سلام المنطقة والعالم مرهون بقطع أذرع الأخطبوط الإيراني
الإغلاق الاقتصادي على إيران آخذ في الاشتداد، وفي أعقابه تتعاظم أيضاً العزلة السياسية التي يجد الإيرانيون أنفسهم فيها. في لحظة نادرة من الصراحة اعترف الأسبوع الماضي الزعيم الأعلى لإيران علي خامينئي بأن العقوبات غير المسبوقة تثقل على الحكومة وعلى الجمهور في بلاده. ولكن اليد الأمريكية لا تزال ممدودة، وقريباً ستعقد واشنطن مؤتمراً دولياً في بولندا كي تفحص المزيد من السبل لصد الخطر الإيراني على الاستقرار والأمن في العالم.
لقد احتلت إيران مكاناً مهماً في خطاب وزير الخارجية الأمريكي مايك بومباو في القاهرة الأسبوع الماضي. وجاء الخطاب لإصلاح الانطباع الذي خلفه خطاب الرئيس اوباما في القاهرة قبل نحو عقد. فاوباما كما يذكر وعد بفتح صفحة جديدة في علاقات الولايات المتحدة مع دول المنطقة، ولكن السياسة التي اتخذها، كما شرح بومباو، اعتبرت تعبيراً عن الضعف ومنحت تشجيعاً للمحافل الراديكالية في الشرق الأوسط، وعلى رأسها إيران. أما الآن فالولايات المتحدة مصممة، كما أضاف بومباو، على الدفاع عن حلفائها، وإبعاد إيران عن سوريا ومكافحة حزب الله في لبنان.
يخيل أن إرث اوباما ليس وحده ما سعى بومباو إلى إصلاحه، بل وتصريحات الرئيس ترامب، الذي أعلن الأسبوع الماضي أن من ناحيته يمكن لإيران أن تفعل ما تشاء في سوريا. وبالمناسبة، يجدر بومباو أن يلفت الانتباه أيضاً إلى ما جرى في وزارة الخارجية التي يقف على رأسها. ففي الوقت الذي يهاجم فيها حزب الله ويعد بمكافحته، تعمل الإدارة الأمريكية على التعاون مع الحكومة اللبنانية وتخطط لمنح مساعدة مالية وسلاح للجيش اللبناني، الشقيق التوأم لحزب الله.
ومع ذلك، في كل ما يتعلق بالقتال الاقتصادي ضد إيران، تبدي الولايات المتحدة تصميماً وتسجل نجاحات. يحتمل أن يكون الرئيس ترامب بالغ في قوله إنه بسبب العقوبات «لم تعد إيران ذات الدولة إياها»، وإنها تضطر إلى سحب قواتها من سوريا ومن اليمن. ولكن التقارير من طهران تفيد بالضائقة الاقتصادية المتعاظمة، التي تجبر الإيرانيين على ان يقلصوا، مؤقتاً على الأقل، نشاطهم التأمري.
على الأمريكيين، الذين يحللون الشرق الأوسط وفق عالم القيم الغربي، أن يفهموا أن الكفاح سيكون طويلاً، وأنه لن يحسم فقط في الساحة الاقتصادية. فالتصدي لإيران يشبه الكفاح ضد أخطبوط متعدد الأذرع. ذراع واحدة هي التواجد العسكري لإيران، في شكل الحرس الثوري، في صورة الميليشيات التطوعية الشيعية من أفغانستان، ومن الباكستان ومن العراق، والتي يمولها الإيرانيون ويستخدمونها في كل أرجاء الشرق الأوسط، أو من خلال رسل محليين، مثل حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، بل وحتى حماس في غزة.
ذراع أخرى هي منظومة الإرهاب العالمي. بعض منها انكشف مؤخراً في أوروبا بفضل معلومات إسرائيلية. فقد أعلن الاتحاد الأوروبي عن فرض عقوبات ضد وزارة الاستخبارات الإيرانية والحرس الثوري، بدعوى أنهم وقفوا خلف المحاولات لتصفية معارضي النظام الإيراني في هولندا، والدانمارك وفرنسا.
ذراع أخرى هي منظومة الصواريخ بعيدة المدى، والأقمار الاصطناعية، وكذا السلاح النووي الذي تطوره إيران. وقبل بضعة أيام أعلن الرئيس حسن روحاني بأن بلاده ستطلق قمرين اصطناعيين إلى الفضاء، في ظل استخدام صواريخ من إنتاج إيرانية. أما تكنولوجيا إنتاج صواريخ إطلاق الأقمار الاصطناعية فضرورية لإيران لحاجة إنتاج الصواريخ بعيدة المدى القادرة على الوصول حتى أوروبا، وفي المستقبل حتى إلى الولايات المتحدة، وحمل رؤوس متفجرة نووية.
إذا كانت واشنطن تسعى لأن تصد الخطر الإيراني على سلام المنطقة والعالم، فإن عليها أن تقطع أذرع الأخطبوط التي تنطلق من طهران إلى أرجاء الشرق الأوسط والعالم، وألا تحاول المعالجة الموضعية لواحدة منها فقط، مثلما فعلت إدارة أوباما.
إسرائيل اليوم
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews