أي «تهدئة» يريدها نتنياهو؟
محاولة الاختطاف التي نفذتها وحدة خاصة من قوات الاحتلال شرق خان يونس، مساء الأحد الماضي، واستهدفت قيادياً في كتائب القسام، انتهت إلى الفشل بالرغم من أنها أوقعت سبعة من الشهداء بينهم القيادي (نور الدين بركة)، وسبعة من الجرحى. (وقتل ضابط إسرائيلي )، لكن الأهم في ما حملته من دلالات ودروس أنها أوضحت جانباً أصيلاً في سلوك القيادة «الإسرائيلية»، وهو الكذب والخداع. ففي الوقت الذي سمح فيه رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو بإدخال الدولارات القطرية إلى غزة، وكأنه يدلل على رغبته «الصادقة» في التوصل إلى «التهدئة»، كان يخطط لعملية خطف القيادي القسامي! بمعنى أنه لا يمكن تصديق نتنياهو وزبانيته، بصرف النظر الآن عن «مشروعية» التفاهم معه على أي شيء. والحذر من هؤلاء لا يكفي، لأن سياستهم كلها تتلخص في القتل وفي الكذب الذي لا بد أن يؤدي إلى القتل، ولا شيء غير ذلك.
لقد ادعى الناطقون باسم الجيش وباسم نتنياهو، بعد افتضاح العملية الفاشلة، أن الغرض منها «لم يكن القتل أو الخطف»، لكنهم قالوا أيضاً إن الغرض كان «التعامل مع التهديدات الأمنية التي تتعرض لها دولة إسرائيل»! وليس لهذه العبارة معنى سوى «القتل أو الخطف»! فما معنى وكيف يكون «التعامل مع التهديدات التي تتعرض لها دولة «إسرائيل»»؟ وعلى سبيل الخداع مثلاً، تقرر أن تتم العملية ونتنياهو خارج البلاد، وبعد موافقته على إدخال الدولارات القطرية إلى غزة، وبعد حديث عن اقتراب التوصل إلى اتفاق تهدئة في غزة! وكانت مصادر الجيش قد قالت بعد فشل العملية، إنها مقررة منذ مدة. فلماذا تمت في هذا الوقت بالذات؟ ونظراً لأهمية ما كانت القيادة «الإسرائيلية» تنتظره من العملية، وبعد انكشافها وفشلها، قطع نتنياهو زيارته لفرنسا وعاد فوراً إلى تل أبيب، ليعقد بعد ساعات اجتماعاً مع قياداته الأمنية والبحث في نتائج العملية.
ذلك يعيدنا إلى السؤال: ماذا وأي تهدئة يريد نتنياهو؟
لقد بات واضحاً أن فصل غزة عن الضفة الغربية هو الهدف من كل السياسة «الإسرائيلية» تجاه القطاع، ليسهل بعد ذلك، ولو مع الوقت وبشكل تدريجي، «إلغاء» المقاومة وسلاحها، وهو ما يسهل التصرف بعد ذلك أكثر بالضفة الغربية وتنفيذ ما يخططون له بشأنها. لكنه في هذه الأثناء، وحتى يتحقق ذلك، ستظل قوات الاحتلال جاهزة لتقليم أظافر كل من يفكر في مقاومة الاحتلال وخططه. هذا «السيناريو» يؤكد أن «التهدئة» التي يريدها ويسعى إليها نتنياهو وعصابته ليست سوى «ثغرة» تفتح في جدار الصمود الذي مثلته غزة طيلة السنوات الماضية، لتنفذ منها المؤامرة الكبرى على الشعب الفلسطيني كله، والحرص الذي تظهره الجهات التي تحث (حماس) على توقيع اتفاق التهدئة يظهر أنها تعرف ذلك جيداً. ولا غرابة أن تنشط تلك الجهات فور سماعها أخبار العملية «لوقف إطلاق النار»، «لمنع التصعيد، داعية الجميع لضبط النفس»!
هذا التصور لا يبالغ ولا يتجنى، ففي آخر كلمات قالها نتنياهو، في مؤتمر صحفي عقده في باريس قبل العملية بيوم واحد شاهد عليه.
قال نتنياهو: هدف الحكومة هو «إعادة الأوضاع في غزة إلى ما كانت عليه قبل 29 آذار/ إبريل (أي قبل بدء مسيرات العودة في 30 آذار)، تفادياً لحرب جديدة»! ودون مواربة أضاف: إنه «لا يوجد حل سياسي مع غزة، كما هي الحال مع داعش»، و«لا أستطيع التوصل إلى تسوية سياسية مع أيديولوجية تسعى إلى تدميرنا»، مؤكداً ومبرراً جرائمه: «الشيء الذي يمكنني القيام به هو الاحتلال والبقاء، أو استخدام القوة المفرطة» !! وما دامت هذه هي الحال، فإن ما يقبله وما يوافق عليه ليس سوى خطوات لتحقيق الأهداف التي لا تتغير، ومتى كان الاحتلال بدون القوة المفرطة. وهو يقول صراحة: «طالما حماس هي المسيطرة في غزة، فإن أفضل ما يمكن التوصل إليه هو تهدئة»... فأي تهدئة هذه، وهل وصلت الرسالة إلى (حماس)؟
الخليج
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews