Date : 29,03,2024, Time : 02:01:47 PM
4501 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الأربعاء 13 صفر 1440هـ - 24 أكتوبر 2018م 12:26 ص

الجانب المضيء في حكاية دونالد ترامب

الجانب المضيء في حكاية دونالد ترامب
مدى الفاتح

حظي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بقدر كبير من السخرية، التي لم تبدأ بعد دخوله البيت الأبيض، بل كانت حاضرة منذ ظهر اسمه كمرشح محتمل للرئاسة. مقابل هيلاري كلينتون السياسية الوقورة والمتمكنة بدا ترامب هزلياً، وفي كثير من الأحيان بذيئاً. جعله كل ذلك في موضع الانتقاد على مستوى بيوتات التحليل ووسائل الإعلام، التي كان أغلبها يستبعد فوزه بالرئاسة، بل لا يأخذ ذلك الترشح على محمل الجد.

بعد فوز الرئيس ترامب شعر كثيرون داخل الولايات المتحدة وخارجها بالصدمة. في ظاهرة غير مسبوقة خرج آلاف المواطنين في تظاهرات عمت ولايات مختلفة، رافضة نتيجة الانتخابات التي أتت برجل لم يكن يرونه يصلح رمزاً لبلادهم.

تولدت منذ ذلك الوقت حالة من الانقسام في المجتمع الأمريكي، ما تزال مظاهرها واضحة ومتنامية، لكن، لأن الديمقراطية خط أحمر بالنسبة للمؤسسات الأمريكية، فقد كان من الصعب تقويض نتيجة الانتخابات المعلنة، التي يجب على الجميع احترامها، لذلك فقد وجد الحديث عن مؤامرة روسية وتدخل خارجي في الانتخابات الرئاسية رواجاً كبيراً على مستويات التحليل والإعلام. رغم أن جميع الأدلة لم تكن قوية بما يكفي لترقى لدرجة إقامة إدانة قانونية أو إثبات حالة من التخابر مع دولة أجنبية، إلا أن هذا التشكيك مثّل تنفيساً جيداً، وخلق حالة من الأمل في التغيير، كونه الوسيلة الوحيدة التي يمكنها أن تؤدي لنزع الشرعية عن الرئيس المنتخب.

حتى اليوم ما تزال هذه القضية التي تشكك في نتيجة الانتخابات مفتوحة، وإن كانت قد أخذت وقتاً أكثر من اللازم، لدرجة أنها فقدت حيويتها، ولم يعد متابعوها يحظون إزاءها بالحماس ذاته. في المقابل فإن دونالد ترامب لم يبدر عنه ما يدل على أنه بصدد تغيير طريقته في النظر للأمور، فهو ما يزال يتمتع بقدرة خاصة على ذكر ما يؤمن به، بدون تغليف دبلوماسي، الأمر الذي يصل في بعض الأحيان درجة استخدام عبارات قد يراها البعض غير لائقة بالصدور عن رئيس لدولة محترمة، كرأيه في القارة الإفريقية، أو ذهابه إلى ما معناه أن المكاسب الاقتصادية أهم من حقوق الإنسان. بهذا الشكل وباستخدام معجم فريد من العبارات الخادشة والمفتقرة للياقة، ما زال الرئيس الأمريكي ترامب يخلق بدون اكتراث سلسلة من الأزمات والتعقيدات التي لم يكن أسلافه ليقعوا فيها، ما جعله يظهر بشكل معادٍ، ليس فقط لبعض الدول والمنظمات الدولية التي كانت بلاده لوقت طويل طرفاً مهماً فيها، ولكن أيضاً لبعض الأقليات والمؤسسات الأمريكية الداخلية الرئيسة.

لا يمكن اليوم إحصاء عدد المقالات والبرامج الناقدة، أو الساخرة التي تناولت بشكل أو بآخر شخصية الرئيس الأمريكي. مواد مختلفة ومتنوعة وبجميع لغات العالم تقريباً. انتقاد ترامب لم يقتصر على الخارج، أو على المؤسسات الأمريكية المنافسة، بل وصل ذلك لداخل الحزب الجمهوري نفسه، ولعمق مؤسسة الرئاسة التي كان بعض أركانها يرون أن سياسات ترامب المتهورة تضر بالمصلحة الأمريكية على المدى البعيد، وهو التطور الذي أدى لدخول ترامب في صراعات داخلية مع بعض رفاقه، الذين أتى هو بهم قبل أن ينقلب عليهم بشكل مفاجئ.  تسبب كل هذا في موجات متصلة ومتسارعة من الإحلال والإبدال في أكثر المواقع القيادية أهمية وفي وقت محدود.

مستمداً عنوانه من الإنجيل، ومن العبارة التي سبق أن استخدمها الرئيس ترامب نفسه، وهو يخاطب رئيس تركيا، قام مايكل وولف، الكاتب في صحيفة “نيويورك تايمز”، بوضع كتابه الذي حاول أن يناقش فيه كل تلك الإشكاليات السابقة عبر تتبع حالات لما سماه الصراع المخفي داخل البيت الأبيض. “نار وغضب” كان اسم الكتاب الذي اشتهر وجاب الآفاق خلال أيام معدودة، والذي تميز بكونه بني على لقاءات حصرية بموظفين داخل البيت الأبيض، بحثاً عن وجهات النظر المختلفة وعن الطريقة الحقيقية التي تدار بها السياسة الأمريكية.

كانت الحقائق التي أوردها مايكل وولف مزلزلة وصادمة، ما استدعى تشكيكاً وتكذيباً من قبل الرئيس الأمريكي نفسه وعدد من المقربين منه. وقائع الكتاب وإن كانت قد عنيت  في المقام الأول بكشف الطريقة التي تسير بها الأمور، وتتخذ بها القرارات داخل البيت الأبيض، إلا أنها كذلك فضحت عدداً من الأسرار الخاصة بخطط الإدارة الأمريكية، ورؤيتها لعدد من القضايا الدولية، كالاحتلال الصهيوني والعلاقة مع روسيا وغيرها.

“النار والغضب” لم يكن الكتاب الوحيد الذي حمل انتقادات “حساسة” للرئيس الأمريكي وطريقة حكمه، وإن كان من أكثر الكتب انتشاراً بفضل ما حظي به من دعاية، أوحت بأنه سيؤدي لتقويض السلطة وسحب الثقة من الرئيس، فقد ظهرت بعده مجموعة من الكتب التي سارت على الطريق ذاته، التي كان على رأسها كتاب “الخوف” الذي أخذ صدىً واسعاً، لأن صاحبه هو صحافي الاستقصاء الأشهر بوب وودوارد، الذي قدّم المساهمة الأهم التي أدت لإسقاط الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون عام 1974 حينما فجّر قضية “ووتر غيت” الشهيرة. لكن أين الجانب المضيء وسط هذه اللوحة الفوضوية والقاتمة؟ الحقيقة هي أن هناك جانباً لا يأخذ حقه من الاهتمام عند الباحثين، الذين يساهمون في سرد وقائع هذه الحقبة الاستثنائية من تاريخ الولايات المتحدة والعالم. صحيح أن الرئيس ترامب أصبح مادة للسخرية تتغذى عليها البرامج التفاعلية والكوميدية في القنوات الأمريكية، ما يخلق حالة من الرضى لدى معارضي طريقة حكمه في الداخل، وللشعوب الأخرى التي ترى أنه يعاديها بسياسات غير عادلة، لكن الجزء الآخر من القصة الذي يجب ألا ينسى هو أن الديمقراطية التي أتت بدونالد ترامب ومنعت أي محاولات للتشكيك في شرعيته، أو لنقض مبادئ الدستور المبنية على حرية الانتخاب واحترام نتيجته، هي ذاتها الديمقراطية التي سمحت بظهور كتب مثل “النار والغضب” و”الخوف” وغيرهما مما لا يعد، من البحوث والدراسات والمقالات التي تنتقد شخص الرئيس ترامب وتشكك في صلاحيته للحكم، أو حتى في قدراته العقلية. لم تملك مؤسسة الرئاسة، على تجبرها، أن تقوم بأي رد فعل مخالف للدستور الأمريكي ضد هؤلاء الكتاب، سوى الرد على الاتهامات عبر التكذيب أو التغريدات التي يقوم بها ترامب نفسه. حتى حينما بدأت ممثلة إباحية بالترويج لكتابها الذي يحكي قصتها مع الرئيس ترامب لم يتعرض لها أحد، ولم يملك الرئيس نفسه ومستشاروه، أي حيلة إزاء ذلك سوى التهديد باللجوء إلى القضاء، وهو الإجراء الذي يكفله القانون لأي مواطن عادي.

ما تزال وسائل الإعلام الأمريكية الشهيرة، التي سماها ترامب وأعلن كراهيته لها واصفاً إياها بالكذب، تعمل بدون أن يصادر صوتها أحد، وبدون أن تغير من لهجتها الحادة والناقدة لكل ما تراه أخطاء رئاسية، وما يزال الكتاب ورسامو الكاريكاتير ومذيعو برامج التوك شو يواصلون مهمتهم في جعل الرئيس الأمريكي مادة للدعابة والسخرية، بدون أن تتم مضايقتهم أو أن يعترض طريقهم أحد.

حتى تكون رؤيتنا متكاملة يجب أن نذكر هذا الجانب الذي يمثّل الوجه الآخر للحكاية ونحن نتحدث عن هذه الحقبة الترامبية من التاريخ الأمريكي.

القدس العربي 




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :

اضف تعليق

مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد