Date : 20,04,2024, Time : 03:09:02 PM
3462 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الأربعاء 09 جمادي الاول 1440هـ - 16 يناير 2019م 12:22 ص

السيسي إذ ينكر وجود ضحاياه!

السيسي إذ ينكر وجود ضحاياه!
ساري عرابي

في مقابلته مع قناة "سي بي إس" الأمريكية، أنكر عبد الفتاح السيسي وجود آلاف المعتقلين السياسيين في السجون المصرية، تماما كما زعم في الوقت نفسه أن اعتصام رابعة كان معزّزا بآلاف المسلحين. من ناحية الشكل، يبدو إنكار الأعداد الحقيقية للمعتقلين السياسيين أسهل من إنكار سلمية اعتصام رابعة، فحقيقة الاعتقال السياسي وحجمه وظروفه لا تظهر للعيان؛ كما هو الحال في اعتصام رابعة العدوية الذي كان مفتوحا للجميع، ويبثّ أنشطته للجميع، وقد فُضّ أمام الكاميرات دون أن يظهر أدنى أثر لآلاف قطع السلاح!

يمكن القول إنّ الكذب المفضوح عنوان مناسب لسيرة عبد الفتاح السيسي السياسية منذ صعوده، وهو على الأرجح يعلم أنّ لا أحد يصدقه في هذا العالم سوى المرضى ببعض أنواع الكراهية. وإذا كانت السياسية، لا سيما في العوالم المغطاة بالقهر، تنطوي على حقائق مخفية بالأكاذيب، فالأمر مع السيسي أكثر فجاجة وانفضاحا؛ بالقدر الكافي للتعريف بشخصيته واتجاهاتها النفسية. والحال هذه، يمكننا أن نتوقع الكثير مما لا يغطيه سوى الكذب، كما قلنا في مقالة سابقة عن الاحتمالات الممكنة في ما ورائيات علاقة السيسي بـ"إسرائيل".

لكن من ناحية المضمون، لا الشكل، ينبغي أن يكون الكذب في أمر المعتقلين السياسيين أثقل على النفس. صحيح أن جرح رابعة لم يلتئم، ولكنّ الحدث نفسه انتهى موضعيّا، بينما الاعتقال السياسي أمر قائم ومفتوح ومستمر ومتواصل، كما أنّ الحقيقة في رابعة، ورغم أكاذيب السيسي، أخذت حقّها نسبيّا من الفضاء المفتوح والكاميرات المنصوبة، وشاهد العالم الحقيقة. بكلمة أخرى؛ ثمة مئات آلاف الشهود، وربما الملايين، في العالم على حقيقة اعتصام رابعة، بينما لا يجد المعتقلون السياسيون الآن من يشهد لهم، وعلى معاناتهم، التي يمكن أن نتخيل بعض فظاعاتها من نظام استباح الناس في الشوارع بالشكل الذي رأيناه، وهو نظام ينكر رأسه معاناة ضحاياه بكل هذه البساطة!
في قلب هذه الاعتبارات الأخلاقية، ثمة إمكانية عملية، ففي حين لا يمكن للسيسي إعادة كتابة الماضي ومنع استباحة المعتصمين في رابعة، فإنّه وفي ما يتعلق بالحقّ الشخصي المباشر، يمكنه معالجة أمر المعتقلين السياسيين، والحدّ الأدنى من هذه المعالجة، هو الاعتراف بهم، وبمعاناتهم. الحديث هنا عن الألم الذي يباشره الفرد المضطهد في حكم السيسي، لا عن المعنى السياسي، فسياسيّا يمكن التراجع عن أي خطيئة.
في ما نحن فيه من المعاناة الفردية التي يكابدها كل مضطهد، ولا سيما المعتقل السياسي، يمثل إنكار وجوده، أو إنكار معاناته، الحدّ الأقصى أو ذروة الاضطهاد. فإذا كان الاعتقال في ذاته يمثل جسد المعاناة الرئيس، وكان هذا الجسد تعبر عليه أصناف لا يمكن حصرها ولا تخيلها من المعاناة والعذاب، فإنّ ذروتها في إنكار وجوده، أو إنكار عذاباته؛ لأنّه وبينما كان هذا المعتقل قد اعتقل فعلا، وأكل جسده وشربت روحه من أصناف العذاب، لم يتبق له من مساحة لحقوقه المسلوبة، إلا تلك التي يُعترف فيها بوجوده وبعذاباته، حتى هذه المساحة يغلقها السيسي.

لتقريب المعنى المقصود أقول: إنّ الإقرار بوجود المعقل السياسي وبما يعانيه؛ يشبه قطرة ماء متبقية لضالّ في الصحراء، إهدار قاطع طريق لهذه القطرة، تماما كإغلاق المساحة المتبقية من الأمل أو الحقّ للمعتقل السياسي. إنّها أدنى درجات تصحيح الخطأ، وهي في الوقت نفسه، حين إغلاقها، ذروة عذاباته؛ لأنّها ما تبقى من حقوقه الدالّة على جوهر كرامته الآدمية.

وإذا كان بعض قطاع الطرق لا يكتفون بسلب الناس متاعهم، وإنما يهدرون حياتهم، أو يهدرون ما تبقى لهم من مقومات الحياة ويلقونهم وليمة للصحراء. فالسيسي لم يكتف بسلب الناس حقهم في انقلابه، ولكنه الآن يسلب من ضحاياه ما تبقى لهم من حقّ، أو من أمل، ويسحق آدميتهم باعتبارهم لا شيء، هم والعدم سواء!

المشترك بين إنكاره لسلمية رابعة، وبين إنكاره لحقيقة الاعتقال السياسي لديه، هو إنكاره لضحاياه، في تجلٍّ فاضح لمركب ظاهره الطغيان والسادية وباطنه الجبن وعقد النقص، ولذلك لا يمكن أبدا أن نتوقع أي تصحيح سياسيّ، أو حقوقي، فلا الدافع الأخلاقي متوفر لدى السيسي، ولا الشخصية السويّة، ولا المشروع الوطني، فالرجل لا يملك مشروعا وطنيّا توسّل إليه بإقصاء خصومه، ولكن الأمر على النحو الموصوف سلبا وقطع طريق.

عربي21 




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :

اضف تعليق

مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد