ونجح منتدي أفريقيا 2018
في مصر وربما في دول أخري ينظر البعض إلي المؤتمرات والمنتديات الموسعة. كثيفة الحضور. التي تنظمها الدولة علي أنها مجرد "مكلمة".. و"محفل دعائي" اكثر منها إضافة عملية حقيقية للبلد. أو للأطراف المشاركة فيها تتجاوز متعة الأكل والشرب و"الفسحة".. باختصار هي ــ في رأي هذا البعض ــ وقت ضائع ومال مهدر!
في "منتدي أفريقيا 2018" الذي عقد بشرم الشيخ علي مدي يومي السبت والاحد الماضيين. قدمت الدولة المصرية نموذجا رائداً ومختلفا تماماً ينسف هذه الفكرة الخاطئة الشائعة لدي هذا البعض.
المنتدي يعقد "برعاية الرئيس السيسي".. هذا ما تضمنته جميع الاعلانات الاخبارية التي سبقت المنتدي حتي يوم افتتاحه. ولم يتضمن أي إعلان منها أي إشارة إلي أن الرئيس سيحضر المنتدي. لأن "رعاية" أي منتدي لا تعني حضوره.
ومع ذلك.. حضر الرئيس
ولم يكن حضور الرئيس "بروتوكوليا" أي لمجرد قص شريط. أو إعلان انطلاق المنتدي. أو إلقاء كلمة الافتتاح.
لقد حضر الرئيس ليشارك في المنتدي من بدايته لنهايته. وشهد ثلاث فعاليات.. جلسة لشباب القارة لعرض تجاربهم في الاستثمار والتنمية.. وجلسة الافتتاح.. ثم الجلسة الختامية. وتحدث في الجلسات الثلاث. سواء بكلمات رسمية معدة مسبقا. أو بحوارات وملاحظات عفوية.
الرئيس لم يحضر وحده. بل اصطحب معه رؤساء دول أفريقية لبوا دعوته للمشاركة في المنتدي.. من النيجر إلي مدغشقر.. ومن جامبيا إلي سيراليون ومعهم رؤساء حكومات ووزراء من مختلف دول القارة. فضلا عن قادة تجمعات ومنظمات اقليمية وقارية ومؤسسات تمويل عالمية.
هؤلاء لا يتركون ارتباطاتهم في بلادهم أو في مؤسساتهم لحضور منتدي تنظمه مصر. لمجرد مجاملة الدولة المصرية ورئيسها. أو للترويج عن أنفسهم. وإنما ثقة مؤكدة في جدية مصر في تعاملها مع قارتها. وفي أن أي فعالية تعقدها علي ارضها. ستكون إضافة حقيقية لحاضر ومستقبل القارة. ومن ثم لدولهم وشعوبهم ومؤسساتهم أيضا.
ثم.. هل يمكن أن يتصور أحد أن لقاء شباب مصري. ونساء مصريات. ورجال أعمال ومستثمرين فضلا عن وزراء ومسئولين مصريين. بنظرائهم من قارة تضم اكثر من خمسين دولة. تتكون شعوبها من ثلاثة آلاف مجموعة عرقية. وتتحدث 2000 لغة. وتبادل الخبرات والمعلومات والتجارب معهم لن يضيف جديدا إلي كل منهم. ويعمق أواصر الصداقة والتعاون بينهم. ويشكل قوة دافعة لتنمية شعوبهم وقارتهم؟
ولقد وجد هؤلاء في منتدي شرم الشيخ الذي عقد للسنة الثانية علي التوالي تجربة جديدة.. وجدوا مصر وعلي لسان رئيسها. تقدم لهم وللقارة "التزامات" وليست مجرد كلمات.. وانجازات وليس وعوداً أو شعارات.
استمعوا إلي إعلان الرئيس "التزام" مصر بدفع حركة التجارة والاستثمار والتنمية في القارة ومع اعلان بيان يشير بالأرقام إلي أن تجارة مصر مع أفريقيا بلغت 5 مليارات دولار سيتم مضاعفتها إلي 10 مليارات خلال 5 سنوات.
وأن حجم الاستثمارات المصرية في القارة بلغ 8 مليارات دولار. وفي طريقه للتزايد.
قبل المؤتمر أعلنت مصر تخصيص منفذ في مطاراتها لمواطني دول الاتحاد الافريقي لإنهاء اجراءاتهم عند الوصول أو المغادرة.. وعندما جاء المشاركون في المنتدي وجدوا ذلك مطبقا بالفعل.
أعلن الرئيس امام المنتدي انشاء صندوق مصري لضمان مخاطر الاستثمار في افريقيا تشجيعا للمستثمرين المصريين وحماية لاستثماراتهم في القارة.. تيسير عمل الشركات الافريقية في مصر.. الاسراع في الانتهاء من طريق القاهرة ــ كيب تاون الذي يربط لأول مرة في تاريخ القارة بين اقصي شمالها واقصي جنوبها لتسهيل حركة البشر والسلع ورءوس الأموال زيادة الاستثمار في رأس المال البشري.. وفي البنية التحتية الاساسية والمعلوماتية.. زيادة التعاون في محاربة الفساد والبيروقراطية.. إلي آخره.
ولتوثيق بعض هذه الالتزامات عمليا وقعت مصر علي هامش المنتدي. اكثر من ثلاثين اتفاقية ومذكرة تفاهم تخص تعزيز التعاون المصري الافريقي في مجالات التجارة والاستثمار في مختلف المجالات الحيوية.
أفريقيا. التي مازال البعض لا يري فيها إلا ساحة لإرهاب تنظيمات "داعش" و"القاعدة" و"بوكوحرام" أو مصدرا للهجرات غير الشرعية التي تقلق دول اوروبا أومستوطنة لبعض اخطر الأمراض مثل الملاريا والإيبولا والايدز.
أفريقيا الحقيقية لها وجه آخر تماما.. قارة فتية. واعدة. ما يقرب من نصف سكانها البالغين مليار نسمة من الشباب.. لديها امكانات تؤهلها لأن تكون قاطرة للاقتصاد العالمي.
تقارير البنك الدولي تؤكد أنه من بين العشر دول الاسرع نموا اقتصاديا في العالم هذا العام ست دول افريقية.
الامم المتحدة تتوقع أنه ما بين عام 2018 الحالي وعام 2033 ستكون العشر مدن الاسرع نموا في العالم كلها افريقية.
افريقيا قارة "محيطية" و"بحرية" تحيط بها البحار والمحيطات والقنوات المائية بالكامل. ولديها في هذا المجال ثروات بحرية هائلة لم تستثمر بعد.. وقد شهدت العاصمة الكينية نيروبي اواخر الشهر الماضي مؤتمرا عالميا مماثلا لمنتدي شرم الشيخ وشاركت فيه مصر يدور حول "الاقتصاد الازرق" لافريقيا وحضره 4 آلاف مشارك وكان هدفه استكشاف امكانيات القارة الهائلة من بحارها ومحيطاتها. وعرض فرص الاستثمار الواعدة فيها.
ان توالي مثل هذه الفعاليات. وتراكم ما تسفر عنه من خبرات والتزامات. سوف يغير بالتأكيد من وجه القارة علي المدي القريب والمتوسط والبعيد.
لقد نجحت الدولة المصرية. قيادة وحكومة. وشعبا في ان تفتح بمنتدي افريقيا 2018 طاقات جديدة من الأمل والعمل المشترك علي طريق التغيير المنتظر.
وعلي المستوي التنفيذي نجحت وزارة الاستثمار والتعاون الدولي بحسن تنظيمها للمنتدي وبالتعاون مع وزارة الخارجية في أن تقدم للرأي العام الأفريقي صورة مضيئة عن مصر التي تستعد لتسلم رئاسة الدورة الجديدة للاتحاد الافريقي في اول يناير ولمدة عام 2019 بما يشيع مناخا من التفاؤل والاستبشار في القارة بأنه سيكون عام انطلاق افريقيا لآفاق أرحب علي المستويين القاري والعالمي.
الجمهورية
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews