تجاوز نتنياهو العاصفة والمنازلة مقبلة مع باراك
أحرز رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نصراً صريحاً على ثلاثة من خصومه السياسيين الذين حاولوا إسقاط تحالفه الحكومي عن طريق التلويح بانتخابات تشريعية مبكرة، وذلك على الرغم من أنهم أعضاء بارزون في الحكومة الراهنة. بدأ الجولة وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، الذي استقال من منصبه احتجاجاً على قبول وقف إطلاق النار مع حركة المقاومة الفلسطينية، حماس. الثاني كان نفتالي بينيت، وزير التعليم ورئيس حزب «البيت اليهودي»، الذي وضع التحالف الحكومي أمام واحد من خيارين، فإما أن تُسند إليه حقيبة الدفاع، أو يستقيل ويتسبب بذلك في انتخابات مبكرة. الثالثة كانت أيليت شاكيد، وزيرة العدل والقيادية في «البيت اليهودي» أيضاً، والتي أعلنت التضامن مع بينيت ولوحت بالاستقالة.
انتصار نتنياهو كان حاسماً على الثلاثة معاً، إذْ سارع إلى تولي وزارة الدفاع بنفسه فأحرج بينيت حين ألقى خطبة لاهبة من مقرّ وزارة الدفاع، أشاع خلالها أجواء الحرب، وأنذر بأن إجراء انتخابات مبكرة في هذه «الفترة الأمنية المعقدة» يعتبر خياراُ «غير مسؤول». صحيح أنه لم يذكر غزّة واتفاقية التهدئة التي تطبخها المخابرات العامة المصرية على نار هادئة ضمن تفاصيل التعقيدات الأمنية، إلا أن ما أغفله عن سابق قصد كان أشد وضوحاً من أن يخفى على سامعيه. وهكذا لم يجد زعيم «البيت اليهودي» بداً من التراجع عن الإنذار الثنائي وقبول الهزيمة المعلنة، فحذوت حذوه زميلته في الحزب والحكومة وطوت فكرة الاستقالة.
لافت إلى هذا أن خطبة نتنياهو من مقر وزارة الدفاع كانت، من جانب آخر، أقرب إلى الخطبة الأولى في حملته الانتخابية المزدوجة، كرئيس للحكومة وزعيم لحزب الليكود. لقد صرف الجزء الأول في الحديث عن تاريخه العسكري وخاصة ضمن صفوف وحدة الاستطلاع، ساعياً إلى الإيحاء بأنه ليس رئيس حكومة بلا تجربة عسكرية، وأنه لهذا يمكن أن يكون مفوضاً في التوصل إلى اتفاقيات تهدئة على جبهة قطاع غزة. كذلك أوحى بأنه ليس أول رئيس وزراء يتولى حقيبة الدفاع، وهذا صحيح بالطبع في كيان عسكري الطابع والتكوين، إذْ سبقه إلى الوزارة دافيد بن غوريون وليفي إشكول ومناحيم بيغن وإسحق رابين وإيهود باراك.
لافت، ثانياً، أن تمسك نتنياهو بالدفاع لا يستهدف معالجة المأزق الحكومي الذي كاد أن يخلقه ليبرمان وبينيت فقط، ولا تلميع صورته كسياسي عسكري قوي البأس، بل كان ثمة هدف آخر ضمني هو استباق منافسه الأبرز في انتخابات المقبلة، سواء جرت في آذار/مارس المقبل، وهو المرجح أكثر، أو في خريف 2019 حسب موعدها الطبيعي. ففي ظل غياب قيادات حزبية قادرة على منافسته، سواء من داخل الائتلاف الحكومي أو المعارضة، أمثال آفي غاباي أو يائير لابيد أو تسيبي ليفني أو موشي كحلون، فإن رئيس الوزراء الأسبق إيهود باراك يبدو اليوم الأوفر حظاً لإنزال نتنياهو عن عرش يتربع عليه منذ سنة 2009.
صحيح أن أشباح قضايا الفساد والرشوة تحوم فوق رأسه، ولكن شعبية نتنياهو الراهنة لا تهددها مناورات قاصرة يديرها ليبرمان أو بينيت، وبالتالي يحتاج الأمر إلى باراك، «الجنرال الأكثر أوسمة» في تاريخ دولة الاحتلال.
القدس العربي
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews