لا أحد يملك هذا الحق

حين تأهلت مصر الكروية للمرة الثانية فى تاريخها للمونديال عام 1990 فى إيطاليا.. كان من السهل جدا أن يقرر المدرب الكبير والقدير الراحل محمود الجوهرى إلغاء الدورى العام تلك السنة حتى يتفرغ المنتخب المصرى للاستعداد للمشاركة فى المونديال.. ولم يكن الجوهرى وقتها يقوم بحدث استثنائى غير مسبوق لم تعرفه الكرة المصرية من قبل.. فالدورى العام بدأ فى مصر عام 1948.. واجتهد الجميع بمنتهى الحرص والحماسة والفرحة على إنهاء الموسم الأول للمسابقة بنجاح وانتظام.. ثم كان الموسم الثانى أكثر نجاحا وجماهيرية من الموسم الأول.. وكان الثالث أفضل وأقوى من الموسم الثانى.. وبفضل هذا الدورى أصبحت الكرة فى مصر لعبة للمتعة والفرجة ولم تبق هى لعبة الإنجليز ولم يعد الفوز على الإنجليز هو المعيار الوحيد لقياس القوة الكروية لأى فريق أو ناد مصرى.. فالمصريون بدأوا يلعبون معا.. بدأوا يعيشون دراما كروية جديدة ومختلفة تماما عما اعتادوا عليه قبل هذا الدورى.. وعلى الرغم من ذلك.. لم يجد اتحاد الكرة عام 1951 أى مشكلة أو حرج فى إلغاء الموسم الرابع استعدادا للمشاركة فى دورة هلسنكى الأوليمبية.. لم يحترم أحد هذا الدورى بعد كل ما حققه من مكاسب للكرة المصرية فنيا واقتصاديا واجتماعيا وإعلاميا وجماهيريا.

وأصبح هذا القرار بالإلغاء سابقة أولى ستتكرر كثيرا فيما بعد.. وتم بالفعل إلغاء المسابقة فى مواسم أخرى لأسباب مختلفة.. ولم يكن هناك من يعترض أو يستنكر هذا الاستخفاف بمسابقة بحجم الدورى العام.. لكن السنين الطويلة التى جرت والظروف والحسابات كلها التى تغيرت.. بات معها من الصعب للغاية الغاء هذا الدورى مرة أخرى.. فهناك عقود رعاية بأرقام ضخمة لن يلتزم بها الرعاة إذا تم الغاء الدورى.. وهناك عقود لبيع حقوق البث التليفزيونى لمباريات الموسم الذى إن تم إلغاؤه فمن حق المشترين المطالبة باسترداد أموالهم.. وهناك أيضا ضرورة التزام الأندية كلها بتعاقداتها مع لاعبيها وأجهزتها الفنية والإدارية والطبية رغم الإلغاء.. والعالم الذى أصبح قرية صغيرة سيمنح الأندية الحق فى الاحتجاج لدى الفيفا والمكالبة بالتعويض إن لم يكن سبب الإلغاء قهريا.. وكل ذلك لا يجعل هذا الإلغاء قرارا سهلا يتخذه مسؤولو اتحاد الكرة وهم لا يتوقعون معارضة وصراخا واحتجاجا عنيفا لأنه صعب جدا إلغاء دورى يقام أصلا بدون جمهور.

المصري اليوم