اسرائيل تضعف السلطة وتقوي حماس!
لأحد ما في القيادة السياسية مصلحة في أن تبقى عيون الجمهور تتطلع إلى غزة وآذانه تنصت لما يجري في سوريا ولبنان، حيث يتصورون مع الجنود ولا يتصارعون مع المسائل الأيديولوجية. فمعالجة الانفجار الأمني الآخذ في النضوج في جبهة الضفة يفضلون إبعاده عن الأضواء ـ وينجحون.
في عمليات الإرهاب في الضفة قتل هذه السنة عشرة إسرائيليين وأصيب 76، أكثر مما في جبهة غزة وفي جبهة الشمال معاً. ولكن عندما تقع مثل هذه العملية يستيقظون عندنا للحظة، يسألون الأسئلة المجردة ـ أين كان جهاز الأمن العام، ماذا حصل للجيش؟ كيف لم يعرفوا؟ كيف لم يمنعوا؟ وماذا عن الردع ؟! ـ وبعدها يعودون للغرق في كليشية الهدوء الخادع.
بعد كل عملية تنتج القيادة السياسية صلية من التعابير الوطنية الحماسية، أما التصدي الجدي فمفقود. وحتى عندما يظهر رئيس الأركان ورئيس الشاباك في الأسابيع الأخيرة أمام لجنة الخارجية والأمن ويحذران من العنف الذي ينمو في الضفة، فهذا لا يكون في الصدارة إلا ليوم واحد.
إن المعطيات التي يعرضها قادة جهاز الأمن تشير إلى ارتفاع جوهري في مدى العمليات ومحاولات تنفيذ العمليات في الضفة. فإذا كان جهاز الأمن «الشاباك» اعتقل في 2017 ما مجموعه 148 خلية تنتمي لحماس، فهذه السنة اعتقل حتى الآن 250 خلية. هذه القفزة ليست صدفة. فالفكرة التي توجه حماس ـ والتي تعتاد إسرائيل العيش معها ـ هي تدمير السلطة، والمس بإسرائيل والوصول إلى تسوية في غزة. ومن ناحيتها ليس هناك أي تناقض. كلما ارتفع عدد الخلايا والمحاولات لتنفيذ العمليات يرتفع الاحتمال في أن تنجح عمليات أكثر في الخروج إلى حيز التنفيذ. وتفيد المعطيات بأن الثقوب في شبكة جهاز الأمن لم تتسع أو تضعف، ولكن كمية السمك أكثر بكثير. فإذا كان أحبطت في العام 2017 نحو 400 عملية ذات مغزى (اختطاف، انتحار، إطلاق نار وعبوات)، فقد أحبطت هذه السنة 530 عملية، كل واحدة منها كان من شأنها أن تنتهي بعشرات المصابين.
إن عملية إطلاق النار في عوفرا أول أمس هي قطعة أخرى في لوحة الفسيفساء لصورة «الإرهاب» هذه، الآخذة في التثاقب. وفي خلفية تحذير رئيس المخابرات ورئيس الأركان ثمة تقويم للوضع يقول: إن السلطة الفلسطينية في حالة عميقة من الضعف. فليس أمر السلطة اليوم في عشية تبديل للحكم فحسب، بل ليس في يدها أيضاً أي إنجاز يمكنها أن تعرضه لجمهورها ـ وهكذا فإنها تفقد الشارع.
تعد السلطة في نظر الجمهور الفلسطيني جسماً عاجزاً، بخلاف حماس، غير قادر على الضغط على إسرائيل، وحكومة إسرائيل تفعل كل شيء كي يسير هذا الميل إلى التعمق فقط. حين تضعف السلطة تضعف أجهزتها الأمنية، وحين تفقد هذه قوتها تدخل حماس بكامل قوتها إلى الفراغ وتوفر الوقود للطاقات الهدامة التي تعتمل في الميدان. العملية في عوفرا تذكير آخر بذلك، سننساه يوم غد.
يديعوت
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews