وطن يشبه محمد صلاح

تخيل البعض أن عموم المصريين لم يحتفلوا كما يجب ويليق بفوز النجم الكبير محمد صلاح للمرة الثانية على التوالى بجائزة الـ«بى بى سى» لأفضل لاعب كرة قدم فى أفريقيا عن عام 2018.. وعلى الرغم من فرحة الناس بالجائزة، إلا أنها لم تكن تلك الفرحة الطاغية المعتادة والمتوقعة كلما تعلق الأمر بانتصار جديد لمحمد صلاح.. ولم تصبح هذه الجائزة منذ أمس الأول هى حديث الناس الذين اهتم كثيرون منهم بأحداث وحكايات أخرى.. والحقيقة هى أن محمد صلاح رفع طموحات المصريين الكروية حتى باتت أكبر من كل أفريقيا ومن أى جائزة تقدمها الـ«بى بى سى»، مع كل الاحترام للشبكة البريطانية وتاريخها وعراقتها ومكانتها.. وحتى سنوات قليلة مضت كان يمكن لمثل هذه الجائزة أن تقلب الدنيا فى مصر وأن تتصدر كل نشرات الأخبار ومانشيتات الصحافة وتصبح الفقرة الأساسية والأهم والأجمل فى كل برامج التليفزيون.. فقد كان طموحنا محدودا للغاية وكانت أحلامنا شديدة التواضع لا تجرؤ على الخروج من أفريقيا.. فطموح المنتخب هو كأس الأمم وطموح الأندية هو اللقب القارى أو حتى المشاركة فى بطولتى الكاف للأندية، واللاعبون لا يحلمون بما هو أكثر من أى لقب أفريقى أو حتى الوجود ضمن التشكيلة المثالية للمنتخب الأفريقى.. وجاء محمد صلاح ليتمرد على كل هذه القوانين والحسابات.. فقد أصبح من نجوم العالم وينافس على جائزة اللاعب الأفضل فى العالم وفى أوروبا أيضا.. وفاز بالفعل بجائز اللاعب الأفضل فى إنجلترا.. وكلها أمور لا يمكن مقارنتها بجائز الـ«بى بى سى» للاعب الأفريقى الأفضل.. وهذه بالتأكيد ليست أزمة محمد صلاح أو مشكلته وهو هناك.. لكنها ستكون أزمتنا هنا إن لم يتغير طموحنا نحن أيضا.. فلابد أن تتغير رؤيتنا لأنفسنا بعد أن نسعى لرؤية العالم حولنا بصدق ووضوح فنعرف حجمنا الحقيقى الحالى ونبدأ السعى الجاد لتغيير صورتنا وواقعنا أيضا.. وليس عيبا أن نتعلم من محمد صلاح ونحاول كبلد أن نصبح مثله.. لا نتواضع فى أحلامنا ولا نقنع بما هو فى أيدينا دون أن نحاول المزيد من الحقوق والمزيد من النجاحات والفرحة أيضا.. ومحمد صلاح نفسه حين فاز بهذه الجائزة.. كان أول ما قاله للإعلام الأوروبى إنه بدأ من الآن الحلم والسعى لأن يفوز بها العام المقبل للمرة الثالثة على التوالى.

المصري اليوم