الكويت تمنع هزيمة صريحة لفلسطين
شكر مستحق في ذمة الفلسطينيين للكويت، فلولا مشروعها بضرورة حصوله على أغلبية الثلثين، لنجح المشروع الأمريكي، ولكانت هزيمة صريحة مدوية!
نتائج تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة، أظهرت بجلاء كم تراجعت القضية الفلسطينية على المستوى الدولي، وهو تراجع كان ثمرة التراجع الفلسطيني والعربي أساساً، وليس فقط بسبب نجاح الدبلوماسية «الإسرائيلية»، أو النفوذ الأمريكي. هذه هي حصيلة التصويت، التي جرت دون تحايل على الوقائع، أو تبرير للمعطيات.
في التفاصيل، حصل المشروع الأمريكي على (87) صوتاً، وعارضته (58) دولة، وامتنعت عن التصويت (32) دولة. بمعنى آخر، بلغت أصوات غير المعارضين للمشروع (120) صوتاً، وهي تشكل حوالي (68%) من مجموع الأصوات. ولو لم تتقدم الكويت بمشروع طلب نسبة الثلثين، لكان النجاح حليف المشروع، الذي كان ضد النضال الوطني الفلسطيني بمجمله، وعلى نحو كان سيطلق العنان لكل أشكال العدوان «الإسرائيلي» على الشعب الفلسطيني، وتصفية قضيته الوطنية، وبغطاء دولي!
من ناحية أخرى، أظهرت عملية التصويت المواقف الزائفة لأوروبا، بما في ذلك تلك الدول «المتعاطفة» مع القضية الفلسطينية (أيرلندا، السويد، هولندا، إسبانيا والبرتغال)، وأظهرت عبثية المراهنة عليها كبديل للولايات المتحدة؛ حيث ظهرت كما كانت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ذنباً أمريكياً لا أكثر. ولم يكن المشروع الأيرلندي إلا محاولة لتمرير المشروع الأمريكي مع محاولة لإرضاء الطرفين نظرياًَ! في الوقت نفسه، ظهر التراجع واضحاً في مواقف كثير من الدول الإفريقية والآسيوية (الصين والهند اكتفتا بالامتناع عن التصويت). أما الدول العربية (موريتانيا أيدت)، ففي رأي السفير «الإسرائيلي» للأمم المتحدة، داني دنون، أنه لو كان التصويت سرياً لتغيرت مواقفها العلنية! لقد اختفت دول «عدم الانحياز» و«الوحدة الإفريقية»، وكثير من دول«أمريكا اللاتينية»!
ويمكن أن تعد نتيجة التصويت فشلاً للولايات المتحدة؛ لكنها بالنسبة لرئيس الوزراء «الإسرائيلي»، بنيامين نتنياهو، كانت نصراً كبيراً؛ حيث رأى أنها «المرة الأولى، التي تحظى فيها إسرائيل بأغلبية جارفة على قرار يدين المقاومة!»؛ إن عودة إلى عام 1975؛ عندما اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار اعتبار «الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية»، والمقارنة بعملية التصويت الأخيرة، يظهر المعنى، الذي قصده نتنياهو في تصريحه السابق، كما يظهر حقيقة المنحدر، الذي تدحرجت عليه القضية الفلسطينية؛ بعد «اتفاق أوسلو» الاستسلامي!؛ ولأنه من الطبيعي أن يكون كل نجاح «إسرائيلي» فشلاً فلسطينياً، فإن ما ذهب إليه نتنياهو لم يبتعد عن الحقيقة والواقع؛ حيث إن الوضعين الفلسطيني والعربي يؤيدان ذلك.
فالوضع الفلسطيني الراهن، بحالته الانقسامية التناحرية بين رام الله وغزة، هو الذي أظهر الفلسطينيين فرقاً متناحرة على السلطة وبلا قضية! وهذا الوضع نفسه هو الذي حول السلطة في رام الله إلى مجرد ذراع أمنية ل«إسرائيل»، وجعل مجرد «البقاء» لسلطة غزة هو الهدف، الذي تقاتل من أجله! حيث تحول الأمر إلى نوع من «الدفاع الذاتي» تحت ضغط الضغوط الاقتصادية، التي نجمت عن حالة الحصار المفروض على غزة! أما الوضع العربي، فتحول إلى سباق على تطبيع العلاقات مع «إسرائيل»، في وقت أصبحت فيه فلسطين «أرضاً موعودة» لليهود، وأصبحت فيه طائرات الفلسطينيين الورقية إرهاباً!!
وفي ضوء هذه الأوضاع المزرية، لا يمكن لأحد الادعاء بأن وقائع التصويت على المشروع الأمريكي كانت مفاجئة! لا أحد يستطيع أن يقول ذلك ويكون صادقاً، والصدق يقتضي قول العكس! ومرة أخرى، لولا «قصة الثلثين» لكانت الأمور قد ظهرت بأسوأ مما ظهرت فيه. وإذا كان البعض قد اعتبر ما جرى نصراً للفلسطينيين، فإنه نصر عن طريق الصدفة، ينتظر فرصة ليتحول إلى هزيمة صريحة إذا لم يتوصل الفلسطينيون إلى طريقة تكفل تصحيح كل الأوضاع الخاطئة!!
الخليج الاماراتية
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews