Date : 26,04,2024, Time : 03:40:00 PM
4029 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الجمعة 07 ربيع الأول 1440هـ - 16 نوفمبر 2018م 12:37 ص

لعبة موسكو في أفغانستان: هل يثأر بوتين من بريجنسكي؟

لعبة موسكو في أفغانستان: هل يثأر بوتين من بريجنسكي؟
صبحي حديدي

مبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أفغانستان يدعى زامير كابولوف، ومبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البلد ذاته يدعى زلماي خليل زاد؛ وحروف الـZ والـK، في الأبجدية اللاتينية ليست وحدها القواسم المشتركة بين المبعوثَين، غنيّ عن القول، إذْ ثمة الأهمّ: كلاهما يصنّف حركة طالبان الأفغانية في عداد التنظيمات الإرهابية، وكلاهما مع ذلك يعقد مفاوضات معها؛ علنية بالنسبة إلى كابولوف، في موسكو؛ وسرّية عند خليل زاد، في العاصمة القطرية الدوحة. الأوّل، من جانب آخر، يذكّر زميله بأنّ «الغرب خسر حربه في أفغانستان»؛ والثاني لا يقول العكس، ربما من باب كبرياء القوّة العظمى التي يفاخر رئيسها الحالي بأنه يجعلها أعظم كلّ يوم!
وكما هو معروف، رعت موسكو مؤخراً جولة ثانية من «مباحثات سلام»، لم يكن لها من اسمها نصيب، بالنظر إلى اشتراطات حكومة الرئيس الأفغاني أشرف غني؛ الذي لم يكن، مع ذلك، ضدّ هذه الرعاية الروسية في البدء. الطالبان، من جانبهم، لم يترددوا في الحضور، إذْ ثمة تقارير تحدثت عن ارتقاء علاقتهم مع موسكو إلى مستوى الحصول على أسلحة روسية متطورة، بالإضافة إلى حرصهم على توجيه رسالة إلى واشنطن مفادها أنّ البديل الروسي أكثر من ممكن. وأمّا لعبة الكرملين فإنها أشدّ وضوحاً من أن تحتاج إلى استقصاء، فهي تدخل في باب اختراق ما يمكن اختراقه من ملفات أمريكية هنا وهناك في العالم، بالإضافة إلى دفع الحلف الأطلسي إلى مزيد من الارتباك على الأراضي الأفغانية.
من جانب آخر، لم يكن بغير مغزى جيو ـ سياسي عريض، إقليمي ودولي في الواقع، أنّ موسكو تقصدت دعوة ممثلي 11 دولة للمشاركة في هذه الجولة الثانية، فحضرت وفود أفغانستان والباكستان وطاجكستان وتركمانستان وأوزباكستان وكازخستان وقرغيزستان، بالإضافة إلى الصين وإيران والهند، والوفد الأمريكي الذي اتخذ صفة مراقب. الرسالة، هنا أيضاً، أشدّ وضوحاً من أن تغيب عن إدراك واشنطن: هذه مسألة أمن واسعة النطاق على امتداد شرق آسيا، وهي بالتالي عابرة للداخل الأفغاني، وأبعد عاقبة من حدود التناطح الروسي ـ الأمريكي في إطار استئناف صيغة جديدة من الحرب الباردة القديمة. ولكي تكتمل هذه الرسالة، المضمرة جزئياً، توجب على المبعوث الروسي كابولوف أن يعلن قرب وصول زميله المبعوث الأمريكي خليل زاد إلى موسكو، حين سيصبح اللعب بعدئذ على المكشوف!

فإذا نجح بوتين في إدارة، ناجحة على أي نحو، لمقامرته الثالثة الوشيكة، بعد الأولى في أوكرانيا والثانية في سوريا؛ فإنه، في أفغانستان، سوف يبدو أشبه بمَنْ يردّ الصاع (السوفييتي، والحقّ يُقال، لأنه سليل «الجيش الأحمر» واستخبارات الـKGB)، بصدد الهزيمة النكراء التي أخرجت السوفييت من أفغانستان، تحت ضغط تلك «الصناعة الجهادية» التي استنبط مفهومها وأشرف على هندستها زيغنيو بريجنسكي، مستشار الأمن القومي خلال رئاسة جيمي كارتر. وفي حوار شهير نشرته أسبوعية «لونوفيل أوبزرفاتور» الفرنسية سنة 1998، كان بريجنسكي قد اعترف بأنّ البيت الأبيض هو الذي استدرج السوفييت ودفعهم إلى خيار التدخّل العسكري، وذلك بعد انكشاف مخططات المخابرات المركزية الأمريكية لتنظيم انقلاب عسكري في أفغانستان. وحول ما إذا كان يندم اليوم على تلك العملية، ردّ الرجل: «أندم على ماذا؟ تلك العملية السرّية كانت فكرة ممتازة. وكانت حصيلتها استدراج الروس إلى المصيدة الأفغانية، وتريدني أن أندم عليها؟ في يوم عبور السوفييت الحدود رسمياً، كتبت مذكرة إلى الرئيس كارتر أقول فيها ما معناه: الآن لدينا الفرصة لكي نعطي الاتحاد السوفييتي حرب فييتنام الخاصة به».
وفي ورقة بعنوان «الدول الماركسية ـ اللينينية الجديدة والصراع الداخلي في العالم الثالث»، كُتبت سنة 1985 بتكليف من مؤسسة «راند» الأمريكية، كان فرنسيس فوكوياما (دون سواه!) قد اعتبر أنّ أفغانستان هي البؤرة الأهمّ بين جميع المراكز المناهضة للشيوعية (أو «حركات التحرّر الوطني» كما كان يحلو له وصفها). لكنّه اعترف بأنّ البلد يتّصف بشخصية إسلامية شديدة المحافظة، «في عالم يشهد صحوة إسلامية لا سابقة لها». وإذا كانت صفة المحافظة تلك تطبع العديد من الدول الإسلامية الحديثة، فإنّ «قلّة قليلة من هذه الدول ما تزال على هذه الدرجة من التداخل القَبَلي والنأي عن الثقافة الحديثة».
فيما بعد، انتصرت «حركة التحرر الوطني» الفوكويامية، وسقطت كابول وسط هتافات «المجاهدين» وغبطة ضبّاط المخابرات المركزية الأمريكية وضبّاط المخابرات الباكستانية وضبّاط الجيش الأحمر على حدّ سواء. في الظلّ، غير بعيد عن هذا الخليط، وعن حشود تهتف لأمثال برهان الدين رباني وأحمد شاه مسعود وقلب الدين حكمتيار، كانت ميليشيات الطالبان تتوالد كالفطر، وتكتسب دينامياتها الخاصة اعتماداً على منطق آخر؛ كان بدوره دينياً وقبائلياً وإثنياً، ولكنه اكتسب سريعاً صفة خاصة عجيبة: أنه، في آن معاً، الثورة (على أمراء الحرب والإقطاع السياسي والتبعية للمخابرات الأمريكية والباكستانية…)، والثورة المضادة ( ضدّ المجتمع والعصر والمرأة والحياة بأسرها).
اليوم يحتل الطالبان الموقع المركزي في التفاوض بين واشنطن وموسكو، على نحو غير مباشر بالنسبة إلى الأمريكي خليل زاد (ولكن إلى حين، حيث سيتطلب الأمر الخروج من الغرف المعتمة إلى رابعة النهار)؛ وعلى نحو مباشر بالنسبة إلى الروسي كابولوف (الذي يمزج التباهي إزاء ما تمّ إنجازه في الجولة الثانية، بالشماتة إزاء ارتباك خيارات البيت الأبيض بين وعد ترامب بالانسحاب وضغط البنتاغون للبقاء والتوسع). واليوم لا يتردد
ذبيح الله مجاهد، الناطق باسم طالبان، في اشتراط الانسحاب الأمريكي من أفغانستان قبل أيّ تعامل مع حكومة الرئيس الأفغاني؛ وذلك بعيد دقائق معدودات من لقاء جمع خليل زاد مع قيادات طالبانية في الدوحة.
ولعلّ أولى علائم اقتناع بوتين بجدوى الدخول في مقامرة ثالثة، أفغانية، هو مسلسل انحناء الولايات المتحدة أمام العواصف المتلاحقة في هذا البلد؛ والتي تكثفت على نحو باتت فيه أقرب إلى إعادة إنتاج ورطة الجيش الأحمر السوفييتي ذات يوم: مستنقع حروب العصابات، وحروب الطوائف، وحروب القبائل. ذلك لأنّ أفغانستان تلك الحقبة، مثل معظم خصائص أفغانستان ما بعد حكم الطالبان والكثير من خصائصها اليوم، لم تكن تبدو مختلفة كثيراً عن أفغانستان ما بعد انسحاب السوفييت في عام 1989. إنها، بصرف النظر عن مظاهر الشكل، رهينة منطق الإمارات المبعثرة القائمة على ولاءات إثنية وقبائلية أكثر من أيّ خطوط إيديولوجية وتيّارات حزبية؛ وعلى تجارة المخدّرات والسلاح، أكثر من أيّ اقتصاد وطني أو حتى عائلي.
ذلك استوجب إعادة طرح الأسئلة التي خُيل لأمثال بريجنسكي أنّ «الصناعة الجهادية»، وانسحاب الاتحاد السوفييتي، وسقوط نظام نجيب الله، تكفلت بحسم الإجابات عليها، مرّة وإلى الأبد. ولكن… أيّ أفغانستان كان يريد «العالم الحرّ» بعد سقوط أنظمة نجيب الله ورباني والطالبان؟ وأي أفغانستان يريد اليوم (أو بالأحرى: تريد أمريكا، ويريد الحلف الأطلسي)، إذْ تعود مجموعات الطالبان إلى الواجهة مجدداً؛ ليس من بوّابة الأمن فحسب، بل من بوّابة المعادلات السياسية الداخلية أيضاً؟ وكيف لا يجيز المرء الرأي القائل بأنّ دخول واشنطن في حوار تفاوضي مع الطالبان، هو بمثابة إقرار صريح بأنّ الذي انتصر حتى اللحظة هم الطالبان، وليس كرزاي أو «تحالف الشمال» أو أيّ من أحزاب أو ميليشيات أو قبائل البشتون والطاجيك والأوزبك والهزارة؟
واستطراداً: هل يسجّل بوتين، بالفعل، أولى بشائر الفوز في المقامرة الثالثة؟

القدس العربي 




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :

اضف تعليق

مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد