عشرة دولة اعتمدت الدورى الحقيقى للمحترفين بكل متطلباته وشروطه.. وهناك برامج حكومية حقيقية لتطوير كرة القدم، أحالتها من مجرد لعبة عشوائية إلى صناعة حقيقية تعلمتها، وبدأت تتقنها بلدان آسيا، مثل باقى صناعاتها.. حتى البلدان العربية فى آسيا فوجئت بهذا الواقع الجديد؛ فلم يتأهل إلا منتخبان عربيّان فقط لدور الثمانية من بين إحدى عشرة دولة شاركت فى هذه النهائيات.. قكرة القدم تتغير حقائقها وثوابتها يومًا بعدَ يومٍ، ولم تعد تلتفت للتاريخ أو الذين لا يزالون يرونها مجرد لعبة.

المصر اليوم